مستثمرو القطاعات الخضراء يرون بصيص أمل في رئاسة ترمب

مستثمرو القطاعات الخضراء يرون بصيص أمل في رئاسة ترمب

ساعد الانخفاض الشديد على أسعار الفائدة خلال ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى في تضاعف أسعار ما يسمى الأسهم الخضراء 4 مرات، ثم عاودت الارتفاع مسجلةً قفزةً إضافيةً مع فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في 2020.

ساد حينئذ تفاؤل بين المستثمرين الذين توقعوا أن يسنّ الرئيس بايدن المؤيد للطاقة النظيفة سياسات صديقة للبيئة، فدفع القطاع قدماً. لكن بحلول موعد أداء بايدن اليمين الدستورية كانت هذه الحماسة قد تلاشت، حتى أن أسهم الشركات البيئية تراجعت طيلة ولايته.

اليوم، رغم انسحاب ترمب من التعهد العالمي بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وسعيه لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، تبدي بعض الشركات تفاؤلاً حيال مستقبل القطاع الأخضر. فترى بصيص أمل في التقييمات المنخفضة، وتحسن التوقعات المتعلقة بالأرباح. قال مارك ليسي، وهو مدير أموال لدى شركة "شرودرز" (Schroders): "نعتقد أننا نقترب من نقطة تحول".

دور أسعار الفائدة

يراقب ناشطو المناخ ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن المؤشر الصائب المؤثر في الاستثمار الأخضر ما يزال هو أسعار الفائدة الأمريكية، التي ارتفعت العام الماضي إلى أعلى مستوياتها خلال نحو ربع قرن، فحدّت من قدرة الشركات الخضراء على الحصول على قروض تمويل، ومن قدرة أصحاب المنازل على تركيب ألواح شمسية، ومن قدرة المستهلكين على شراء مركبات كهربائية.

سجلت أسعار الفائدة انخفاضاً طفيفاً، لكن خبراء اقتصاديين يتوقعون أن تتباطأ وتيرة الانخفاض هذا العام، بما أن معدل التضخم ما يزال أعلى من الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي، فيما تفوق أرقام التوظيف التوقعات.

رغم موجة التفاؤل الأولية حيال أسهم الشركات الخضراء في بداية عهد بايدن، تعرّض القطاع لضربات قاسية بفعل الإغلاقات الناجمة عن جائحة كورونا التي عطلت سلاسل التوريد ورفعت معدلات التضخم، ما قاد بدوره إلى رفع أسعار الفائدة.

أدى ذلك إلى تأجيل مشاريع تتعلق بطاقة الرياح وتباطؤ مبيعات المركبات الكهربائية، فيما دعمت حرب روسيا على أوكرانيا، والطلب المتزايد على الطاقة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، حجج مؤيدي الوقود الأحفوري.

انخفض مؤشر "إس آند بي جلوبال كلين إينرجي" للطاقة النظيفة بنحو ثلثين منذ بلغ ذروته في يناير 2021. وكشفت "بلاك روك" في ديسمبر عن "انخفاض كبير" في أحد الصناديق الخضراء الذي كان قد جمع 4.8 مليار دولار، وذلك بعد فشل رهاناته على شركة لصنع بطاريات المركبات الكهربائية وشركة طاقة شمسية.

وبينت شركة الأبحاث "مورنينج ستار دايركت" أنه تم إغلاق أكثر من 12 صندوقاً مشابهاً في الولايات المتحدة. قالت تشاندني تشيلابا، الباحثة في شركة "ماراثون كابيتال"(Marathon Capital) في شيكاغو: "كانت السنوات الأخيرة قاسية بلا هوادة على أسهم الطاقة النظيفة".

بصيص أمل

يرى بعض المحللين جانباً إيجابياً في مسعى الإدارة الجديدة لإلغاء الدعم الحكومي للطاقة النظيفة، الذي يصفه السياسيون الجمهوريون بأنه تدليل للشركات.

بينما تساعد الحوافز التقنيات الناشئة على الانطلاق، فإن إلغاء الدعم بأسلوب ترمب، بغض النظر عن غايته، قد يصب في نهاية المطاف لصالح القطاع، وفقاً لرأي سيث كيركام، الذي يدير قسم الأسهم العالمية في شركة "غالفانايز للحلول المناخية" الاستثمارية في سان فرانسيسكو، وهي تدير أصولاً بأكثر من مليار دولار.

إن دعم الشركات المصنّعة للمركبات الكهربائية، وهو ما يعارضه ترمب، يخفف من الضغوط عليها لتصبح شركات مدرة للربح. قال كيركام: "يجب وقف اعتماد القطاع على الإعانات".

مع ذلك، لا يخلو الأمر من أصوات متشائمة من عودة ترمب إلى البيت الأبيض. برغم أن مقترحاته المتعلقة بتخفيف القواعد الناظمة قد تساعد على تسريع الحصول على تصاريح لإقامة مشاريع خضراء، إلا أنه مؤيد قوي للوقود الأحفوري، وقد تعهد بالتراجع عن قانون المناخ البارز الذي أصدره بايدن، تحت اسم مستغرب هو "قانون الحدّ من التضخم".

كما تهدد الرسوم الجمركية التي يقترحها ترمب بزيادة كلفة مشاريع الطاقة النظيفة التي تعتمد على مواد مستوردة. وقد قرر ترمب منذ يومه الأول في البيت الأبيض حظر بناء أي مشاريع طاقة رياح بحرية جديدة، واقترح إلغاء الدعم الممنوح لاقتناء مركبات كهربائية، وألغى قرار بايدن بالعودة إلى اتفاقية باريس للمناخ التي انسحب منها ترمب خلال ولايته الأولى.

الصين تجذب الاستثمارات

في غضون ذلك، ما تزال التقنية الخضراء تعاني ضغوطاً ناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة واضطرابات سلاسل التوريد وعدم جاهزية شبكة الكهرباء الأمريكية، بحسب محللين لدى البنك الاستثماري "جيفريز فاينانشال جروب". وجاء في تقرير للبنك في 9 يناير: "نتوقع عاماً آخر مليئاً بالتحديات لقطاع الطاقة النظيفة .. يصعب أن نكون متفائلين بشدة".

يبدي بعض المستثمرين تفاؤلا بشأن بعض القطاعات البيئية التي يعتقدون أنها ستزدهر، فيما يتخوفون من إخفاقات أخرى. يتوقع عزت بن سوسان من شركة "كابتونا" في نيويورك، التي تدير أصولا بملياري دولار، ازدهار الشركات المصنعة للبطاريات مع لجوء مزيد من الشبكات الكهربائية لتركيب بطاريات لإدارة الأحمال وتخزين الكهرباء عندما تخبو إنتاجية منشآت استجرار الطاقة من الشمس أو الرياح.

إلا أنه يتجنب الاستثمار في المجالات الأقل تطوراً، مثل استخدام الطاقة المتجددة لفصل الهيدروجين عن ذرات الأكسجين في الماء، وقال إن هذه الطريقة "لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب سواء من حيث الكلفة أو التقنية".

غارفين جابوش، كبير المستثمرين في شركة "جرين ألفا إنفستمنتس" في كولورادو، التي تدير أصولا بقيمة 300 مليون دولار، يتوقع ازدهار شركات الطاقة النظيفة هذا العام لكن خارج الولايات المتحدة.

وفي حين أن سياسات ترمب متقلبة جداً بحيث لا تجشع على الاستثمار في السوق الأمريكية، فإن دعم الصين القوي للتقنيات الخضراء، يجعل شركات الطاقة الشمسية وشركات المركبات الكهربائية الصينية أكثر جاذبية للاستثمارات.

رأى جابوش أنه حتى إذا أجبرت الرسوم الجمركية التي يقترحها ترمب الصين على الحدّ من صادراتها إلى السوق الأمريكية، فإنها "ستظل قادرة على البيع إلى الدول الأخرى التي تشكل أربع أخماس الناتج المحلي الإجمالي العالمي".

الأكثر قراءة