الثلاثاء, 8 أَبْريل 2025 | 9 شَوّال 1446


أين ومتى سيتوقف الذهب عن الارتفاع؟

يعد الاستثمار في الذهب من أشهر أنواع الاستثمارات في الأسواق، ويزداد الاقبال على المعدن الأصفر عند الأزمات الاقتصادية أو الاضطرابات السياسية التي قد تلحق ضررا بالاقتصاد، بحكم أن الذهب يعد من أبرز الملاذات الآمنة عندما تقل شهية المخاطرة تجاه أسواق الأسهم والسلع، ويمكن الاستثمار بالذهب من خلال شراء السبائك وتخزينها، أو من خلال شراء أسهم الشركات التي تعمل في مجال إنتاج الذهب، كما يمكن الاستثمار في الذهب من خلال الصناديق التي تتملك في الذهب وتتأثر بسعر الذهب ارتفاعا وانخفاضا.

ومن المتقرر عند أهل الاستثمار في الذهب أن سعر الأونصة أو الذهب عموما يتأثر سلبا بارتفاع الدولار، كما أن انخفاض الدولار يمنح كثيرا من الدعم لارتفاع الذهب، ومنذ بداية العام الجاري تراجع مؤشر الدولار بأكثر من 6% من مستوى 110 كقمة سجلها منتصف يناير الماضي إلى 103 كقاع سجله منتصف مارس الماضي، وقد أسهمت توقعات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي إلى مرتين هذا العام عوضا عن 4 تخفيضات كانت متوقعة سابقا، من دفع مؤشر الدولار للانخفاض إلى المستويات الحالية، كما أن هذا التراجع على الدولار عزز من إقبال المستثمرين على حيازة الذهب، حيث ارتفع الذهب من بداية العام بأكثر من 20% ما يعادل نحو 550 دولارا للأونصة، كما ارتفع خلال شهر مارس فقط بأكثر من 10%.

ولعل من أبرز الأسباب لارتفاع الذهب خلال السنوات الأخيرة، هو الحرب الروسية الأوكرانية، وما أعقبها من عقوبات متعددة ضد الاقتصاد الروسي من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ومن تبعهم فيها، فمنذ شهر أكتوبر 2022 كانت أونصة الذهب حينها تتداول عند مستويات 1600 دولار، ومع ارتفاع عدد العقوبات على روسيا، التي شملت عدة قطاعات وكيانات روسية، بدأت بعض الدول وعلى رأسها الصين من خلال بنكها المركزي بالشراء المتواصل للذهب شهريا وزيادة حيازتها له، وذلك خوفا من قرارات قد تكون مشابهة ضدها يوما ما، وكذلك الحال للدول التي تبعتها بالتوجه ذاته، ومما زاد من إقبال المستثمرين على الذهب ارتفاع التضخم وتوجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن، خاصة مع خفض معدلات الفائدة والتي أثرت سلبا في إقبال المستثمرين على الدولار، لذلك انعكس ما سبق على ارتفاع الذهب بنحو 95% خلال سنتين ونصف فقط.

وأخيرا ومنذ فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية التي بدأ فيها منذ توليه السلطة بفرض رسوم جديدة وزيادة التعريفات الجمركية على عدد من الدول، ما أسهم في ارتفاع أسعار الذهب، حيث لجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر من باب التحوط والحماية ضد التقلبات التي قد تنتج عما يسمى بالحرب التجارية التي يقوم بها الرئيس ترمب.

حاليا لا يزال الذهب بمسار صاعد، وإن كان بحاجة بعد الصعود المتواصل منذ بداية العام الجاري لبعض عمليات جني الأرباح الطبيعية، بشرط المحافظة على مناطق الدعم الأساسية، وتعد أهم مناطق الدعم حاليا للذهب عند مستويات 2900 تليها 2750 دولارا للأونصة، التي من الصعب كسرها في الظروف الحالية، إما عن توجه الأسعار مستقبلا أو أين ومتى سيتوقف الذهب عن الارتفاع؟ فالحقيقة أن ذلك يخضع لعدة أمور من بينها استقرار الأسواق، وزوال الضبابية، وتلاشي المخاوف من تأثير الحرب التجارية على النمو الاقتصادي العالمي، التي تسببت في حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين بشكل عام، وإلى ذلك الحين يبدو أن صعود الذهب سيظل مستمرا إلى أرقام جديدة، والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي