هل تستطيع "نيسان" الصمود دون دعم "هوندا" ؟

هل تستطيع "نيسان" الصمود دون دعم "هوندا" ؟

منذ السقوط الدراماتيكي للمدير التنفيذي كارلوس غصن، الذي اشتهر بلقب "قاتل التكاليف" في 2018، عانت شركة "نيسان" من ضعف المبيعات وتقديم تشكيلة طرازات قديمة.

في ديسمبر الماضي، تلقت "نيسان" فرصة للإنقاذ عندما وافقت "هوندا" على النظر في صفقة محتملة من شأنها تشكيل واحدة من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، ومنافساً أكثر قوة للعلامات التجارية الصينية الناشئة في قطاع السيارات الكهربائية.

لكن التحالف بين الشركتين اليابانيتين المعروفتين بتاريخيهما المنفصلين وثقافتيهما المتميزة، كان دائما مهمة دقيقة ومعقدة، فقد اشترطت "هوندا" أن تعيد "نيسان" ترتيب أوضاعها قبل المضي قدما في أي صفقة.

بحلول أوائل فبراير، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، حيث بات اختلال موازين القوى بين العلامتين التجاريتين العريقتين يشكل تهديدا أمام إتمام الصفقة.

هل يمكن أن تحل صفقة "هوندا" أزمة "نيسان" ؟

تتجاوز القيمة السوقية لشركة "هوندا" نظيرتها "نيسان" بأكثر من 4 أضعاف، ما يجعل دمج الشركتين فرصة لتحقيق وفورات اقتصادية كبيرة.

الشركتان لديهما بالفعل شراكة قائمة مع "ميتسوبيشي" تهدف إلى تطوير البرمجيات والبطاريات وغيرها من التقنيات الخاصة بالسيارات الكهربائية. لكن تعزيز هذه الشراكة من خلال توحيد منصات السيارات الكهربائية وسلاسل التوريد والجهود البحثية قد يدفع التعاون إلى مستوى أكثر عمقا.

مع ذلك، لن يكون هذا كافيا لسد الفجوة التنافسية مع شركات صناعة السيارات الكهربائية مثل "بي واي دي" و "تسلا" التابعة لإيلون ماسك. فلا تزال كل من "هوندا" و"نيسان" متأخرة في تقديم بطاريات أرخص وأكثر كفاءة، إلى جانب البرمجيات المتطورة التي أصبحت ميزة رئيسية لدى هذه الشركات الجديدة نسبيا.

ما مدى سوء الوضع المالي لشركة نيسان؟

تعاني شركة "نيسان"، التي تأسست قبل نحو قرن، صعوبات. فقد انخفض صافي دخلها 94 % خلال الأشهر الستة المنتهية في 30 سبتمبر، مع تدهور الأرباح في أمريكا والصين، ما يجعل من الصعب إعادة تمويل كمية قياسية من السندات المستحقة في 2026.

في نوفمبر الماضي، كشفت الشركة التي يقع مقرها في يوكوهاما، عن خطط لشطب 9000 وظيفة من إجمالي قوتها العاملة التي تتجاوز 130 ألفا، إضافة إلى تقليص قدرتها الإنتاجية بمقدار الخمس.

ما هي مشكلة "نيسان"؟

تعاني "نيسان" تراجع مبيعاتها في اليابان والصين، إضافة إلى الولايات المتحدة، التي تمثل أكبر وأهم أسواقها. كما أن تشكيلتها من الطرازات أصبحت قديمة، ما أدى إلى تراكم المخزون واضطرارها إلى خفض الأسعار.

قبل عقد من الزمان، كانت "نيسان" رائدة في مجال السيارات الكهربائية بفضل سيارتها العائلية المدمجة "ليف"، التي كانت أول سيارة كهربائية تُنتج على نطاق واسع عالميا.

لكن منذ ذلك الحين، واجهت "نيسان" تحديين رئيسيين، وهما ظهور منافسين صينيين جدد يقدمون سيارات كهربائية مجهزة بشكل أفضل، وتحوّل السوق الأمريكية نحو السيارات الهجينة التي تجمع بين المحركات الكهربائية ومحركات الاحتراق الداخلي.

