خطر الركود التضخمي يترسخ ويهدد انتعاش الأسهم الأمريكية
تجددت المخاوف من مزيج غير مرغوب فيه يجمع بين التضخم وركود الاقتصاد، لكن خلافا لحالات سابقة، من الصعب على المستثمرين التخلص من المخاوف هذه المرة.
على مدار السنوات القليلة الماضية كانت المخاوف من الركود التضخمي تعاود الظهور بين حين وآخر، مع استمرار اتجاه التضخم نحو مستوى أعلى من 2% الذي حدده مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن الثقة بقوة الاقتصاد الأمريكي لطالما كانت تبدد هذه المخاوف، بحسب "ماركت ووتش".
عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الشهر الماضي، إضافة إلى حالة من التفاؤل مرتبطة بفكرة أن أمريكا تتمتع بخصائص متفوقة بشكل فريد مقارنة ببقية العالم، كان من المفترض أن تدعم سوق الأوراق المالية ككل، فضلا عن الدولار.
الآن يبدو أن خطر الركود التضخمي قد ترسخ بشكل أقوى، وهو ما تظهره الأسهم الأمريكية التي تتخلف عن نظيراتها الأوروبية، فضلا عن انخفاض الدولار 1.7% حتى الآن هذا العام، وفقا لمؤشر ICE.
شهدت جلسة التداول يوم الجمعة تسجيل مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكبر انخفاض لهما في 2025 وأكدت بذلك حالة القلق المترسخة بين المستثمرين - أغلق ستاندرد آند بورز 500 يوم الأربعاء على ارتفاع قياسي غير مسبوق بلغ 6144.15 نقطة.
قال إستراتيجيون في بنك مورجان ستانلي إن المستثمرين بدأوا يشككون في استدامة سردية "استثنائية الولايات المتحدة"، مشيرين إلى أن التشكيك ظهر في نقاش استمر لعدة أسابيع مع العملاء حول التوقعات الاقتصادية.
من جانبه، قال توم إيساي، رئيس ومؤسس شركة سيفنس ريبورت، إن شركته المختصة في تحليل السوق، ستبحث في الأسابيع المقبلة عن خطر متزايد من الركود التضخمي يمكن أن "يكون عاملا سلبيًا جديدًا كبيرًا للأسهم".
التحديث التالي للتضخم يأتي يوم الجمعة، مع نشر بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي عن يناير، وهو المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي لمكاسب الأسعار. ومن المتوقع أن تأتي البيانات الرئيسية والأساسية عند 0.3% على أساس شهري، استنادا إلى متوسط تقديرات اقتصاديين استطلعت آراءهم "وول ستريت جورنال". ومن المتوقع أن تتراجع البيانات الرئيسية والأساسية السنوية إلى 2.4% و2.6%، على التوالي.
وبحسب ويل كومبرنول، الاستراتيجي في "إف. إتش. إن. فاينانشيال"، ما يقلق المشاركين في السوق هو أن "الركود التضخمي صعب حقًا على البنوك المركزية والتجار، لأنه لا يوجد علاج سياسي واضح له"، مضيفا: "بالنسبة إلى البنوك المركزية، تسير الأمور بشكل خاطئ في كلا الاتجاهين".
ظل التضخم عالقًا بعناد فوق 2% منذ أواخر عام 2021، على الرغم من سلسلة من زيادات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي بين عامي 2022 و2023. أظهرت بيانات يوم الجمعة أن توقعات الأمريكيين للتضخم في السنوات المقبلة ارتفعت إلى أكثر من 3% وارتفعت أيضًا أسعار المدخلات الإجمالية لعديد من الشركات. في الوقت نفسه، ارتفع معدل التعادل لمدة 5 سنوات إلى 2.61% وهو أعلى مستوى له في عامين.
ارتفاع معدل التعادل هو أحد العوامل التي زادت من احتمال وجود بيئة صالحة للركود التضخمي، وفقا لكلفن وونج، كبير محللي السوق في شركة أونادا، الذي رجح تبني الاحتياطي الفيدرالي موقفًا أقل حمائمية، وهو ما من شأنه أن يشدد ظروف السيولة وقد "يُحدث حلقة ردود فعل سلبية متوسطة الأجل في سوق الأسهم الأمريكية".