هي وهو .. والمال «2»
تحدث المقال السابق عن المرأة التي يزيد دخلها على دخل شريك حياتها، وكيف أن الموظفة السعودية كانت غير مطلوبة بكثرة للزواج.
فماذا تغير؟
اليوم أصبحت الطبيبة والمهندسة (وبالطبع المعلمة) امرأة مطلوبة للزواج بسبب استقلالها المادي في الغالب، ما يؤكد أن نموذج رب الأسرة كمسؤول وحيد عن إعالة الأسرة بدأ يتفكك تدريجيا (للأسر المتوسطة الدخل) وأصبح من الطبيعي أن يتشارك الطرفان في تحمل النفقات المعيشية.
وبلا شك فإن التغيرات المتراكمة في الأحوال الاقتصادية تؤدي إلى تغيرات ملموسة في المجتمع، وإن حدة التغير أو سرعته تتفاوت من بلد إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى. والملاحظ أن سرعة التغيير والاستجابة للمتغيرات الاقتصادية في المملكة ليست سريعة بل ظل المجتمع عقودا يناقش قضايا هرمة حول العلاقة بين الرجل والمرأة، بينما أغلب مناطق العالم تجاوزت هذه المسائل بعقود.
المال يغير موازين القوى في أي علاقة، لكن كيف يحدث هذا التغيير؟
في المجتمعات التي تغلب فيها السيطرة الذكورية نجد أن المرأة عندما تجني أكثر تبدأ التفاعل مع المال الفائض لديها بطرق انفعالية. وأبرز ما يسبب لها الارتباك هو "التحول في ميزان القوة" فهي الآن تملك شيئا بيدها من المعتاد (في ثقافتها) أن يملكه الرجل لا هي، ويجب أن يتحكم فيه الرجل لا هي، ويجب أن ينفق منه الرجل لا هي.
والسؤال: ماذا ينتج عن هذا الارتباك؟
بعض الأمور منها الشعور بالامتنان تجاه الجميع، مثل الشعور بفضل الزوج عليها أن سمح لها بالعمل والكسب، أو الشعور بالتقصير تجاه بيتها، أو شعورها بالندم تجاه أي نقاش متعلق بالمال مع زوجها.
أيضا، عندما تشعر بالامتنان لكل ريال يدخل جيبها فقد تبالغ في العطاء كنوع من البذل. عندما تشعر بفضل الزوج عليها لسماحه لها بالعمل فهي تبالغ أحيانا في تدليله والعناية بمتطلباته حتى على حساب وقتها وراحتها (وربما رغباتها)، وقد تفرط في الإنفاق على احتياجات المنزل كنوع من التعويض عن ساعاتها بعيدا عنه أو تبالغ في شراء "الحاجيات" للأبناء مقابل الوقت الذي كان من الأولى أن تقضيه معهم. وبعيدا عن شعور الامتنان، نجد كثيرا من النساء يفرطن في شراء احتياجاتهن الثانوية للتعويض عما ينقصهن، لكن هذه الحالة تستمر من شهر إلى ثلاثة أشهر في الأغلب.
وأنا أتفهم تماما، هذا شعور العرفان والامتنان الذي ليس سوى ردود فعل بسبب ثقافة ترسخ مسؤولية الرجل عن تكاليف المعيشة الأسرية، لكن شعورها "بالفضل" المبالغ فيه يجب أن يستبدل بتصرفات إيجابية أكثر تعقلا وهي كالتالي:
تنظيم الوقت: وهي من أكثر العبارات تداولا وأصعبها تنفيذا (خاصة في زمن التواصل المجتمعي) فتعطي لأبنائها وقتا وللزوج وقتا (معقولا) وعليه أن يتفهم ويقدر محاولتها ويدعمها لا أن يلومها ويؤنبها على التقصير.
التفاهم مع الشريك: أصبح من الصعب على أسرة متوسطة الدخل بطفلين فأكثر الاعتماد على دخل واحد، لذا من الضروري جدا أن يتفق الطرفان على بنود المساهمة في المصاريف. في أغلب الأحيان يتولى الرجل المصاريف الأساسية مثل الإيجار والسائق والمدارس، وتتولى الزوجة المصروفات الأخرى. طبعا تتفاوت نسبة المساهمة حسب دخل الأسرة.
الميزانية: ادخار مبلغ شهري جانبا لا يقل عن 20 في المائة من الدخل، حيث يكون ملاءة مالية للمستقبل، وعمل صندوق شخصي للطوارئ.
الحسابات المصرفية: حساب المصروفات المنزلية يجب أن يكون منفصلا، ويمكن أن يكون مشتركا بين الزوجين والأفضل أن يكون بيد الزوجة فقط.