مخاوف من "تأثير الدومينو" .. هل تحرق نيران كاليفورنيا صناعة التأمين الأمريكية؟

مخاوف من "تأثير الدومينو" .. هل تحرق نيران كاليفورنيا صناعة التأمين الأمريكية؟

تركت حرائق كاليفورنيا التي لم تخمد نيرانها حتى الآن علامات لا تمحى على المناظر الطبيعية للولاية، لكنها ستترك أيضا آثارا يستبعد أن تندمل قريبا على بعض من أهم القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة.

تخوض صناعة التأمين الأمريكية عامة، وشركات التأمين العاملة في ولاية كاليفورنيا تحديدا، تحديا غير مسبوق في صراعها مع المطالبات المتصاعدة من قبل المواطنين الذين التهمت النيران ممتلكاتهم، وذلك في ظل تقديرات للخسائر قد تصل إلى 275 مليار دولار.

وقالت لـ"الاقتصادية"، الخبيرة في مجال تقييم المخاطر سارة نورمان: إن "حجم المطالبات الناجمة عن حرائق غابات كاليفورنيا يرهق شركات التأمين"، ما يجبرعديد منها على إعادة تقييم نماذج المخاطر وإستراتيجيات الاكتتاب.

أرجعت ذلك إلى أن الأمر لم يعد يتعلق بحوادث معزولة، وإنما بتحد منهجي يشكك في الجدوى طويلة الأجل لتأمين المناطق عالية المخاطر.

يعتقد عديد من الخبراء أن قطاع التأمين في الولايات المتحدة على حافة أزمة مالية كبيرة، فمنذ 2019، تم إسقاط أكثر من 100 ألف من سكان كاليفورنيا من قوائم شركات التأمين، حيث تشهد المنطقة حرائق غابات بمعدلات متزايدة.

وخلال العامين الماضيين، شهد أصحاب المنازل في المناطق المعرضة للحرائق زيادة في أقساطهم السنوية بمعدل 30%.

وبعد سلسلة الحرائق الأخيرة، لن يكون أمام شركات التأمين في الولاية سوى اللجوء إلى رفع الأسعار أو مغادرة الولاية.

من جانبها، ذكرت أستاذة الاقتصاد الكلي لوكا باول لـ"الاقتصادية" أن صناعة التأمين الأمريكية اعتادت تمرير التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين، وهذا أمر طبيعي، إلا أنه يخاطر بجعل التأمين غير ميسور التكلفة بالنسبة لعديد من الأشخاص.

أضافت، أن ذلك يؤدي إلى عدم تأمين الكثير من أصحاب الممتلكات على ممتلكاتهم، والنتيجة خسائر في الصناعة، وهي أقرب إلى الحلقة المفرغة.

في الواقع، ما يعرف بأزمة التأمين في كاليفورنيا كان في طور التكوين منذ سنوات، وذلك نتيجة للحرائق التي تشهدها الولاية بشكل دوري.

ودفع ذلك شركات تأمين أمريكية عملاقة إلى الانسحاب من أسواق الولاية، بسبب التضخم والتعرض المتزايد للكوارث الطبيعية، حيث باتت الحرائق أكثر تدميرا.

بالطبع، كاليفورنيا ليست الولاية الأمريكية الوحيدة، التي تواجه فيها شركات التأمين تحديات تطرح علامات تساؤل جادة حول مستقبل الصناعة، فعديد من الولايات الأخرى، مثل: فلوريدا ولويزيانا وتكساس وكولورادو، تواجه فيها صناعة التأمين مشاكلات خطيرة للغاية، بعد أن باتت الأسعار مرتفعة إلى الحد الذي يدفع كثيرا من المستهلكين إلى النأي بأنفسهم عن التأمين على ممتلكاتهم.

ويحذر بعض الخبراء من تداعيات "نظرية الدومينو" وإمكانية امتداد أزمة صناعة التأمين الأمريكية إلى مناطق أخرى في العالم، نظرا للدور الريادي الذي ت على المستوى الدولي.

هنا قالت لـ"الاقتصادية" خبيرة التأمين لارا بلاكمان: إذا أخذ الطابع العالمي لشركات التأمين الأمريكية بعين الاعتبار، وأفرعها في عديد من البلدان خارج الولايات المتحدة، سواء في الاتحاد الأوروبي أو آسيا أو منطقة المحيط الهادئ وأستراليا، فإن أزمة صناعة التأمين الأمريكية يمكن أن تتحول بين ليلة وضحاها إلى أزمة في صناعة التأمين العالمية.

أضافت، أن الجميع بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية التعامل مع التأمين في عالم بات فيه التغير المناخي خطرا حقيقيا على كثير من القطاعات الصناعية، مشيرة إلى أن الحلول التعاونية ستكون هي الحل الأمثل، ولا بد من خلق مناخ تعاوني بين الحكومات وشركات التأمين والمجتمعات لضمان مرونة النظام وقدرته على البقاء.

 

الأكثر قراءة