شركات أسمنت لـ "الاقتصادية": لا تأثير في تلبية الطلب المحلي من توجهنا للسوق السورية
مع احتمال أن تكون السوق السورية وجهة مرتقبة لشركات الأسمنت السعودية لتصدير منتجاتها، ظهرت على السطح مخاوف من تأثير ذلك في السوق المحلية.
"الاقتصادية" استطلعت آراء عدد من الشركات لمعرفة مدى التأثير من عدمه، حيث أجمعوا أن تلك المخاوف غير مبررة، حيث يوجد فائض كبير في المخزون المحلي في ظل الطاقة الإنتاجية الحالية للشركات السعودية البالغة 80 مليون طن سنويا.
تنظر شركات الأسمنت السعودية، إلى السوق السورية بوصفها وجهة محتملة لتصدير منتجاتها، حيث تعد فرصة للنمو، في ظل النقص الحاد الذي تعانيه سورية في إنتاج الأسمنت لتلبية الطلب المتزايد على مشاريع إعادة الإعمار.
تأتي هذه الخطوة بعد إعلان شركة الجوف السعودية للأسمنت توقيع اتفاقية لتصدير جزء من مخزون الكلنكر، الذي يصل إجمالي مخزون جميع شركات الأسمنت السعودية أكثر من 45 مليون طن، رغم التوقعات بأن يصل حجم الإنفاق على قطاع البناء في السوق المحلية إلى نحو 6 تريليونات ريال بحلول 2030.
الشركات أكدت أن القرار لن يؤثر في السوق المحلية، في ظل وجود خطوط إنتاج ذات طاقة عالية ومخزون كبير من مادة الكلنكر يتجاوز 45 مليون طن، ما يضمن استقرار الإمدادات لتلبية احتياجات المشاريع التنموية الكبرى المرتقبة ضمن رؤية السعودية.
الدكتور بدر جوهر رئيس اللجنة الوطنية للأسمنت في اتحاد الغرف السعودية، أوضح أن توقيع "الجوف" اتفاقية لتصدير الأسمنت والكلنكر إلى سورية بقيمة 38 مليون ريال لمدة عام، يأتي متزامنا مع التطورات الإيجابية التي تشهدها سورية في علاقاتها مع محيطها العربي والإقليمي والدولي، وتمثل الجهود السعودية والدولية لإعادة إعمار سورية فرصة لشركات الأسمنت السعودية لزيادة إنتاجها وصادراتها للسوق السورية.
جوهر، أشار إلى أن قطاع الأسمنت في سورية يعاني نقصا حادا في الإنتاج، بسبب توقف وتدمير عدد من المصانع، فعلى سبيل المثال فإن إنتاج مصانع الأسمنت في عدرا وحماة لا يتعدى الـ 60% من الطاقة الإنتاجية، وهذا يعني أن هناك فجوة كبيرة بين الطلب والإنتاج يمكن للشركات السعودية تغطيتها بما يسهم في نمو قطاع الأسمنت في السعودية.
وأضاف: نعمل في اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت باتحاد الغرف السعودية على تشجيع شركة أسمنت الجوف وغيرها من الشركات الوطنية، للاستفادة من فرص التصدير الكبيرة في السوق السورية وتعريفها بتلك الفرص، وذلك من خلال خطط واضحة لرفع حجم صادراتنا من الأسمنت لسورية بالتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة بالبلدين".
فيما يتعلق بأداء القطاع داخل السعودية، أشار جوهر إلى أن القيمة السوقية لقطاع الأسمنت تبلغ نحو 50 مليار ريال، ويُعدُّ قطاعا حيويا وركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث تحتل السعودية المرتبة الأولى عربيا والعاشرة عالميا في حجم إنتاج الأسمنت من خلال 20 مصنعا سعوديا.
خلال 2023 بلغ الطلب المحلي على الأسمنت نحو 47.3 مليون طن، وصادرات الأسمنت والكلنكر السعودية بلغت في 2023 أكثر من 8.48 مليون طن، بحسب جوهر.
وأضاف أن المشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر تسهم في تعزيز الطلب المحلي، مشيرا إلى أن حجم الإنفاق المتوقع على قطاع البناء سيصل إلى 6 تريليونات ريال بحلول 2030، ما يرفع من أهمية التوسع الإنتاجي لتلبية الطلب المتزايد على الأسمنت.
وحول توسع الشركات في الإنتاج، قال رئيس اللجنة الوطنية للأسمنت: إن الأمر لا يقتصر على الفائض في الإنتاج فقط، بل يشمل أيضا ارتفاع الطلب في السوق المحلية والأسواق المجاورة، ما سيدفع مصانع الأسمنت السعودية إلى تبني خططا سريعة لتوسعة وزيادة خطوط الإنتاج، مبينا أن هذه الخطوات تهدف إلى الاستفادة من الفرص المتاحة لتلبية احتياجات السوق المحلية المتنامية والتوسع نحو الأسواق الخارجية الواعدة.
من جهته، نفى لـ"الاقتصادية" مصدر مطلع على قطاع الأسمنت أن تصدير شركة أسمنت الجوف إلى سورية سيؤثر في الشركات الأخرى، قائلا: "لن يؤثر سلبا في الشركات الأخرى، حيث إن السوق السورية تعد جديدة ومستقلة".
وأضاف: "التصدير إلى سورية يخفف من الضغط على الأسواق المحلية، وخاصة في المناطق الغربية، حيث ستتاح فرص أكبر للشركات الأخرى للتوسع في تلك الأسواق".
وأوضح أن السعودية تمتلك مخزونا من الكلنكر يتجاوز 45 مليون طن، وهو ما يكفي لتلبية الطلب المحلي لمدة 10 أشهر على الأقل، مشيرا إلى أن خطوط الإنتاج الحالية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير دون الحاجة إلى إنشاء خطوط إنتاج جديدة، مؤكدا أن القطاع في وضع مستقر، مع قدرة الإنتاج السنوية، ما يعزز استدامة القطاع وتلبية متطلبات الأسواق المحلية والإقليمية.
من جانبه، أكد جهاد الرشيد، الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت اليمامة، أهمية الاستثمارات المستقبلية للشركة، مع التزامها بالشراكات الإستراتيجية مع شركات محلية ودولية لتعزيز قدراتها التقنية والإنتاجية.
وقال: إن الشركة تعمل حاليا على تعزيز قدراتها الإنتاجية من خلال مشروع الخط الثالث للإنتاج، الذي من المتوقع أن يكتمل بحلول نهاية 2025، مشيرا إلى أن الطاقة الإنتاجية لهذا الخط ستبلغ نحو 15 ألف طن يوميا، ومع اكتمال المشروع، ستصل الطاقة الإجمالية للشركة إلى نحو 34 ألف طن يوميا، ما يعزز من دورها في تلبية الطلب المتزايد على الأسمنت، خاصة مع المشاريع التنموية الكبرى التي أعلنت عنها السعودية.
الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت اليمامة، أكد أن التوسع المستقبلي من خلال الخط الثالث سيسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية بشكل كبير، ما يدعم مشروعات البناء والتنمية الضخمة التي تشهدها السعودية، مبينا أن شركة أسمنت اليمامة تنتج حاليا أكثر من 20 ألف طن يوميا.
وحول مشروع الشركة في تصنيع المعادن، بيَّن الرشيد أن شركة أسمنت اليمامة وقعت مذكرة تفاهم مع مجموعة سلطان القابضة للدخول في تصنيع بعض المعادن التي تُستخدم في مجال الطاقة المتجددة، والدراسات لا زالت تجر دراسات مكثفة لتحديد التفاصيل وهي لا تزال في المراحل الأولية، مضيفا أن الإعلان النهائي سيتم بمجرد اكتمال المفاوضات.
وأشار إلى أن الشركة تدرس الدخول في تصنيع المعادن المستخدمة في مشاريع الطاقة المتجددة، ما يعكس التزامها برؤية السعودية 2030 وتحقيق الاستدامة.