انتقادات واسعة من الحلفاء والخصوم لنوايا ترمب تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق"

انتقادات واسعة من الحلفاء والخصوم لنوايا ترمب تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق"
ترمب ونتنياهو أثناء المؤتمر. "الأوروبية"

لقيت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن تحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد تهجير سكانه منه انتقادات دولية واسعة، لغياب أي سند قانوني لتنفيذ هذه الخطة، وتجاهل المقترح حق الشعب الفلسطيني في أرضه، فضلا عن الأثر السلبي لهذه التصريحات على وقف إطلاق النار الهش بين حركة حماس وإسرائيل.

وفاجأ ترمب العالم خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأربعاء بالكشف عن رغبته في السيطرة على القطاع، وتأكيده مجددا على ضرورة تهجير الفلسطينيين منه وإبعادهم إلى أماكن أخرى، بدعوى أن القطاع لم يعد صالحا للعيش فيه.

ترمب تحدث عن "ملكية أمريكية طويلة الأمد" لإعادة إعمار القطاع وخلق العديد من فرص العمل به، خلال ليلة من التصريحات التي وصفها مراقبون بالمدوية ولقيت ردود فعل دولية شاجبة ومنتقدة.

وتتعارض سيطرة الولايات المتحدة على غزة بشكل مباشر مع سياسة أمريكية ودولية راسخة منذ وقت طويل تعتبر القطاع والضفة الغربية المحتلة جزءا من دولة فلسطينية في المستقبل.

انتقادات واسعة

سارع الحلفاء والخصوم إلى التعبير عن رفضهم الفوري لهذا المقترح، بل وإدانته؛ وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن رفضه مقترح ترمب؛ وقال: "الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته (...) قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة، منذ عام 1967".

القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري وصف تصريحات ترمب بأنها "سخيفة وعبثية"، وقال إن أي أفكار من هذا النوع "كفيلة بإشعال المنطقة".

عربيا، أكدت الخارجية السعودية أن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية "راسخ وثابت لا يتزعزع"؛ وقالت في بيان: "أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال".

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقبال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إنه "تم التأكيد خلال اللقاء على أهمية المضي قدما في مشروعات وبرامج التعافي المبكر وإزالة الركام ونفاذ المساعدات الإنسانية بوتيرة متسارعة، دون خروج الفلسطينيين من قطاع غزة".

دوليا، عبّرت روسيا عن رفضها المقترح؛ وقال الكرملين إنه لا يمكن التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط إلا على أساس حل الدولتين.

كما ندّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بمشروع ترمب قائلا إن "طرد (الفلسطينيين) من غزة مسألة غير مقبولة لا من جانبنا ولا من جانب بلدان المنطقة. ولا حاجة حتّى لمناقشتها"، وفقا لوكالة أنباء الأناضول.

وعبرت الصين عن معارضتها لتصريحات ترمب؛ وقال الناطق باسم وزارة خارجيها لين جيان خلال مؤتمر صحفي دوري: "أكّدت الصين دائما أن الحكم الفلسطيني على الفلسطينيين هو المبدأ الأساسي لحكم غزة بعد الحرب، ونحن نعارض الترحيل القسري لسكان غزة".

وقالت الخارجية الفرنسية إن باريس ترى أن مستقبل غزة يكمن في "دولة فلسطينية مستقبلية" وليس في سيطرة "دولة ثالثة".

تكلفة الإعمار

تظهر تقديرات للأمم المتحدة أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب ستتطلب مليارات الدولارات، حيث إن إزالة أكثر من 50 مليون طن من الركام الذي خلّفه القصف الإسرائيلي، الذي يعتقد أنه ملوث بالأسبستوس، قد تستغرق 21 عاما وتُكلّف 1.2 مليار دولار. وقد يطول الأمر لعدة عقود.

وقال مسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في يناير الماضي إن الصراع أدى إلى محو نتائج 69 عاما من التنمية. ووفقا لبيانات الأقمار الصناعية للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، فإن ثلثي المباني في غزة قبل الحرب، أي أكثر من 170 ألف مبنى، تهدمت أو سويت بالأرض.

وأظهرت تقديرات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات) أن هذا الإحصاء يتضمن 245 ألفا و123 وحدة سكنية. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى مأوى في غزة.

وذكر تقرير للأمم المتحدة والبنك الدولي أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تقدر بنحو 18.5 مليار دولار حتى نهاية يناير 2024، وأثرت في المباني السكنية وأماكن التجارة والصناعة والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والطاقة.

وسلط مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية الضوء على مدى الدمار على الحدود الشرقية لقطاع غزة. فحتى مايو 2024، كان أكثر من 90% من المباني في هذه المنطقة، بما في ذلك أكثر من 3500 مبنى، إما مدمرة أو تعرضت لأضرار شديدة.

وتُظهِر البيانات الفلسطينية أن الصراع أدى إلى تدمير أكثر من 200 منشأة حكومية و136 مدرسة وجامعة و823 مسجدا و3 كنائس. كما أظهر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن العديد من المستشفيات تهدمت في أثناء الصراع، إذ لم تعد تعمل سوى 17 وحدة فقط، من أصل 36 وحدة وبصورة جزئية في يناير.

سمات

الأكثر قراءة