4 أدوات قادت الاقتصاد السعودي لقاطرة التحول وصدارة المؤشرات العالمية
يسجل الاقتصاد السعودي منذ إطلاق رؤية 2030، التي تعتبر خريطة تتشكل على هدي خططها ومبادراتها وأهدافها سعودية الحاضر والمستقبل، نسبا وأرقاما جعلت المملكة تنافس على مراكز متقدمة في قائمة المؤشرات العالمية.
ونجح في تحقيق أداء اقتصادي جيد في مجموعة العشرين، وهو حاليا محط أنظار تكتل البريكس الذي يتطلع باهتمام لانضمام السعودية إلى المجموعة.
لكن ما يبقى مثيرا حقا في أداء الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة، هو السياق العام لتحقيق ذلك.
فالتجارب تفيد بأن اقتصادات الدول في لحظات تحول تعيش عادة على وقع الأزمات والتقلبات، وحتى الفوضى أحيانا.
خلافا للوضع في السعودية تجري أطوار التحول بسلاسة ومرونة، ما عجل بظهور الثمار التي تعدى وقعها المجتمع المحلي نحو الانعكاس على الاقتصاد العالمي.
لم تكن هذه النتيجة بمحض الصدفة، بل كانت خيارا مدروسا بدقة ومخططا له بعناية، من قبل مهندسي رؤية المملكة، وسندهم في ذلك قراءة وتأمل تجارب الدول السابقة، والحرص على استخلاص الدروس والعبر منها.
فجاءت الوصفة التي استجمعت في طياتها عددا من الأدوات، جعلت الاقتصاد يقود قاطرة التحول على كافة الجبهات والأصعدة في مختلف ربوع السعودية.
شكل الإنسان؛ العنصر البشري، أقوى أدوات الاقتصاد السعودي في سعيه نحو الريادة، فالتاريخ يؤكد أن الاستثمار في الموارد البشرية أساس قوة الأمم ونهضة الشعوب.
لذلك كان الرهان على بناء الإنسان (المواطن) الذي ينخرط بفاعلية في خطط التنمية ومشاريع التأهيل بحس المسؤولية والانتماء، فالإنسان في النهاية هو الفاعل (منفذا) والمفعول به (متأثرا). وهذا ما نجحت الرؤية في تحقيقه، بجعل الفرد محرك هذه الديناميكية التي باتت حلم القيادة والشعب.
مثلت العدالة القطاعية التي كانت ثمرة التفكير المبدع الخلاق؛ خارج الصندوق كما يقال، ثاني الأدوات، فإعلان السعودية عن خطة التنويع الاقتصادي بعيدا عن القطاع النفطي، فاق سقف توقعات كثير ممن جزموا حينها بصعوبة التخلص من النفط.
قبل أن يأتي الجواب بالفعل لا القول، وذلك من خلال التوجه إلى صناعات (الترفيه، الرقمنة، السياحة...)، بل إن بعض هذه المجالات لم يكن شيئا مذكورا حتى وقت قريب، ما أكسب الاقتصاد السعودي تنوعا حفز أداءه، بعدما تخلص من الارتهان لسوق النفط.
حضرت العدالة في المجال أيضا، فالتوزيع الجغرافي أحد أدوات الاقتصاد السعودي، وذلك بالابتعاد عن ثنائية المراكز والهوامش.
بل على العكس تماما، يقف المتابع على الحرص الشديد لإشراك كافة المناطق، بالبحث في سبل استثمار مؤهلاتها: الطبيعية والتاريخية والجغرافية بدمجها في مشاريع عملاقة (نيوم، القدية، أمالا، الدرعية).
وطبعا يحضر الإنسان السعودي مجددا، بشكل ضمني، فلم يعد الانتماء إلى المدن أو الحواضر الكبرى شرطا للمساهمة والاستفادة من السياسات المهيكلة، كما حدث في عدد من التجارب، لأن قطار الرؤية يجوب مدن وقرى وأرياف وصحاري وبحار المملكة، مسقطا ثنائية المركز والهامش.
تبقى المرونة والقدرة على التكيف كذلك من أقوى أدوات الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة، فقد مكنته من تجاوز تقلبات عديدة وصدمات مفاجئة، لعل أبرزها جائحة فيروس كورونا التي أوقفت أنفاس الاقتصادي العالمي، قبل أن تتدخل السعودية من موقعها رئيسة لمجموعة العشرين، معلنة حوافز وخططا أعادت الأمل إلى اقتصادات عدد من الدول.
أتاح حضور هذه الأدوات بمعية أخرى للاقتصاد السعودي قوة جعلت منه، وفي غمرة التحول، اقتصادا رياديا على الصعيد العالمي، فعام تلو آخر تواصل السعودية تعزيز حضور اسمها في صدارة المؤشرات العالمية، على غرار قدرتها على حصد شرف تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى (كأس الخليج 2027، معرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034).