المخاطر تتحول إلى ملاذ آمن في سوق دين متقلبة
قطاع الائتمان المضطرب في هذه الأيام يشهد تفوقاً للسندات مرتفعة المخاطر على نظيراتها الآمنة في فترات التقلب. والسبب هو تركيز متزايد على الدخل من الفائدة أو التجارة "بفوارق أسعار الفائدة" بلغة السوق.
التدفقات القوية إلى صناديق الائتمان أدت إلى انخفاض علاوة شراء ديون الشركات بدلاً من السندات الحكومية الأكثر أماناً لدرجة أنه لا يبدو أن هناك مجالاً لمزيد من التراجع. دفع ذلك مديري الثروات للبحث عن طرق أخرى للتفوق على أسعار الفائدة المرجعية. يتزايد انجذابهم للسندات منخفضة التصنيف والأولوية بفضل توزيعاتها المرتفعة، وهي سمة معتادة لتلك السندات للمساعدة في تعويض تراجع قيمتها عند ارتفاع العوائد.
ارتفاع السندات رغم مخاطر الإفلاس
التوجه قوي لدرجة أن السندات مرتفعة العائد انخفضت بنسبة أقل من نظيراتها القيادية خلال أسوأ فترات موجة البيع التي شهدتها الأسواق في وقت سابق من الشهر الجاري، حتى على الرغم من تزايد خطر إفلاس الشركات التي أصدرتها. وقد بدأ يظهر اتجاه مماثل فيما يخص السندات الثانوية التي حققت أداءً قوياً عند مقارنة عوائد الاستثمار مع المخاطرة فيما يُسمى "نسبة شارب" (Sharpe ratio).
"هذا يعزز فكرة أن تجارة فروقات الفائدة هي سمة هذا العام. الأصول الأقل مخاطرة، وهي السندات السيادية، كانت الأكثر تقلباً ولدينا في الآونة الأخيرة أفضل مستويات نسبة شارب في السندات المشروطة القابلة للتحويل (CoCo)" على حد قول داربان هارار مدير المحافظ لدى شركة "ناينتي ون" (Ninety One). وهذه السندات هي نوع من الأوراق المالية الثانوية التي تصدرها البنوك.
عادة ما تتزايد مكاسب السندات مرتفعة المخاطر في الأوقات الجيدة لكنها تتكبد خسائر كبيرة في الأسواق الهبوطية. الأمر المختلف هذه المرة هو أن المخاوف المتعلقة بالعجز المالي تجعل السندات الحكومية أقل جاذبية، في حين أن المسارات المتباينة لخفض أسعار الفائدة تجعل استراتيجية ركوب موجة انخفاض متوقع في العوائد مع تراجع أسعار الفائدة القياسية استراتيجية غير موثوقة.
"بدأ الناس يدركون أن فوارق أسعار الائتمان ليست العنصر المتقلب في الوقت الحالي، بل التقلب يأتي من العائد الخالي من المخاطر. الأمر مقلوب تماماً" وفق فلافيو فابريزي رئيس أسواق دين الشركات لأوروبا في "إتش إس بي سي هولدينغز" (HSBC Holdings).
آجال استحقاق أقرب
هناك عامل آخر وهو أن السندات مرتفعة العائد عادة ما تكون ذات آجال استحقاق أقرب من نظيراتها مرتفعة التصنيف، ما يجعل أسعارها أقل تأثراً بتغير العائد. ولدى بلومبرغ مؤشر للسندات العالمية منخفضة التصنيف، يعادل أجله حوالي نصف أجل مؤشرها لسندات الدرجة الاستثمارية، وهو ما يعني أن زيادة العوائد بمقدار نقطة مئوية واحدة ستؤدي إلى انخفاض سعر السندات السندات الآمنة بمقدار الضعف.
وعلى الرغم من تأثر السندات منخفضة التصنيف بموجة البيع التي حدثت في الآونة الأخيرة؛ والناجمة عن المخاوف من ألا يجد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على وجه الخصوص مبرراً لخفض أسعار الفائدة، فإن أكبر خسارة للقطاع منذ بداية العام حتى الخميس الماضي بلغت 0.57%، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. تكبدت السندات مرتفعة التصنيف ثلاثة أمثال هذه الخسارة، وبالكاد تمكنت من تحقيق مستوى التعادل للعام، على عكس الانتعاشة القوية للسندات منخفضة التصنيف.
وبالمثل، جاء أداء السندات ذات الأولوية في السداد، الصادرة غالباً عن بنوك أوروبية والتي لا تزال في دائرة الخسائر، أقل بصفة عامة من أداء سندات رأس المال الإضافي من الشريحة الأولى، وهي أكثر أنواع السندات المصرفية مخاطرة.
معضلة إعادة التمويل
لكن لا بد وأننا سنواجه أيضاً أسئلة تتعلق بتكلفة إعادة التمويل، إذ إن كثيراً من السندات التي اقترب أجلها تحمل علاوة مخاطر منخفضة نسبياً.
"عليك توخي الحذر وتجنب تلك السندات التي ربما تنطوي على مشكلات في إعادة التمويل، لأن الهوامش ليست مرتفعة بدرجة كبيرة... وإلا ربما تكون كمن يقف أمام قطار مسرع لجمع بعض القروش" وفقاً لما قاله بير فيهرمان مدير المحافظ مرتفعة العائد لدى "دي دبليو إس غروب" (DWS Group).
وبافتراض عدم تخلف المقترض عن السداد، ينتظر المستثمرون جني قيمة قسيمة العائد على الأقل، وهو أمر مهم لا سيما إن كانت حركة العائد أو فروق الفائدة تسجل خسائر.
"خط الدفاع الأول بالنسبة لمدير الائتمان هو فروق أسعار الفائدة" بحسب هارار من "ناينتي ون".
اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات