الأثر التنظيمي لوثيقة التأمين على قطاع البناء

يعرف التامين بشكل عام بأنه وسيلة تحمي المؤمن له من المخاطر التي قد تحدث له، من خلال عقد يبرمه مع أطراف أخرى، كشركات التأمين المتخصصة بهذا المجال ومن في حكمها، والتأمين مشتق من الأمان الذي يعد ضد الخوف، ونشأت عمليات التأمين منذ مئات السنين، وتطورت بشكل متسارع مع توسع التجارة العالمية قديما، ومنذ 5 عقود كانت هناك عدة شركات ووكالات أجنبية تقدم خدمات التأمين من خلال فروع لها بالمملكة، وفي بداية السبعينيات بدأ تأسيس عدد من الشركات السعودية في مجال التأمين، كالشركة السعودية المتحدة للتأمين وشركة البحر الأحمر وغيرها، ومع مرور الوقت وازدياد عدد شركات القطاع، كانت هناك حاجة لمتابعة ومراقبة عمل قطاع شركات التأمين، بدأت بتأسيس الأنظمة واللجان، وذلك حتى منتصف أغسطس 2023 حيث صدر قرار مجلس الوزراء رقم (85) بإنشاء هيئة للتأمين، لتكون الجهة المعنية بتنظيم قطاع التأمين في المملكة، وتهدف الهيئة إلى تنظيم قطاع التأمين في المملكة والإشراف والرقابة عليه بما يدعمه ويعزز من فاعليته، وتنمية الوعي التأميني، وحماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، واستقرار قطاع التأمين، والمساهمة في الاستقرار المالي، والعمل على ترسيخ مبادئ العلاقة التعاقدية التأمينية وأركانها.

ومع اتساع نشاط القطاع العقاري بالمملكة وارتفاع الطلب على المنتجات التجارية والسكنية، ودخول شركات عالمية ومحلية في مجال التطوير والبناء، أصدرت هيئة التأمين قبل أيام منتجاً تأمينياً إلزاميا يغطي العيوب الخفية للمباني، وهو منتج يغطي كافة العيوب في الأعمال الإنشائية، وعناصرها الواقية التي تحميها، والتي لم تكتشف أثناء المراحل الإنشائية، وتؤدي إلى ضعف المبنى، بسبب قصور في التصميم أو الفحص الفني أو المواد المستخدمة، كما تشمل أعمال العزل المائي.

وتستهدف الهيئة بقرارها الصادر عدة فئات تشمل (ملاّك الوحدات العقارية، شركات التطوير العقاري، المطّورين العقاريين، المستثمرين).

وتشمل وثيقة التأمين الإلزامية التي تغطي العيوب الخفية للمباني عدة جوانب منها: التغطية التأمينية للهيكل الإنشائي، أعمال العزل المائي، التشطيبات الداخلية والخارجية، واجهات المباني، كما أن هناك بعض الجوانب التي تصنفها الهيئة كمنتجات اختيارية يمكن إضافتها للعقد حسب رغبة المستفيد كالتأمين على أعمال السباكة ونحوها.

وتستهدف الوثيقة الإلزامية استدامة المباني السكنية والتجارية وبقائها لفترات أطول، وحفظ حقوق الملاّك والمقاولين المسؤولين عن المباني، كذلك تعزيز جودة المباني السكنية والتجارية من خلال حرص الأطراف المعنية على التنفيذ بشكل متقن يتماشى مع مستهدفات الوثيقة.

هذا القرار يحفظ حقوق المستفيدين والفئات المستهدفة، ويعزز من دور الشفافية في العقود ويدعم التنافسية من خلال تقديم خيارات متعددة للمستفيدين كتنوع الخدمات والأسعار، ما يسهم في اتساع حجم القطاع، الذي تشكّل فيه أقساط التأمين المكتتبة حاليا أكثر من 2% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ويستهدف قطاع التأمين تحقيق زيادة في إجمالي أقساط التأمين المكتتبة إلى 4.3% بحلول 2030، علما أن القطاع شهد نموا مركبا يعادل 7.8% خلال العشر سنوات الماضية.

كما تسهم وثيقة التأمين الإلزامية على العيوب الخفية في تقليل النزاعات بين الأطراف المعنية، وتخفض عدد القضايا الخلافية لدى الجهات القضائية، حيث تشمل الوثيقة كل المعايير المتفق عليها بشكل واضح لدى الأطراف المعنية، وتضمن لكل طرف حقه المنصوص عليه والذي يكفله له النظام بموجب الوثيقة تحت إشراف من الهيئة.

ليس ما سبق فحسب هو ما يمكن الاستفادة منه عبر قرار التأمين على العيوب الخفية للمباني، كذلك يدفع القرار الجهات المستفيدة إلى الابتكار وتطوير المنتجات التأمينية لتحقيق التنمية الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي