التربية تغيّر علب السجائر!

[email protected]

تناقلت وسائل الإعلام خبر رفض اللجنة الإسلامية بوزارة التربية والتعليم توظيف الشاب حسين الشمري كمعلم وهو الحاصل على معدل4.31 من 5 مع مرتبة الشرف الثانية من قسم اللغة العربية في كلية المعلمين في عرعر لأنه أجاب على سؤال وجهه له الشخص الذي أجرى معه المقابلة حول إن كان مدخناً أم لا ؟ فأجاب بنعم!
كلنا نتفق على أن للتدخين مضاره الخطيرة، لكن لا يمكن أن يكون التدخين عائقا أمام الحقوق الأساسية للإنسان، والحق أقول إنني ولأول مرة في حياتي أكتشف أن من أضرار التدخين الكثيرة ضرر اسمه (عدم التدريس) مما يدعوني لأن أطالب وزارة التجارة ووزارة الصحة بإعادة النظر في التحذير الصحي التي تُلزم شركات التبغ بكتابته على علب السجائر فبدلاً من أن يكون: "التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين" لابد أن يصبح: "التدخين سببا رئيسيا لعدم التعيين في وزارة التربية ولعدد من الأمراض الخطيرة" فالوظيفة في زمن التضخم وغلاء الأسعار باتت أهم من الأخطار الصحية بالنسبة للمواطن, ولابد من ترتيب الأولويات حسب أهميتها.
كما يجب على وزارة الخدمة المدنية أن تضيف شرط عدم التدخين في استمارات التقديم على وظائف وزارة التربية والتعليم حتى لا تحرج الأخوة في اللجنة الإسلامية مع زملاء الشمري الذين ضربوا آباط الإبل وحافلات النقل الجماعي والطائرات من أقاصي مدن المملكة بحثاً عن لقمة العيش, ونسوا أن يلقوا بعلب السجائر أمام باب الوزارة, ولا يهم إن كان أحدهم إرهابياً ويحمل في جمجمته أفكاراً تهدف إلى زعزعة الأمن الوطني, فهو ليس مجبراً على إلقائها بجوار علب السجائر التي ألقاها زملاؤه قبل دخولهم للقاء اللجنة الموقرة!
كما يجب أن تضع كليات المعلمين في جميع مدن وطننا الحبيب على بواباتها تحذيراً للمدخنين بعدم الإقتراب ويمكنها الاستفادة في صياغة هذا التحذير من الجمل التي تُكتب عادةً على الشاحنات الناقلة للمواد سريعة الاشتعال!
إن ما حدث يا سادة يا كرام لبطل هذه القصة هو نتيجة طبيعية لتسليم الصلاحيات لمن يفسرونها حسب أهوائهم الشخصية, ولم أستغربه أبداً لمعرفتي الجيدة بما يدور في أروقة وزارة التربية والتعليم منذ سنوات طويلة!
أحد الأصدقاء روى لي حكاية طريفة حدثت له مع هذه الوزارة قبل أكثر من تسع سنوات عندما تم تعيينه معلماً في إحدى مدارس جنوب الرياض, فقد كان الرجل متحمساً لبدء العمل متسلحاً بالعلم ومتشوقاً لتطبيق النظريات التربوية الحديثة في الميدان التربوي, وفي أول يوم من مباشرته وجد صفاً طويلاً من الطلاب في فناء مدرسته الجديدة ينتظرون العقاب بعصا وكيل المدرسة – رغم قرار منع الضرب آنذاك- فسأل عن الجناية الخطيرة التي ارتكبها الطلاب المساكين, ليُصعق بإجابة معلم التربية الإسلامية الذي أخبره بأنهم (مسبلي ثيابهم) رغم تحذيره لهم من هذا الفعل المشين, ولأنهم لم يلتزموا بتعليماته حاق بهم العذاب!
هؤلاء الطلاب أصبحوا رجالاً اليوم, وربما كانوا من زملاء الشمري المتقدمين للوظائف التعليمية هذا العام, ولا أعلم إن كانت اللجنة الموقرة سألتهم عن مقاسات ثيابهم أم لا !

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي