تقدم في الجولة الثانية من مفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وإندونيسيا
اختتمت اليوم في العاصمة السعودية الرياض الجولة الثانية من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإندونيسيا، التي أُقيمت خلال الفترة من 3 - 6 فبراير، بمشاركة السعودية برئاسة الهيئة العامة للتجارة الخارجية و15 جهة حكومية أخرى.
وناقشت الجولة الأولى تجارة السلع، والخدمات، والاستثمار، والتعاون الاقتصادي، وتسوية المنازعات، والنصوص والأحكام، وخدمات الاتصالات، والخدمات المالية، وحقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى العوائق الفنية أمام التجارة، وتدابير الصحة والصحة النباتية، وقواعد المنشأ، والتجارة الرقمية، والاقتصاد الإسلامي.
وتهدف الجولة إلى استكمال سير المفاوضات التي بدأت خلال سبتمبر الماضي بعد تحقيقها تقدما ملحوظا.
وقال وكيل محافظ هيئة التجارة الخارجية للمنظمات والاتفاقيات الدولية رئيس الفريق التفاوضي السعودي فريد العسلي: إندونيسيا تعد شريكا إستراتيجيا لدول مجلس التعاون لما تحمله من ثقل اقتصادي كونها أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، وتوفر فرصا استثمارية وتجارية ضخمة.
يذكر أن هيئة التجارة الخارجية تعمل على تعزيز مكاسب السعودية التجارية الدولية، وزيادة حجم تواجدها الدولي ومشاركتها الفعّالة في عدد من المنظمات الدولية، لضمان تحقيق الأهداف المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة.
أساس "قيّم" لتوسيع التجارة والاستثمار
في 24 يوليو الماضي، صدر بيان مشترك لإطلاق هذه المفاوضات، أكّد وقتها الجانبان أنّ المفاوضات ستُفضي في النهاية إلى إبرام اتفاقيّة للتجارة الحرة بين الطرفين توفّر أساسا قيّما لتوسيع التجارة والاستثمار وتحقيق تعاون أكبر بين الطرفين.
ومن شأن هكذا اتفاقية أن تؤطّر للتشريعات والقوانين والإجراءات التي تحكم الاستثمارات بين الجانبين وتضع آليات تنفيذها وتوفّر فرص عمل جديدة. واعتبر الجانبان أنّ اتفاقيّة التجارة الحرّة ستكون بمثابة منصّة مهمّة لتحقيق الرؤى الاقتصادية لدول الخليج وخططها الإستراتيجية للتنويع الاقتصادي.
من جهته، وصف محمد ذو الفقار رحمت، الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية في جاكرتا، انطلاق المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين إندونيسيا ومجلس التعاون الخليجي أنه يمثل لحظة محورية في التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية هو أحد شركاء معهد الشرق الأوسط للأبحاث.
وقال ذو الفقار رحمت في مقال: إنه بينما ستتيح الاتفاقية المنتظرة إمكانيّة تعميق العلاقات التجارية وصنع فرص استثمارية جديدة بين إندونيسيا ودول الخليج، فإنها تمثل بالنسبة لجاكرتا فرصة إستراتيجية لتنويع شراكاتها الاقتصادية بما يتجاوز اتفاقياتها الحالية.
ويرى الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية أن التنويع يعد أمرا بالغ الأهمية لمرونة إندونيسيا الاقتصادية، حيث يحدّ من مخاطر الاعتماد المرتبطة بأيّ سوق واحدة، خاصة بالنظر إلى تجارتها الكبيرة مع الصين.
ثمار ستجنيها إندونيسيا
أوضح رحمت أن إندونيسيا يمكنها الاستفادة من أسواق جديدة وتقليل تعرضها للتقلبات في ديناميّات التجارة العالمية عبر تدعيم علاقاتها مع دول مجلس التعاون وتعزيز فرص وصولها إلى أسواق تلك الدول.
وتسعى إندونيسيا إلى زيادة صادراتها من السلع الأساسية، مثل زيت النخيل والمنسوجات والإلكترونيات، وهو نهج يهدف إلى تحقيق تنوّع يتماشى مع إستراتيجيتها الاقتصادية الأوسع نطاقا لتوسيع قاعدة صادراتها والحدّ من الاعتماد على أسواق السلع الأساسيّة المتقلّبة.
إضافة إلى ذلك، من الممكن أن تصبح اتفاقيّة التجارة الحرة بمثابة بوّابة للشركات الإندونيسية للوصول إلى فرص الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في قطاعات مثل البنية التحتيّة والطاقة والسياحة.
وبينما زادت إندونيسيا على مدى سنوات استثماراتها مع دول الخليج، فإنها تأمل في الاستفادة من الزخم الحالي لتحقيق أهدافها التنموية، التي تشمل توفير مزيد من فرص العمل والنموّ الصناعي في مختلف قطاعات اقتصادها.
ويرى ذو الفقار أنّ إقامة علاقات اقتصاديّة أوثق مع إندونيسيا يتماشى مع عديد من المصالح الإستراتيجية لدول الخليج، التي تسعى أيضا إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط، وذلك عبر الاستثمار في القطاعات التي تتفوّق فيها إندونيسيا، مثل الزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.
أيضا، توفر سوق المستهلكين الكبيرة في إندونيسيا، والتي تتميز بمجتمع شاب، فرصة جذّابة للشركات الخليجية التي تتطلع إلى توسيع نطاق وصولها إلى أسواق خارج حدودها.
ووفقا لـ "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ" فقد نما معدل التبادل التجاري بين الجانبين منذ 2020 بنسبة 78%، وبلغ حجم التجارة 15 مليار دولار.
وتواصل دول الخليج إجراء مفاوضات مماثلة مع أطراف أخرى فيما يتعلق بمفاوضات التجارة الحرة، من بينها دول الاتحاد الأوروبي واليابان، كما أجرت الأسبوع الماضي، مفاوضات مع المملكة المتحدة في العاصمة البريطانية لندن.