حيادك جريمة في حق وطنك
قبل أكثر من عامين كتبت هنا في "الاقتصادية"، عن مفاهيم البعض في الطرح وتشدقهم بـ "الحياد" في مواضيع وأطروحات تمس الوطن، وقلت في حينها إن الحياد الذي يروجون له ما هو إلا جريمة في حق الوطن.
عندما تتعرض بلادك لحرب وتهددها المخاطر من كل حدب وصوب فلا مجال للوقوف في المنتصف، لا بد أن تصطف خلف وطنك وتذود عنه بكل ما تملك، وطرحت في حينه مثالا قلت فيه "لو أن خطرا وقع داخل منزلك وهدد حياتك وحياة أسرتك، فهل ستقف في موقف الحياد، ولن تنحاز لنفسك ولعائلتك؟ وهل ستقف على مسافة واحدة بين عائلتك ومن يريد أن يُوقِع بها مكروها؟ بالطبع لا.. فنفسك البشرية سترغمك على التحيز لعائلتك، وستنتصر لها وستدافع عنها، ولن تقف موقف الحياد".
بلدنا يتعرض لحروب إعلامية، وكل كلمة محسوبة علينا، وكل نقد وتضخيم لمشكلاتنا تستغل من "أعداء الوطن" ويتداولونها ويروجون لها إعلاميا، محرضين الرأي العالمي ضدنا، ومستغلين أطروحاتنا ونقدنا وتسليطنا الضوء على مشكلات فردية في مجتمعنا وتصويرها على أنها ظاهرة.
مثلا.. البعض من أبناء مجتمعنا يطرح أحيانا أن "الإرهاب" و"الدعشنة"، لمناهجنا الدراسية دور فيها، وينسى أو يتناسى أن تلك المناهج لم تتغير منذ نشأة الدولة السعودية، وأن الإرهاب لم يأت إلا في السنوات الأخيرة، وأن مناهجنا منه بريئة.
لا نشكك في ولاء هؤلاء للوطن وانتمائهم ومحبتهم له، ولكننا نشكك في رجاحة عقولهم وإدراكهم، فهم وفي غفلة من أنفسهم أصبحوا بمثابة "الدمى" في أيدي أعداء الوطن يروجون لتصاريحهم وأطروحاتهم ونقدهم "غير البناء"، ويمسون وطننا ويشوهون صورة مجتمعنا بلسان أبنائه.
أعيد وأكرر ما كتبته في مقالي السابق قائلا: الحياد هو ألا تحيد عن مبادئك، وعن رغبة الرجل النبيل داخلك، الذي يحثك دوما على التحيز لنفسك ولوطنك ولأمتك، الحياد هو شعور داخلي يمليه عليك ضميرك ونفسك البشرية التي جُبلِت على الغيرة، وعدم قبول المساس بك أو بوطنك وأمتك. وإن وقفت موقف المتفرج في كل أمر يمس وطنك وأمتك، ولم يتحرك "دمك" في تلك اللحظة، وتذود عنهما في كل خطر يحدق بهما أو أمر يمسهما، فأنت ترتكب جريمة في حق نفسك ووطنك وأمتك.