القطاع غير الربحي وتحديات الوصول إلى مستهدفات الرؤية

القطاع غير الربحي يعتبر أحد عناصر المتغيرات في رؤية السعودية 2030م، التي تتطلع إلى زيادة مساهمته في الاقتصاد لتصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي تقرير صدر لهيئة الإحصاءات العامة بخصوص القطاع غير الربحي في السعودية، أظهرت الإحصاءات نموا ملحوظا في إيرادات القطاع غير الربحي لعام 2023م لتصل إلى 33% مقارنة بعام 2022م، وقد حقق إجمالي إيرادات تتجاوز 54 مليارا مقارنة بأكثر من 40 مليارا لعام 2022م. وبالنظر إلى المعطيات الخاصة بعام 2019م نجد أنها كانت 24 مليار ريال، ما يعني أن النمو في الإيرادات تجاوز الـ100%، ما يعني أن هناك نموا قويا لهذا القطاع المهم وأحد الركائز التي تعزز من الاستدامة للاقتصاد في السعودية.

القطاع غير الربحي بالأرقام الحالية ما زال يحتاج إلى كثير من العمل رغم الإنجازات الكبيرة التي تحققت، إلا أن رؤية السعودية 2030م طموحة وتتطلع إلى وصول نسبة مشاركة القطاع غير الربحي إلى 5%، في حين إنه بالأرقام الحالية قد يصل إلى أقل من 1.5% خصوصا أننا يمكن أن نشهد نموا في الناتج المحلي للسعودية في الفترة المقبلة، ما يعني أن هذا القطاع يحتاج إلى مضاعفة الجهود للوصول إلى الأرقام المستهدفة.

إحدى أهم الركائز للقطاع غير الربحي هي مسألة الإيرادات وكيف يمكن تنميتها إضافة إلى الكفاءة في النفقات التشغيلية، وأهمية التركيز في المرحلة الحالية على الاستثمار وقطاع الأوقاف الذي يمكن أن يعزز من حجم الإيرادات ويحقق لها الاستدامة، حيث إن الاعتماد بصورة كبيرة على التبرعات قد يؤدي إلى تذبذب الإيرادات باعتبار أن الحافز للتبرع قد يتغير بحسب الظروف المختلفة، مع أهمية هذا المورد باعتبار أنه يمثل مشاركة المجتمع في نمو إيرادات القطاع غير الربحي.

في الفترة الحالية، تحفز المتغيرات الكبيرة في البيئة التشريعية على الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بما في ذلك طرق متنوعة لتنويع الإيرادات من خلال بناء محافظ متخصصة لمؤسسات غير ربحية في القطاعات المختلفة سواء في التعليم أو الصحة أو الخدمات الاجتماعية المختلفة.

التقنية المالية يمكن أن يكون لها دور كبير في تعزيز الإيرادات للمؤسسات غير الربحية، حيث نلاحظ أن منصة إحسان مثلا أسهمت بصورة كبيرة في نمو الإيرادات للمؤسسات غير الربحية في مجالات مختلفة، وهذا فيما يتعلق بالتبرعات المباشرة من المجتمع، ويمكن أن تتوسع هذه التجربة إلى أن تكون هناك منصات مشابهة لصناديق خاصة بهذه المؤسسات، بغرض استثمار هذه الإيرادات من خلال أوقاف تدر دخلا على المؤسسات غير الربحية مع تقديم مجموعة من الخيارات للجهات والأفراد.

أحد التحديات التي يمكن دراستها هو وجود عدد كبير من الكيانات غير الربحية التي تمارس نشاطا واحدا أو متقاربا، وهذا قد تكون فيه تكلفة عالية في حال استمر عمل هذه المؤسسات دون تنسيق يعزز من تخفيض التكلفة التشغيلية، بحيث يمكن أن يكون هناك دمج لبعض مهام تلك المؤسسات لتسهيل مجموعة من الأعمال المشتركة والمتشابهة وتخفيض بعض التكاليف التشغيلية وزيادة في كفاءة عمل العاملين وتدريبهم بما يعزز من كفاءة عمل المؤسسات غير الربحية.

فالخلاصة أن ما تحقق للقطاع غير الربحي خلال الفترة القصيرة الماضية كبير جدا باتجاه الوصول إلى مستهدفات رؤية السعودية 2030م، إلا أن التحدي أيضا كبير وبحاجة إلى عمل غير تقليدي للوصول إلى المستهدفات، بتعزيز وتنويع الإيرادات وتنمية الموارد البشرية والمالية وكفاءة التشغيل في هذا القطاع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي