ما صعوبات إنشاء أمريكا لصندوق استثماري؟

تحدث الرئيس الأمريكي قبل أيام عن الرغبة بإنشاء صندوق سيادي أمريكي كبير، ليكون أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم. وهو ليس أول رئيس يطرح الفكرة، ولكن صعوبات شديدة واجهت من قبله في تنفيذ الفكرة. ومتوقع أن تستمر هذه الصعوبات.

من المعروف أن عديد من الدول بها صناديق عامة أي مملوكة لحكومات تلك الدول، بما شاع التعبير عنه بكلمة sovereign وترجمتها سيادية. ولكن أكبر تلك الصناديق موجودة في دول تتصف بثلاث صفات: العجز في ميزانياتها عادة صغيرة نسبيا، وتمتلك احتياطات أجنبية كبيرة، ولديها اهتمام قوي بالاستثمار العام داخلها وخارجها. أشهر هذه الدول الصين، حيث إنها الدولة الأولى عالميا في حجم هذا الاحتياطي الذي تجاوز 3 تريليونات دولار. وخلاف الصين، مجموعة من الدول المصدرة للنفط وما بني عليه من منتجات. على رأس هذه الدول السعودية والكويت والنرويج.

هناك دول ذات احتياطات كبيرة لكنها لا تملك حتى الآن صناديق سيادية ضخمة، لأسباب مختلفة، نقاشها خارج نطاق المقال. ومن المحتمل أن تتغير الأوضاع في بعض هذه الدول مستقبلا. هل أمريكا خالية من تلك الصناديق؟ لا ليست خالية، لكنها كلها مملوكة لقرابة 20 ولاية. على رأسها 3 ولايات الاسكا وتكساس ونيو مكسيكو تملك صناديق مصدرها الأول النفط وقيمتها قرابة 200 مليار دولار، بما يشكل قرابة ثلثي أموال الصناديق المملوكة لولايات. ولكنها صغيرة مقارنة بكبريات الصناديق عالميا.


ما أسباب إنشاء الصناديق العامة؟


يتركز عمل تلك الصناديق في استثمار مال عام لتوليد عائدات طويلة الأجل. وهذا يقلل من الحاجة إلى فرض مزيد من الضرائب. هذه نقطة جوهرية. للصناديق السيادية دور مهم في إدارة الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار المالي للأجيال القادمة. كما أن لها دورا مهما في تنويع إيرادات الدولة من خلال الاستثمار في مجموعة متنوعة من الأصول المالية.


مصادر التمويل


هناك 3 مصادر لتمويل الإنشاء أو التوسع. وهي الاحتياطي وفوائض جارية من العائدات الحكومية من صادرات الموارد الطبيعية كالنفط أو الصادرات الأخرى والاقتراض. والمقصود عادة بالاحتياطي مدخرات الدولة، بأهم العملات الأجنبية.. الاحتياطي هو خط دفاع أول للمالية العامة. ذلك بسبب احتمال وقوع الشدائد بين وقت ووقت. ولن أدخل في تفاصيل لأنه يطيل المقال. تشير إحصاءات من مصادر عديدة إلى أن قرابة 60% من الأموال الواردة للصناديق تأتي من موارد طبيعية كالنفط والمعادن.


مصاعب التمويل


يرى كثيرون أن مقترح الرئيس الأمريكي يثير أسئلة وتقف أمامه عقبات.

السؤال الأول عن مصادر تمويل الصندوق الحكومي الأمريكي المقترح؟ أصول الصندوق السيادي المقترح يفترض ألا تقل عن تريليون دولار، وهذا رقم كبير تقف أمام تنفيذه مصاعب على رأسها العجز الضخم المتراكم عبر السنين في الميزانية الفدرالية، والبالغ مجموعه قرابة ترليوني دولار.

يشير مسؤولون أمريكيون إلى عملية monetize assets أي تحويل أصول مملوكة للحكومة إلى نقود. ومن المصادر المحتملة الإيرادات المتحققة من الرسوم الجمركية. بعبارة أخرى تنقل كلها أو بعضها من كونها مصدرا من مصادر الإيرادات العامة لتمويل النفقات العامة لتكون مصدرا من مصادر الصندوق المقترح. ومن المصادر استثمار عوائد شركات مملوكة كليا أو جزئيا للدولة. التطبيق سيعمل وبقوة على زيادة عجز الميزانية الأمريكية، الذي هو أصلا كبير جدا.


هل تملك الحكومة الأمريكية شركات؟


نعم تملك، ولكنها ليست كبيرة ولا متنوعة، مقارنة بحجم وتنوع الاقتصاد الأمريكي. وليس من بينها شركات النفط ولا غيرها من الشركات الكبرى الأمريكية. من أشهر الشركات أو ما هي في حكم الشركات المملوكة للحكومة الفيدرالية الأمريكية شركة أمتراك وخدمة البريد الأمريكي ((USPS. وشركة أمتراك  Amtrakمشغلة لجزء كبير من شبكة السكك الحديدية الأمريكية، وأكبر ملاكها الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة. أما الخدمة البريدية فتابعة للحكومة الأمريكية، وأهميتها فقيمتها انخفضت مع التطورات التقنية.

باختصار، استخدام عوائد وتحويل أصول مملوكة للحكومة الفيدرالية التي تقود للمساهمة في تمويل إنشاء الصندوق المقترح ممكن، لكنها ليست بذلك الضخامة، خلاف أنها تزيد من عجز الميزانية. لذا فإن فكرة إنشاء صندوق كبير في أمريكا مع أنه متوقع أن تقابل بقبول من فئات، إلا انها تقابل بعقبات كبيرة بين سياسيّة وتنفيذية.

 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي