الإطار التشريعي للشراكة بين القطاعين العام والخاص

تمت مناقشة عمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في فترات متقطعة في المملكة، ولكن لم تكن هناك سوى بضع أمثلة للمشاريع القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص مثل مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي الواقع في المدينة المنورة؛ الذي خضع على وجه العموم لتشريعات نوعية خاصة بقرار مجلس الوزراء لعام 1434 للهجرة. في بعض الأقطار الأخرى يعزى ذلك إلى عدم وجود ضغوط مالية تتطلب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث مكنت العوائد المرتفعة للدخل النفطي الحكومات من تمويل مشاريع البنية التحتية لديها من ميزانية الحساب الجاري المباشر دون الحاجة إلى مشاركة من القطاع الخاص. ولكن مع تذبذب أسعار النفط، وفي ضوء "رؤية السعودية 2030"، زاد الاهتمام بعمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص كوسيلة للتنمية.
ويكمن السؤال الرئيس الآن في مدى الجدوى من نظام جديد للشراكة بين القطاعين العام والخاص يكون بمنزلة العامل المساعد لإيجاد مسار لفرص الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
يعرف مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعريفا واسعا في القوانين المقارنة، ولكن المقاصد من القانون هي للارتقاء بجودة الخدمات، وتنمية دخل الجهات الحكومية، وذلك بالاستفادة من كفاءة القطاع الخاص، وقدراته المالية والفنية وبالتالي إزاحة عبء التمويل على الدولة ومشاركتها في المخاطر. بالنظر للقوانين المقارنة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، تخضع الجهات الحكومية المشمولة في الموازنة العامة لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعد ممثلة للقطاع العام في إطار الشراكة.
في العادة تراوح مدد المشاريع بين 15 و30 عاما. والوضع الافتراضي هو أن الحد الأقصى 30 عاما يبدأ من توقيع عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص وليس منذ إكمال التجهيز والبناء ومن ثم البدء بالانتفاع بالمشروع.
تعطي القوانين المقارنة صلاحية مقيدة للجهة الحكومية المشرفة على عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص مشروطة بتكوين "لجنة الشراكة بين القطاعين العام والخاص" تضم أعضاء يسميهم رئيس الجهة المعنية بالمشروع المزمع؛ وفي حال المشاريع التي تتجاوز تكاليفها الإجمالية حدا معينا، تضم اللجنة ممثلا من وزارة المالية. وتكون هذه اللجنة بمنزلة مجلس إدارة انتقالي للمشروع. وبالتالي لا يتطلب ذلك إنشاء جهة حكومية جديدة للقيام بأعمال اللجنة المعنية. وفي المملكة المتحدة التي تعتبر رائدة في هذا المجال، لم تخصص جهة حكومية مستقلة لإدارة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
قد تمثل أكبر التحديات التي قد تعترض تنفيذ أنظمة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في اعتراض نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الذي يتضمن عددا من المتطلبات بخصوص شروط العطاءات، والجداول الزمنية، وشروط العقود، التي لا تتلاءم بسهولة مع عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي المقابل، الأساس في عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تمنح الجهة الحكومية درجة من المرونة لتحديد شروط العطاءات والعقد على أساس كل حالة على حدة. والمعيار الرئيس للترسية هو العطاء الأكثر ملاءمة من الناحيتين المالية والفنية، وللجهة الحكومية حرية التصرف لتحديد تفاصيل ذلك، بما يشكل الموازنة بين المعايير الفنية والمالية، في مستندات العطاء. ومن أبرز خصائص عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ربط التعرفة بمؤشر أسعار indexation، وهو لا يتوافق ألبتة مع نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الذي يعطي هامشا بسيطا لتغيير قيمة العقد.
ليست هناك مستويات محددة من الحصص التي يجوز للجهة الحكومية تملكها، حيث يكون لذلك قدر من الآثار من حيث التكييف النظامي لشركة المشروع، ومعاملتها المحتملة كـ "شركة حكومية". ستتطلب هذه المسألة ومثيلاتها مزيدا من الاعتبارات التفصيلية للتكييف النظامي في حالة ممارسة أي جهة حكومية لهذا الخيار.
على خلاف القوانين الإقليمية الأخرى للشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في بعض الأقطار لا يفرض أي متطلبات بشأن تقديم جزء من شركة المشروع للجمهور من خلال طرح عام، على الرغم من أنه بالطبع إذا كانت للجهة الحكومية حصة منضبطة، فإن ذلك يتيح احتمال طرحها للتداول عند مرحلة معينة في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي