تطور المناخ العام لمنظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة

تؤدي الشركات الصغيرة والمتوسطة دورا مهما في تشكيل القاعدة الاقتصادية لأي بلد سواء كان ذلك في الاقتصاديات المتقدمة أو الناشئة، في كل مره ينظر إلى تنويع قاعدة الاقتصاد أو تعزيز سبل توفير الوظائف يتم التركيز فيها على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعزز إنتاجية رواد الأعمال وكذلك توسع قاعدة النتاج الاقتصادي لأي بلد. حظيت الشركات الصغيرة والمتوسطة منذ إطلاق برامج ومبادرات الرؤية في 2016 باهتمام مضاعف من صناع القرار في المملكة، فشهدت السعودية تطويرا شاملا في منظومة الأعمال الخاصة بالمنشآت التجارية كما عززت قاعدة البيانات الإحصائية للمنشآت والأنشطة التجارية وصولا إلى منظومة داعمة لتعزيز الطلب على المنتجات المحلية، لتصل منظومة الدعم والاهتمام إلى المشكلة الأكبر لهذه الكيانات وهي التمويل.

لم تكن الشركات الصغيرة والمتوسطة جاذبة لنظر الجهات التمويلية في السنوات الماضية لعوامل عديدة أهمها ارتفاع درجة المخاطر في الوفاء ومخاطر الاستمرار خصوصا لدى المنشآت الصغيرة، في مقابل بيئة أكثر استقرار للشركات الكبرى وبعض المتوسطة والتي تحظى بدورة رأس مال مستقرة تخفف من المخاطر الأخرى وغيرها من العوامل الفارقة المؤثرة. يعد هذا السلوك طبيعي من الممولين بالنظر إلى فكرة تجنب المخاطر أو السيطرة عليها داخل نطاق معلوم ومحدد هذا العامل والعوامل الأخرى لمبدأ التمويل أثرت في حظوظ الشركات الصغيرة في الوصول إلى قنوات التمويل فكان نصيبهم من محفظة التمويل البنكي لا تتجاوز 2% واستمرت في النمو وصولا إلى نطاق 10% ما يعد نصف الطريق للوصول إلى مستهدف الرؤية 2030 عند 20%. وجدت شركات التمويل في هذا القطاع فرصة للمنافسة لاستقطاع نصيبها من سوق التمويل وبطبيعة الحال لم تكن ذات معدلات فائدة منافسة لطبيعة وشكل الفرصة في ذلك الوقت.

مجموعة من التحديات واجهتها مبادرات التحفيز الوطنية لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة فما يخص التشريعات فعقدت سلسلة من التعديلات على التشريعات النظامية أسهمت في تيسير انطلاق الأعمال وبدايتها وإدخالها المنافسة، أما ما يخص التمويل والوصول إلى النقد فكان الأساس فيها إنشاء المبادرات الحكومية المباشرة أو عبر الصناديق وصولا إلى منصات التمويل الجماعي لتعزيز قدرة المنشآت على تنمية أعمالها والمساهمة الفاعلة في القاعدة الاقتصادية، بحسب الإحصائيات تمثل مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المحلي 21% وهذا المعدل يقل عن معدلات مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة عالميا حيث يبلغ 45% وأيضا فإن هذه المساهمة تسير في طريقها للوصول إلى المعدلات المستهدفة لرؤية المملكة 2030 والتي تهدف إلى أن يساهم هذا القطاع بـ35% من إجمالي الناتج المحلي. لفهم طبيعة أثر هذه الشريحة من المنشآت فهي تمثل بوابة ضخمة لتوفير الوظائف بمقارنة معدلات الأثر المباشر في التوظيف ففي أكبر الاقتصاديات العالمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة مسؤولة عن 67% من الوظائف في الاقتصاد وفي السعودية تؤدي هذه المنشآت دورا يمثل 53% من الوظائف الجديدة في الاقتصاد.

خلاصة القول بالرغم من كل ما نقرأه ونراه من منشآت جديدة وناشئة وأخرى تخرج عن السوق إلا أن الاقتصاد ما زال لم يصل إلى مستهدفاته فيما يخص مساهمة هذه المنشآت إلى الناتج المحلي ولم يصل الاقتصاد إلى مرحلة الاكتظاظ على وجه العموم وإنما التركز والتبعية في أنشطة دون أخرى وقطاعات دون أخرى ظاهرة موجودة تؤثر في الاستمرارية لبعض الكيانات وهذا طبيعي وخارج فكرة تعزيز مساهمتها في الاقتصاد. يضاف لذلك أن تعظيم أثر هذه المنشآت في الاقتصاد هو زيادة أيضا في حجم السوق والطلب ما يمثل إتاحة أكبر للأنشطة.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي