هل تتمكن أغنى عائلة في أوروبا من صناعة غريم لـ «سان جرمان» في باريس؟
تشتهر باريس بهندستها المعمارية الخلابة ومطبخها الفاخر وريادتها في عالم الأزياء حول العالم، لكن العاصمة الفرنسية تفتقر إلى أحد أبرز عناصر المدن الحديثة وهو مبارزة "ديربي" قوية في كرة القدم.
على الرغم من أن نادي باريس سان جرمان المملوك لقطر أنفق ميزانيات ضخمة في الأعوام الأخيرة لجذب نجوم عالميين على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي، البرازيلي نيمار وكيليان مبابي، إلّا أن المدينة الساحرة لم تكن يوما بوتقة في كرة القدم.
رغم ذلك، تبقى المنطقة الباريسية مصنعا بارزا لأفضل المواهب الكروية في العالم.
شهدت كأس العالم 2022 في قطر مشاركة 29 لاعبا نشأوا وتكونوا في باريس الكبرى، من بينهم 11 لاعبا من المنتخب الفرنسي الذي بلغ النهائي، فيما ارتدى آخرون قمصان منتخبات أمثال البرتغال، الكاميرون، تونس، السنغال، والمغرب.
لكن باريس، أكبر منطقة حضرية في الاتحاد الأوروبي مع تعداد سكاني يبلغ 12 مليونا، تملك فريقا واحدا فقط في الدوري الفرنسي للدرجة الأولى، باريس سان جرمان، منذ أن هبط نادي راسينج باريس قبل 35 عاما.
وبخلاف العاصمة الفرنسية، تملك لندن 7 أندية في الدوري الإنجليزي (برمير ليج)، فيما تزخر المدن الكبرى الأخرى كمدريد وميلانو وروما وبرشلونة وأثينا بعديد من الأندية في دوري النخبة.
هذا الأمر قد يتبدّل في وقت قريب بفضل إحدى أكثر العائلات ثراء في العالم.
ورغم تراجع قطاع السلع الفاخرة في الفترة الأخيرة، فإن برنار أرنو بقي عنوانا للثراء ويُعد الأغنى في أوروبا بثروة تقدر بـ190 مليار دولار أمريكي.
يملك مؤسس مجموعة "إل في إم إتش"، وهي شركة السلع الفاخرة المالكة لعلامات تجارية للأزياء مثل ديور ولوي فويتون وشمبانيا "مويت وشاندون"، المال والقوة التسويقية اللازمة لـ"تحريك الجبال".
عائلة أرنو، اشترت في نوفمبر الماضي حصة أغلبية في نادي "باريس إف سي"، في حين قال نجله الأكبر أنطوان وهو عاشق لكرة القدم وحامل للتذاكر الموسمية سابقا في سان جرمان، إنهم يرغبون في تحويل النادي الى قوة لا يُستهان بها.
في خطوة مهمة، عقدت العائلة شراكة لافتة مع شركة ريد بول وأحد مدرائها مدرب ليفربول الإنجليزي السابق الألماني يورجن كلوب، في سعيها لقيادة الفريق من الدرجة الثانية "ليج 2" إلى دوري الأضواء، وصولا إلى حجز مقعد في دوري أبطال أوروبا حسب المخطط المرسوم للنادي.
وأكد أرنو الذي ظهر خلفه على الحائط شعار النادي يتوسطه برج إيفل: "إنه مشروع طموح، لكنه ليس واقعيا".
لكن ثمة مشكلة واحدة: لم يتعد الحضور الجماهيري على ملعب الفريق في "ستاد شارليتي" 3 آلاف مشجع، إلى أن بدأت إدارة النادي في تقديم تذاكر مجانية.
يُعد هذا الرقم بعيدا جدا عن أعداد جماهير غريمه المفترض سان جرمان، حيث غالبا ما يخوض مبارياته في ملعبه بارك دي برانس الذي يتسع لـ47 ألفا أمام مدرجات ممتلئة.
وأكد أرنو الذي يحظى بدعم أشقائه وشقيقته الكبرى ديلفين "نريد أن نبني فريقا يضم 5 أو 6 أو 7 أو حتى 8 لاعبين من أكاديمية الشباب".
وعلى غرار المهاجم السابق تييري هنري، بول بوجبا وآخرين، طوّر هؤلاء اللاعبون مهاراتهم في شوارع وملاعب العاصمة وضواحيها الأكثر فقرا.
أظهر سان جرمان أخيرا رغبة كبيرة في التركيز على اللاعبين المحليين، إلّا أن باريس إف سي يطمح للتفوق على جاره في هذا المجال.
رئيس النادي بيار فيراتشي الذي من المقرر أن يبقى في منصبه حتى 2027 بموجب الاتفاق مع الثنائي أرنو وريد بول، قال: "نحلم بأن نصبح أفضل أكاديمية للشباب في فرنسا يوما ما، كما نحلم أن نصبح أبطال فرنسا وأن نلعب في أوروبا".
وأضاف: "الحلم هو أن نصبح يوما ما مثل أكاديمية لا ماسيا" الشهيرة لنادي برشلونة الإسباني التي خرّجت ميسي وتشافي وإنييستا وبيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي، من بين عديد من اللاعبين الرائعين".
تملك عائلة أرنو قدرات مادية كبيرة لمضاهاة ما فعله القطريون في سان جرمان، لكنها تصرّ بأنها لن تعتمد النهج عينه، وهو ما شدد عليه أنطوان قائلا: "نحن لا نميل إلى صرف أموالنا بشكل عشوائي".