هل يستمر زخم الاكتتابات في السعودية خلال 2025؟
تهدف رؤية السعودية 2030 إلى تحقيق التنويع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص وتقليص الاعتماد الموارد النفطية. ويلعب سوق المال دورًا مهمًا، حيث يعمل على توفير بيئة خصبة لشركات القطاع الخاص والعام تشجعها على الدخول إلى أسواق الأسهم. وتعمل الاكتتابات على جذب مزيد من المدخرات العائلية للاستثمار، هو ما يسهم في زيادة معدل دوران النقود في الاقتصاد، وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي. الاكتتابات أيضا تعد وسيلة هامة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي مقدمتها مؤسسات المال الكبرى في العالم.
خلال عام 2024 وصل عدد الاكتتابات العامة الأولية في السعودية إلى 42 اكتتابا، موزعة بين السوق الرئيسية والسوق الموازية (نمو). لتحل بذلك السعودية في المرتبة الثامنة عالميًا من حيث عدد الاكتتابات.
عام 2024 لم يكن استثناء في طفرة الاكتتابات، فخلال الفترة من (2018-2023) وصل عدد الاكتتابات في السعودية إلى نحو 106 اكتتابات، كان في مقدمتها اكتتاب عملاق الطاقة "أرامكو" في 2019. وقد تمكنت الاكتتابات السعودية في 2024 فقط من جمع 4.3 مليار دولار، وذلك بفضل اكتتابات مهمة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية، والسلع الاستهلاكية.
رد فعل المستثمرين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات تجاه الاكتتابات العامة الأولية في السعودية كانت أكثر إيجابية. على سبيل المثال في اكتتاب مجموعة "فقيه الطبية" تم تغطية اكتتاب الأفراد بنحو 14.5 مرة. بينما في اكتتاب شركة "نايس وان" تم تغطية اكتتاب الأفراد بنحو 7.9 مرة، الأمر تكرر مع شركة "الماجد للعود" التي تم تغطية اكتتاب الأفراد بها بنحو 8.2 مرة.
حجم الطلب الكبير على الاكتتابات السعودية تأتي مدعومة بشكل أساسي بالقفزات التي تحققها أسهم الشركات في السوق. فوفقًا لمؤسسة إرنست آند يونج (EY) فقد حققت الاكتتابات السعودية متوسط ارتفاع وصل إلى 40.6% خلال 2024. متفوقة على نظيراتها في الأسواق الأوروبية والهند وهونج كونج.
وتسهم الاكتتابات في تحقيق أهداف رؤية السعودية المرتبطة بالتنويع الاقتصادي. وذلك عبر تحويل المملكة إلى وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية. فوفقًا لبيانات "تداول السعودية" وصل حجم ملكية المستثمرين الأجانب في السوق الرئيسية بحلول نهاية ديسمبر 2024 إلى 423 مليار ريال، وذلك مقارنة بنحو 401 مليار ريال خلال نفس الفترة من 2023. النمو في حجم الملكية جاء مدفوعًا بالاستثمارات التي ضخها المستثمرين في الاكتتابات الجديدة في السوق.
عام 2025 من المتوقع أن يكون حافل بالاكتتابات في السوق السعودية. حيث تستعد عديد من الشركات سواء التابعة للحكومة أو القطاع الخاص لإدراج أسهمها في السوق. سعيا منها إلى استغلال فورة الطلب على الأسهم الجديدة، بجانب أن عوائد الاكتتاب تمثل مصدرا مهما للتمويل، يكون بديلًا للاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة، الأمر الذي قد يشكل ضغطا على الهياكل التمويلية للشركات.
وتواجه الاكتتابات العامة الأولية في السوق السعودية مجموعة من التحديات التي قد تؤثر في السوق. الأول هو نقص السيولة، حيث تدفع الاكتتابات الجديدة المستثمرين لسحب الأموال من الاستثمارات في الشركات الحالية لضخها في الأسهم الجديدة بحثًا عن عوائد أعلى. يخلق ذلك ضغوطا في عمليات البيع، وبالتالي تأثير مباشر في أداء السوق.
العامل الثاني هو المنافسة المتوقعة من الأسواق الإقليمية، حيث تستهدف الأسواق في دول المنطقة مثل الإمارات وعمان لإدراج مزيد من الشركات في العام المقبل، وذلك في إطار خطط التنويع الاقتصادي. سيؤدي ذلك إلى خلق منافسة شديدة على جذب الاستثمار الأجنبي، وهو ما سيترك أثرا في الطلب، إضافة إلى السيولة في السوق.
ختامًا فقد أسهمت الاكتتابات العامة الأولية في دعم خطط التنويع الاقتصادي للسعودية. فمن ناحية جذبت الآلاف من الأفراد داخل المملكة للاستثمار وحولت مدخراتهم لخدمة الاقتصاد، كما شكلت منفذا مهما لدخول الاستثمار الأجنبي إلى السوق السعودية.