لم تستغل "نيسان" النجاح المبكر لطرازات "ليف" لمواصلة الابتكار في السيارات الكهربائية، أو تطوير سيارة هجينة كما فعلت منافستها "تويوتا"، التي حققت نجاحا عالميا مع طراز "بريوس".

المحلل في شركة "ماكواري سيكيوريتيز كوريا"جيمس هونغ قال "إن عدم امتلاك سيارات هجينة يمثل مشكلة، لكن استجابة الشركة للوضع المتغير في السوق كانت بطيئة للغاية".

اعتمدت "نيسان" على تأخير طرح الطرازات الجديدة وإطالة فترة تحديثها، ما اضطر وكلاء البيع إلى خفض الأسعار لجذب العملاء الذين باتوا يفضلون السيارات الأحدث من العلامات التجارية المنافسة.

وبحلول أوائل 2025، لا تزال "نيسان" تفتقر إلى أحدث أجيال السيارات الكهربائية والهجينة، مما يضعف قدرتها على المنافسة في الصين وأمريكا.

متى بدأت مشكلات "نيسان"؟

قد تكون جذور الأزمة الحالية لـ"نيسان" زرعت خلال أزمتها الأخيرة قبل ربع قرن، عندما تدخلت الشركة الفرنسية "رينو" واستحوذت على حصة مسيطرة، وأوكلت إلى غصن مهمة إعادة هيكلة الشركة. قام غصن بخفض تكاليف الشراء وإغلاق المصانع وشطب 21 ألف وظيفة كجزء من خطته للإنقاذ.

سرع غصن وتيرة طرح الطرازات الجديدة بهدف تعزيز الحصة السوقية العالمية لـ "نيسان"، لكنه في الوقت نفسه فرض قيوداً صارمة على الإنفاق، ما جعل سيارات "نيسان" أقل ابتكاراً مقارنة بمنافساتها، وفقا للمحللين الذين يتابعون الشركة.

لتحقيق أهدافها في المبيعات، لجأت "نيسان" إلى تقديم حوافز سعرية باهظة للعملاء، لا سيما في الولايات المتحدة، كما زادت من مبيعاتها لشركات تأجير السيارات على حساب الأرباح.

لم تتمكن "نيسان" من الاستفادة الكاملة من تحالفها مع "رينو"، حيث لم يكن هناك تعاون كافٍ في تطوير المنتجات. وفي 2018، انهارت الشراكة عندما تم اعتقال غصن في اليابان بتهم تتعلق بارتكاب جرائم مالية. ومنذ ذلك الحين، لا تزال مشكلات تشكيلة طرازات "نيسان" تشكل عائقاً مستمراً أمام الشركة.

ما التحديات التي تواجه سيارات "نيسان" الكهربائية؟

تعاني "نيسان ليف" مدى قيادة محدود مقارنة بالطرازات الأحدث في السوق. كما أنها تعتمد على موصل الشحن CHAdeMO، الذي تم تطويره بالتعاون مع شركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى.

لكن هذا النظام لم يتم اعتماده من قبل الشركات الأمريكية المنافسة، وفي الوقت الحالي، أصبحت أنظمة الشحن الخاصة بشركتي "بي واي دي" و"تسلا" هي المعيار الفعلي في الأسواق الرئيسية.

أما في الصين، فتواجه "نيسان" صعوبة في مواكبة المصنعين المحليين للسيارات الكهربائية الذين يزودون سياراتهم بميزات تقنية متطورة تجذب المستهلكين.

لماذا لم تتمكن إدارة "نيسان" من حل المشكلات؟

تتبنى "نيسان" نهجا إداريا محافظا، كما أن التغيرات المتكررة في قيادتها جعلت من الصعب على الإدارة الاتفاق على حلول واضحة وتنفيذها بفعالية.

في 2019، استقال هيروتو سايكاوا، الذي خلف غصن في منصب الرئيس التنفيذي، إثر فضيحة تتعلق بتلقي تعويضات مفرطة، ما دفع عديد من التنفيذيين إلى مغادرة الشركة وسط تفشي الاضطرابات.

في 11 ديسمبر الماضي، أعادت "نيسان" تشكيل فريقها التنفيذي مرة أخرى، حيث احتفظ ماكوتو أوشيدا بمنصبه كرئيس تنفيذي، بينما تم تعيين جيريمي بابين كمدير مالي.

الأكثر قراءة