ما بين «إدمان النفط» و«إدمان التكنولوجيا» «رؤية»
ظل النفط بوابة العلاقات السعودية الأمريكية ومحورها ومنشأ التسويات والاتفاقيات والمصالح المشتركة، تأثرت هذه العلاقات وأثرت في تحولات المنطقة.
منذ لقاء المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- مع الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945 ظلت بوابة النفط هي المحور للعلاقات.
وبين تحالف يتوكأ على عصا الماضي وبين تحالف يتطلع إلى إعادة صياغة العلاقات، تأتي اليوم زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتطرح على الولايات المتحدة بوابة أخرى لا تقف عند "النفط" فحسب، في رسالة واضحة سبقها تعيين سفير خبير في الاستثمار الأجنبي وميزانية "الواقع" حملت الشفافية ورؤية لا تؤمن بمصدر دخل واحد "النفط" أعقبها برنامج التحول، رؤية بعناوين واضحة تدرك أن سنوات اليسر لاضمان لدوامها ما لم تأخذ بالاعتبار طبيعة ومراحل الثروة وتقلبات الحياة ومراحل العسر، تأتي الرسالة السعودية بعد أن تلقى العالم الرسالة الأمريكية للاتفاق النووي مع إيران وأحداث وتداعيات المنطقة أن على حلفائها استيعاب تداعيات أجندة البيت الأبيض في المنطقة.
محمد بن سلمان يشغله هاجس لاستدراك تداعيات الواقع واستشراف المستقبل، يستشعر تأثيرهما على كيان الدولة والمجتمع، قلقه دفعه إلى خدمة مشروع وطن ودولة نحو مجتمع مدني يقوم دائما على شعبه واقتصاده ومؤسساته الحقوقية والعدلية وأنظمته وثوابته.
من هنا تأتي أهمية هذه الزيارة التي ترصدها أعين العالم، فهي ليست زيارة بروتوكولية، بل تحمل في طياتها مواجهة تحديات لصنع مشروع تاريخي، ملفاتها متنوعة "قانونية اقتصادية استثمارية مالية طاقة وتكنولوجيا و..."، ولذا تأتي زيارته لسيليكون فالي "وادي السليكون" في سان فرانسيسكو وهو أكبر تجمع عالمي للتقنية العالمية المهيمن على تطوير الاختراعات الحديثة ويشكل ثلث عائدات أمريكا من المشاريع الجديدة، لتثبت أن هناك إصرارا جادا على التحول من إدمان النفط إلى إدمان التكنولوجيا التي أصبحت السبيل نحو بناء عقل وفكر إلكتروني يجيد إدارة الثروات على نحو لا يجعل المستقبل في عمق المجهول.
إن الانتقال من التشريع إلى التنفيذ بحقيقة ناجزة يوجد حالة من تنامي الثقة وتعزيز الرؤية وهي في طريقها لاكتساب حضور قوي في المجتمع الدولي، فلا خيارات أمام من ينشد التحالف سوى التعامل مع السعودية بهويتها الجديدة.
إن الزيارة أكدت للعالم والأمريكيين أن المملكة على أعتاب مرحلة مختلفة تماما عن توقعاتهم، برؤية تتحرك نحو التأثير في الاقتصاد العالمي ومجرياته وتسهم في التحكم بمساراته لتغادر من المصدر الوحيد إلى التنويع والتعدد والوفر.. تبدأ بالممكن لتحقق المستحيل.