مؤشرات سوق النفط وهيمنة التوترات التجارية
في نهاية تداولات الأسبوع الأول من فبراير، تخلت العقود الآجلة للنفط عن جميع مكاسبها لعام 2025 وتراجعت إلى المستويات التي بدأت منها هذا العام. بالفعل، كانت سوق النفط تحت الضغط، وأدى تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية، ارتفاع المخزونات الأمريكية، عدم اليقين في الطلب إلى تأجيج التقلبات. فبعد ارتفاع أولي مدفوع بمخاوف التعريفات الجمركية والتزام "أوبك بلس" بسياستها الإنتاجية المقررة، كافحت أسعار النفط للحفاظ على المكاسب، حيث ركزت السوق على المخاطر الاقتصادية الأوسع التي تؤثر في أساسيات العرض والطلب.
مهدت الضغوط الطريق لانخفاض الأسعار بنسبة 2 % على أساس أسبوعي، حيث استقرت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط عند 74.66 و 71.00 دولار للبرميل على التوالي.
هز تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين سوق النفط، حيث أدت التعريفات الجمركية الجديدة إلى رد فعل حاد في أسعار النفط. لقد أحدث قرار فرض رسوم جديدة على كندا والمكسيك والصين موجة من الصدمة في أسواق الطاقة، في حين أدى رد بكين السريع – بفرض تعريفة بنسبة 10% على النفط الأمريكي – إلى تأجيج المخاوف من تباطؤ اقتصادي طويل الأمد.
وعلى الرغم من تأجيل التعريفات الجديدة على واردات الطاقة الكندية والمكسيكية، تظل التوترات التجارية مصدر قلق كبير في السوق. وقد تحول التركيز الأوسع إلى التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والذي تصاعد في أعقاب قرار الصين فرض تعريفة حمركية على النفط، الغاز المسال والفحم الأمريكي. وتضيف هذه الخطوة ضغوطا هبوطية على أسعار النفط العالمية، حيث تعد الصين مشتريا رئيسيا للخام الأمريكي.
ومع ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي، تستمر توقعات الطلب في الضعف، ما يزيد من خطر مزيد من انخفاض الأسعار. كما أدى ارتفاع الدولار الأمريكي، مدفوعا بارتفاع معدلات العزوف عن المخاطرة، إلى زيادة الضغوط على النفط من خلال جعله أكثر تكلفة للمشترين بالعملات الأخرى.
وتعرضت أسعار النفط لضغوط إضافية مع ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية، ما يسلط الضوء على ضعف الطلب من المصافي. وشهدت مخزونات النفط زيادة كبيرة بلغت 8.7 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 31 يناير ، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. ويسلط هذا الارتفاع، الذي كان أكبر من المتوقع، الضوء على ضعف الطلب مع خضوع المصافي الأمريكية للصيانة الموسمية. ومع ارتفاع المخزونات وتراجع الطلب، يظل المتداولون حذرين من مزيد من المخاطر السلبية. إضافة إلى ذلك، أضاف الالتزام المتجدد بتعزيز إنتاج النفط الأمريكي إلى المشاعر الهبوطية، ما عزز المخاوف بشأن تجاوز العرض للطلب في الأمد القريب.
وعلى الرغم من النبرة الهبوطية العامة، قدمت التوترات الجيوسياسية المحيطة بإيران قدرا من الدعم لأسعار النفط. وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة تستهدف صادرات النفط الإيراني إلى الصين. ويقدر المحللون أن هذه العقوبات قد تخفض صادرات النفط الإيرانية إلى النصف، ما قد يؤدي إلى تشدد العرض العالمي.
ومع ذلك، كان رد فعل السوق خافتا. وظل المتداولين يركزون على الرياح المعاكسة من جانب الطلب، حيث تفوقت المخاوف بشأن تباطؤ الاستهلاك على أي انقطاع محتمل في الإمدادات من إيران. ويؤكد هذا الرد الخافت كيف أن الضغوط الاقتصادية، وليس المخاطر الجيوسياسية، تهيمن حاليا على حركة أسعار النفط.
من جهة أخرى، كان قرار شركة أرامكو بزيادة أسعار البيع الرسمية للمشترين الآسيويين أحد الإشارات الصعودية القليلة في السوق. وتشير هذه الخطوة إلى الثقة في الطلب الثابت من المنطقة، حتى مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وفسر بعض المتداولين هذا على أنه علامة على أن المصافي الآسيوية لا تزال على استعداد لتحمل تكاليف النفط الأعلى، ما يشير إلى أن الطلب في المنطقة لم يضعف بشكل كبير بعد.
مع ذلك، وعلى الرغم من هذا التفاؤل، استمرت المخاوف الأوسع نطاقا بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي والنزاعات التجارية في الحد من أي ارتفاع ذي مغزى لأسعار النفط. ولا تزال أسعار النفط الخام عند منعطف حرج.
على الجانب الهبوطي، لا تزال المخاطر السلبية قائمة بسبب مخاوف الطلب المرتبطة بالتجارة، ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية، والدولار القوي.
وعلى الجانب الإيجابي، من المرجح أن يعتمد أي زخم صعودي على الاضطرابات المحتملة في الإمدادات، وخاصة من إيران، أو إذا أقدمت "أوبك بلس" على تغيير في إستراتيجيتها الإنتاجية. حتى ذلك الحين، يجب أن تستعد السوق لتقلبات متزايدة، مع مراقبة التطورات التجارية، بيانات المخزون والمخاطر الجيوسياسية عن كثب لتحديد الخطوة الرئيسية التالية في أسعار النفط.