مليارديرة سعودية تراهن على سيدات أعمال المنطقة بملايين الدولارات
تكثف شركة استثمار تابعة لإحدى أغنى السيدات في المملكة العربية السعودية رهاناتها على الشركات التي تقودها نساء، في خطوة تساهم في سد فجوة التمويل بين الجنسين في منطقة يسيطر فيها الرجال على المشهد.
قادت "دارا هولدينغز" (Dara Holdings)، وهي مكتب عائلي تابع للمليارديرة لبنى العليان، سلسلة من الاستثمارات منذ منتصف عام 2024 في شركات ناشئة أسستها النساء وتقع مقراتها في الإمارات.
كما شاركت الشركة في جولة تمويل مبدئي أُعلن عنها الشهر الجاري بقيمة 10 ملايين دولار خلال مرحلة التأسيس لشركة "كين إيه آي" (qeen.ai) الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها في دبي، والتي شاركت في تأسيسها دينا السمحان، المسؤولة التنفيذية السابقة في "جوجل".
ويأتي هذا الاستثمار بعد مشاركة "دارا هولدينغز" في جولة تمويل مبدئي في مرحلة ما قبل التأسيس في شهر يونيو الماضي، والتي جمعت خلالها شركة "كين إيه آي" الناشئة 2.2 مليون دولار.
سيدات الأعمال في الشرق الأوسط
علّقت السمحان، التي شغلت سابقاً منصب رئيسة العمليات في "جوجل" بالسعودية، على التمويل الأخير عبر منشور على "لينكد إن"، قائلةً: "ممتنة وفخورة"، مشيرةً إلى أن هذه الجولة تعد واحدة من أكبر جولات التمويل المبدئي بمرحلة التأسيس على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي ديسمبر الماضي، شاركت "دارا هولدينغز" في جولة لجمع رأسمال بقيمة 5.5 مليون دولار لصالح شركة "بايوسابين" (BioSapien)، وهي منصة توصيل أدوية مقرها أبوظبي أسستها الطبيبة خديجة علي، التي ظهرت مؤخراً في "ميت ذا درابرز" (Meet the Drapers)، وهو برنامج مسابقات للشركات الناشئة يقدمه المستثمر الأميركي الشهير تيم درابر.
في وقت سابق، استثمر المكتب العائلي أيضاً في الصندوق الثاني التابع لشركة "سيستميك كابيتال" (Systemiq Capital)، وهي شركة استثمارية تعمل في قطاع تكنولوجيا المناخ وتقودها إيرينا سباتسابان، المصرفية السابقة لدى بنك "غولدمان ساكس".
لبنى العليان تدعم النساء
تعتزم "دارا هولدينغز" مواصلة الاستثمار في مبادرات تدعم المرأة في الشرق الأوسط، كما تساهم في إنشاء صندوق للتأثير الاجتماعي تابع لمؤسسة "الفنار"، وهي مؤسسة خيرية مسجلة في المملكة المتحدة تشارك العليان البالغة من العمر 69 عاماً، في قيادتها، وفقاً لما ذكره وليد حرم، الرئيس التنفيذي للاستثمار في المكتب العائلي.
قال حرم، البالغ من العمر 44 عاماً، في بيان: "إذا كان الاستثمار يحقق المعايير المطلوبة ويدعم سيدات الأعمال في المنطقة، فإن ذلك يُعد مكسباً إضافياً كبيراً بالنسبة لنا. هذا مجال نركز عليه بشكل كبير".
مكتب لبنى العليان العائلي يكثّف رهاناته على رائدات الأعمال
تُعزز هذه الخطوات مكانة العليان كواحدة من أكثر سيدات الأعمال نفوذاً في الشرق الأوسط؛ حيث تمثل الشركات التي أسستها نساء أقل من 7% من الشركات الناشئة التي حصلت على تمويل، ولم تتجاوز حصتها 1.2% من إجمالي التمويل العام الماضي، وفقاً لمنصة "ومضة" التي تُعنى بدعم ريادة الأعمال في المنطقة.
تشغل العليان، التي عملت سابقاً كمحللة في "جيه بي مورغان تشيس آند كو" منصب رئيسة "مجموعة العليان"، وهي تكتل دولي بحجم مليارات الدولارات أسسه والدها في عام 1947 وتملكه إلى جانب أفراد عائلتها. كما شغلت منصب الرئيسة التنفيذية لشركة "العليان المالية"، الذراع الاستثمارية للمجموعة في الشرق الأوسط، على مدار عقود قبل أن تتنحى عن منصبها في عام 2019. وتشغل حالياً منصب رئيسة اللجنة التنفيذية، إضافة إلى رئاسة مجلس إدارة "البنك السعودي الأول" ومقره في الرياض.
استثمارات "دارا هولدينغز"
أنشأت "دارا هولدينغز" فروعاً لها في المملكة المتحدة وقبرص بعد تقاعد العليان من منصبها في شركة "العليان المالية". وتشمل استثماراتها الأخرى حصة في شركة الحلويات الإيطالية "فينشي" (Venchi)، بالإضافة إلى شركة "فير" (Veir) الأميركية الناشئة العاملة بمجال نقل الطاقة، والتي استحوذت على حصة فيها الشهر الماضي.
العليان، التي تشغل منصب عضو مجلس الأمناء في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، تركز على تعزيز دعم القيادات النسائية، تزامناً مع اضطلاع النساء في السعودية (وهي الوطن الأم للبنى) بدور متزايد الأهمية، بفضل إصلاحات حديثة أتاحت للمرأة السعودية تأسيس مشاريعهن الخاصة دون الحاجة إلى موافقة الرجال، فضلاً عن السفر بشكل مستقل. وأسهم هذا التقدم في رفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 12%، وفقاً لأبحاث أجرتها شركة "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics).
قال حرم: "نحن متحمسون للغاية لإنشاء بيئة استثمارية تركز على البحث والتطوير وريادة الأعمال. ونهدف إلى خلق هذه الفرص في المنطقة"، مشيراً إلى أن الشركة لا تفصح عن حجم الأصول التي تديرها.
نساء يقدن المكاتب العائلية
تحظى النساء بمناصب عليا في العديد من المكاتب العائلية حول العالم.
وبحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ"، تتولى السيدات حالياً مناصب تنفيذية رفيعة في المكاتب الاستثمارية الخاصة المملوكة لأكثر من 24 مليارديراً من بين أغنى 500 شخص في العالم، من بينهم رائد التكنولوجيا الأميركي مايكل ديل، وأغنى شخص في بريطانيا جيمس دايسون.
ومن بين النساء الثريات اللواتي أنشأن مكاتب عائلية مؤخراً، ألاناه ويستون، الرئيسة السابقة لسلسلة متاجر "سلفريدجز" (Selfridges) للمنتجات الفاخرة، ودمت موتلو التي تركت دراسة إدارة الأعمال في جامعة "هارفرد" وأسست أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في تركيا.