ازدواجية الأقسام العلمية
تتسابق الجامعات المتميزة إلى استحداث برامج علمية نوعية مميزة تواكب تلبية احتياجات الجهات الحكومية والأهلية وتتماشى مع متطلبات سوق العمل مع المحافظة على هوية الأقسام العلمية واستقلالها ومتانة مخرجاتها في واقع المعهد العالي للدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الذي تبنت الإدارة السابقة للجامعة تأسيسه بعد إلغاء برنامج البكالوريوس بقسم الدعوة والاحتساب التابع لكلية الدعوة والإعلام (سابقا)، وترتب على ذلك اقتصار المعهد العالي للدعوة والاحتساب على تقديم الدراسات العليا في تخصصات علمية ثلاثة عبر أقسامه الثلاثة: الدعوة، والحسبة، والرقابة، والدراسات الإسلامية المعاصرة. ومع أن القسمين (الدعوة، والحسبة والرقابة) يجسدان هوية قسم الدعوة والاحتساب (سابقا) والمعهد (حاليا) إلا أن اللافت إدراج قسم الدراسات الإسلامية المعاصرة ضمن الأقسام العلمية التابعة للمعهد مع أن مقررات القسم بتخصصه الجديد كما في خططه الدراسية لا علاقة لها بالدراسات الإسلامية إلا من زاوية محدودة، فهذا القسم يدرس فيه مثلا: النظم الاقتصادية البحتة، والأنظمة السياسية بما فيها القانون الدستوري والعلاقات الدولية، والاجتماعية، والمنظمات الدولية، وحقوق الإنسان... إلخ.
وتتجلى الازدواجية في أن هذا القسم مسبوق بقسم عريق في كلية الشريعة في الجامعة نفسها ألا وهو قسم الثقافة الإسلامية الذي يعد من الأقسام العلمية العريقة المتميزة بجامعة الإمام ويمنح درجتي الماجستير والدكتوراه في برنامج الدراسات العليا التي تعنى بالمعاصرة وحل مشكلات العصر برؤية شرعية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويضم القسم نخبة من الأساتذة المتخصصين في الثقافة والدراسات الإسلامية المعاصرة بخلاف قسم "الدراسات المعاصرة" بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب الذي تشكل أعضاء هيئة التدريس فيه من الأساتذة الأفاضل المتخصصين في الدعوة والاحتساب ممن كانوا على ملاك قسم الدعوة والاحتساب (سابقا)، ولا يكاد يوجد بينهم متخصص في الدراسات الإسلامية المعاصرة، ومع هذه المعطيات فإن هذا القسم العلمي سيخرج طلابا غير مؤهلين ولا ملمين بمواد التخصص الدقيق، ما يستدعي ضرورة تصدر وزارة التعليم وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمعهد العالي للدعوة والاحتساب بجدية لإعادة النظر في استمرار قسم الدراسات الإسلامية المعاصرة ضمن أقسام المعهد العلمية، والبت مع الجهات ذات العلاقة لدمج طلبة القسم مع طلاب الدراسات العليا بقسم "الثقافة الإسلامية" بكلية الشريعة لكونه القسم العلمي المتخصص والمؤهل لتقديم برامج الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية المعاصرة، ولوفرة الأساتذة المتخصصين في هذا العلم بالقسم، وسيكون لعودة أعضاء هيئة التدريس إلى أقسامهم العلمية المتخصصة في "الدعوة والحسبة" أثر في دعم مسيرة المعهد واستقلاله بهويته التي تميز بها عن غيره من الأقسام العلمية بالجامعة.