العهد الاقتصادي الجديد «2»
“نظرا لكون العنصر البشري عاملا أساسا لنجاح المشاريع، سنعمل على تأسيس برنامج متخصص لدعم وتفعيل هذا العنصر المهم، وسيعنى البرنامج بقياس كفاءة رأس المال البشري في القطاع العام وتقويمها وتحليلها، والمساندة في توفير الكوادر والدراسات والاستشارات والشراكات الاستراتيجية المتعلقة برأس المال البشري، والمساعدة في الاختيار والتطبيق لتحقيق الأهداف الاستراتيجية”.
كان هذا نص البند المتعلق ببرنامج رأس المال البشري كما جاء في رؤية 2030.
لكن ما المنتظر من تنمية الفرد السعودي؟ هل تطوير التعليم؟ هل الرفاهية الاقتصادية؟ هل التنوع الثقافي؟ هل المساواة الاقتصادية بين الجنسين؟
من المعروف أن التنمية البشرية هي أفضل استثمار تقوم به أي دولة على الإطلاق لكن يتباين مصطلح التنمية البشرية بين الدول، لذا نذكر هنا بعض المعلومات المهمة:
في بداية الستينيات ارتفعت المطالبات بالتخلي عن “الناتج المحلي الإجمالي” كمعيار أوحد للتطور والتنمية الوطنية في أي بلد.
في السبعينيات والثمانينيات بدأ التوجه نحو معايير بديلة لقياس التطور ومنها التركيز على معدل البطالة وتوزيع الثروات Wealth Distribution ومدى الاكتفاء الذاتي Self Sufficiency لكل المواطنين. ومن هنا جاء التوجه إلى تحسين جودة المعيشة Quality Of Living (عوضا عن الاقتصادي فقط) ويشمل ذلك إيجاد فرص وخيارات متاحة للجميع.
ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتم تقسيم التنمية البشرية إلى جزءين رئيسين:
أولا- التحسين المباشر للقدرات البشرية. ويندرج تحته ثلاثة أهداف: زيادة في متوسط العمر البشري مع التمتع بالصحة العامة، المعرفة والعلم، مستوى معيشي لائق (بحد أدنى).
ثانيا- تهيئة المناخ المناسب للتطوير البشري ويندرج تحته أربعة أهداف: المشاركة السياسية والمجتمعية، الاستدامة البيئية، حماية حقوق الإنسان، المساواة بين الجنسين.
لو سلمنا بأن هذه الأسس سليمة وارتأت القيادة أنها معقولة كأهداف فبالطبع لن تكون البداية من نقطة الصفر، بل يكمن التحدي الحقيقي في عدة خطوات:
الخطوة الأولى: تقييم وضع الفرد السعودي من حيث المعايير السابقة (التعليم، الفرص، الرفاهية، الحماية والأمن).
الخطوة الثانية: وضع قيم رقمية للأهداف السابقة، مثلا هل نريد أن نحقق المركز الثاني من حيث الحماية الأمنية داخل المدن؟ وما المؤشر الاسترشادي في هذه الحالة؟
الخطوة الثالثة: رسم خريطة طريق مدعمة بالقياس والمراجعة والمتابعة.
بعد ذلك تأتي المرحلة التالية وهي التنفيذ.
من أهم الأسس التي يمكن من خلالها تحفيز وتفجير الطاقات البشرية هو منح الفرص المتكافئة بحيث يوجد جو المنافسة العادلة ومن ثم ينتج الإبهار الحقيقي من تلك الطاقات الكامنة. عندما بدأت المملكة منذ بضعة أعوام دعم ريادة الأعمال برزت طاقات إيجابية لم تكن متوقعة وشارك الرواد في المسابقات حتى وصلت ابتكاراتهم للعالمية من خلال المسابقات الدولية. الفكرة نفسها في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع – بقيادة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز - فاجأنا النشء بمواهب مبدعة، الذكاء والموهبة ليسا مقتصرين على جنس أو لون أو فئة بشرية، بل هما مسألة وعي وفرص، ومنهما يأتي الأمل في تحسين المستقبل ليس فقط من وجهة نظر الدولة، بل من إحساس وقلب المواطن نفسه ولن نكون بحاجة ملحة إلى برامج الولاء الوطني لأن المواطن يعرف أنه سيجد في موطنه الفرصة الأفضل والمستقبل المشرق.
والله الموفق.