سوق العمل تتحول.. القطاع الخاص يقود
شهدت سوق العمل السعودية خلال الأعوام الأخيرة نمواً ملحوظاً في جميع مؤشراته، فقد أظهرت بيانات نشرة سوق العمل للربع الرابع من 2024 تقدما ملحوظا في تحقيق المستهدفات التي وضعتها الحكومة بشأن سوق العمل، حيث رأينا تسجيل معدل البطالة بين السعوديين انخفاضًا إلى 7%؛ وهو أدنى مستوى تاريخي له، مصحوبًا بارتفاع ملحوظ في معدل المشاركة الاقتصادية للمواطنين ليصل إلى 51.1%، ما يُبرز التحسن المستمر في أداء السوق وقدرتها على استيعاب الكفاءات الوطنية.
واللافت أن سوق العمل السعودية قد شهدت خلال الأعوام الأخيرة نموا بارزا في مشاركة المرأة الاقتصادية، حيث ارتفعت نسبة مشاركتها من 21.2% في 2017 إلى 35.4% بنهاية الربع الثالث من 2024، في حين سجل معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات فوق سن 15 عاماً ارتفاعاً ليصل إلى 36.2%، كما زادت نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا.
وانطلقت الحكومة وبقيادة وزارة الموارد البشرية قبل نحو 8 سنوات من نقطة تحدٍ قوية هي وضع مستهدف بخفض معدل التضخم من مستوى تجاوز 12% حينها إلى 7% بحلول 2030، وسط ضبابية في مسار الاقتصاد العالمي، وبدأت الجهود المكثفة لتغيير هذا الواقع من خلال إستراتيجيات ومبادرات لتبرز نتائج الربع الرابع من 2024 نجاحات كثيرة؛ منها انخفاض البطالة بين السعوديين إلى 7% مقارنة بـ7.8% في العام السابق، مع ارتفاع معدل المشتغلين إلى 47.5.%.
بالتأكيد، تقف خطط وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خلف هذا التحول بدعم من القيادة من خلال مبادرات ركزت على تعزيز التوظيف وتأهيل الكوادر الوطنية، ولكن وعلى الجانب الآخر أسهم القطاع الخاص؛ الذي تصدّر معدلات التوظيف، في زيادة فرص العمل المتاحة ليكون هناك تناغم واضح يقود لنتائج ملموسة نحصد ثمارها الآن. ولم تتوقف الجهود المبذولة عند حدود تنفيذ المبادرات العملية فحسب، بل شملت أيضًا تطويرًا شاملًا للإطار التشريعي المتعلق بتنظيم سوق العمل، إلى جانب تبسيط الإجراءات وتحسين الكفاءة التشغيلية من خلال منصات إلكترونية متقدمة مثل "قوى"، وهي خطوات ساهمت بشكل كبير في تعزيز مرونة السوق وقدرته على التكيف مع المتغيرات، فضلاً عن رفع مستوى جاذبيته كوجهة للكفاءات الوطنية الباحثة عن فرص عمل مستدامة ومجزية.
وتتجلى آثار هذه التحسينات بوضوح في الارتفاع الملحوظ لمعدل المشاركة الاقتصادية للسعوديين، ما يعكس نجاح السياسات المتبعة في تعزيز حضور المواطنين في القوى العاملة في شركات ومؤسسات القطاع الخاص. ومع استمرار تطبيق هذه الإستراتيجيات المدروسة، يُتوقع أن تواصل سوق العمل مسيرتها التصاعدية، مدعومة بتوسع الفرص المتاحة في القطاعات الحديثة والواعدة مثل التكنولوجيا والسياحة، التي تُعد محركات رئيسية للنمو، وبهذا، ترسخ السوق دورها الحيوي كركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل. لقد بات القطاع الخاص السعودي منتجا لوظائف مجزية ومغرية للسعوديين وبات بفعل الإجراءات الحكومية جاذبا للمئات من الكوادر الوطنية ما ساعد على تخفيف وتيرة البطالة ورفع جودة الوظائف، والواقع أن الحكومة نجحت في تسليم دفة إنتاج الوظائف للقطاع الخاص كهدف صحي وداعم للاقتصاد الوطني.