الأربعاء, 30 أَبْريل 2025 | 2 ذو القَعْدةِ 1446


سلع في الخزائن والمستودعات الأمريكية .. منجم ذهب بلا رسوم

في الوقت الذي تسعى فيه الشركات عالميا لتفادي الأضرار الناتجة عن حرب ترمب التجارية، تشير توقعات خبراء في الصناعة إلى أن محال بيع الملابس والأحذية والإكسسوارات المستعملة في الولايات المتحدة قد تكون من أبرز المستفيدين.

معظم الملابس المبيعة في الأسواق الأمريكية تُصنع في الخارج. ومع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة على هذه البضائع، من المتوقع أن ترتفع أسعار الملابس 65%، وأسعار السلع الجلدية 87%، بحسب تقديرات مركز بدجت لاب في جامعة ييل.

قد تدفع هذه الزيادات في الأسعار المتسوقين المهتمين بالتكلفة إلى مواقع إعادة البيع عبر الإنترنت ومتاجر السلع المستعملة، بحثا عن صفقات أو طريقة لتحويل خزائن ملابسهم إلى آلة نقود. تُباع السلع المستعملة بأسعار أقل من الجديدة، ولن تخضع للرسوم الجمركية إلا إذا كانت من خارج البلاد.

قالت كريستين كلاسي-زومو، محللة صناعة الملابس في شركة أبحاث السوق سيركانا: "أعتقد أن عملية إعادة البيع ستنمو في سوق تشهد تراجعا"، مضيفة أنه "في ظل هذا الوضع المضطرب، القنوات التي تقدم قيمة حقيقية للمستهلك هي التي ستواصل النجاح".

ورغم الآفاق الواعدة، يكتنف مستقبل الأزياء المستعملة الغموض ويثير تساؤلات مثل: هل ستستمر رسوم ترمب لفترة كافية بحيث تؤثر في المستهلكين وتغيير سلوكهم؟ هل سيرفع موردو الملابس المستعملة أسعارهم؟ إما لمواكبة اتجاه السوق ككل أو استجابة لطلب المتسوقين.

جمهور جديد تولده صدمة الأسعار
بدأت سوق الملابس المستعملة في جذب شرائح جديدة من المتسوقين. في حين يُعرف جيل الألفية وجيل زد بأنهما الشريحة الأساسية التي تشتري الملابس المستعملة، تُظهر بيانات شركة أبحاث السوق "سينسور تاور" أن قاعدة المشترين بدأت تتوسع.

كانت سوق الملابس المستعملة مزدهرة بالفعل قبل أن يُخيم شبح التعريفات الجمركية على صناعة الأزياء الأمريكية. توقعت شركة ماكينزي، بعد جائحة كوفيد-19، أن تحقق إيرادات قطاع الأزياء المستعملة على مستوى العالم نموا يفوق مبيعات الأزياء الجديدة بـ11 ضعفا بحلول هذا العام، مع توجه المستهلكين نحو خيارات توفر المال وتراعي الجوانب البيئية.

وأفادت "سينسور تاور" بأن عدد عمليات تنزيل تطبيقات إعادة البيع مثل إيباي وأوفير أب على الهاتف المحمول ارتفع 3% بين يناير ونهاية مارس، وهو أول ارتفاع ربع سنوي منذ 3 أعوام".

منجم معفى من الرسوم
في ظل تصاعد الرسوم الجمركية، تستعد منصات بيع الملابس المستعملة مثل "بوشمارك" للاستفادة من التحول في سلوك المستهلكين. يقول الرئيس التنفيذي للمنصة، مانيش تشاندرا، "إن تطوير أدوات البحث وتجربة المستخدم سيساعدان على اقتناص الفرص الناتجة عن اضطراب السوق".

من جهتها، قالت إميلي جيتنز، الرئيسة التنفيذية لشركة "أركايف"، التي تنشئ برامج لإعادة البيع عبر الإنترنت وفي المحال لعلامات تجارية مثل لولوليمون: "الاستفادة من جميع المخزون الموجود في الولايات المتحدة، سواء في خزائن الناس أو في المستودعات غير المُستخدمة، يُوفر مصدر إيرادات، بينما تُقيد العلامات التجارية الطلبات من المُصنّعين الأجانب أو تُعلقها". وترى جيتنز أن الغموض يخيّم على السوق، متوقعة أن تلحق الرسوم الجمركية ضررا كبيرا بعلامات السلع الاستهلاكية، ما يدفع عديدا من الشركات للتركيز على سوق إعادة البيع كخيار بديل.

توقع محللو سوق الأسهم أن متاجر التجزئة التي تبيع بأسعار مخفضة مثل تي جيه ماكس ستتحمل الرسوم الجمركية بسهولة أكبر من سلاسل الملابس والمتاجر الكبرى الأخرى لأنها تبيع منتجات موجودة أصلا داخل الولايات المتحدة.

مع ذلك، قالت راشيل كيبي، مؤسِّسة ورئيسة تنفيذية لشركة "سيركولار سيرفيسز جروب"، التي تُقدِّم المشورة للعلامات التجارية وتجار التجزئة بشأن الحد من التأثير البيئي لصناعة الأزياء، "إنَّ بائعي الملابس المستعملة ليسوا بمنأى عن الاضطرابات الناجمة عن الرسوم الجمركية".

وأوضحت أن البائعين الأمريكيين الذين يستوردون ملابس مستعملة من دول الاتحاد الأوروبي قد يضطرون إلى دفع رسوم جمركية بنسبة 20%، في حال مضى ترمب في تنفيذ رسوم "متبادلة" وألغى الإعفاء الضريبي على الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار.

أخيرا، يبدو أن سوق الملابس المستعملة لم تعد مجرد خيار ثانوي، بل تحولت إلى ملاذ استهلاكي واستثماري على حد سواء. قد تكون عملية إعادة البيع بديلا عمليا ومستداما يواكب تحولات السوق، رغم التحديات المحتملة التي قد تواجه حتى هذا القطاع.

الأكثر قراءة