كفّوا عن إضحاك العالم علينا!

[email protected]

تطالعنا وسائل الإعلام يومياً بأخبار عن جهود بعض الأجهزة الأمنية في القبض على أشخاص حاولوا ابتزاز بعض السيدات عن طريق تهديدهن بنشر صورهن في شبكة الإنترنت وعبر تقنية البلوتوث, ولا أعلم كيف يجد هؤلاء المبتزون زبونات يخضعن لتهديداتهم الساذجة في عام 2008م .
إحدى السيدات اللاتي تعرضن للابتزاز حسبما ذكرت الأخبار دفعت مبالغ مالية بشكل متكرر للشخص الذي هددها حتى وصل مجموع هذه المبالغ إلى نحو 800 ألف ريال عداً ونقداً, أي أن قيمة صورتها التي تم ابتزازها بسببها تعادل قيمة عمارة سكنيّة جديدة مكونة من 4 شقق في حي متوسط الحال من أحياء الرياض (مع مراعاة فروق أسعار الحديد)!
و سيدة أخرى وصفتها أخبار الصحف بأنها موظفة حكومية نسيت جهازها الجوّال عندما انصرفت للقيام بمهام عملها فوقع صيدا سهلا في يد أحد الشباب ولم يدر بخلد الفتاة أنها ستعيش أصناف التهديد والوعيد بسبب إهمالها وقد استغل الشاب احتفاظ الجهاز بصور الفتاة ليقوم بتهديدها مرارا أو تمكينها من نفسها!
ولا أخفيكم أنني عندما أقرأ مثل هذه الأخبار يداهمني شعور بأنني أعيش خارج الزمن أو أن بطلات تلك الأخبار قادمات من العصر الجاهلي و وجدن أنفسهن فجأة في عالمٍ يغص بالتقنية المدمرة حسب تصورهن وليس أمامهن إلا أن يتحولن إلى جوارٍ ضعيفات بحد (البلوتوث) !
إنني أتساءل بحق عن الأسباب الحقيقية التي أسهمت في تدمير شخصيات هؤلاء النساء للدرجة التي قادتهن للخضوع للابتزاز بهذا الشكل, هل هو مجتمعهن أم تكوينهن الثقافي أم نوعية غذائهن أم ماذا بالضبط؟!
يا سادة يا كرام نحن نعيش في الألفية الثانية بعد الميلاد ولا يمكن لصورة شخصية لامرأة أن تكون سلاحاً مؤذياً إن كانت صاحبتها تملك شخصية مستقلة و تثق في نفسها.
ثم إن تكثيف نشر مثل هذه الأخبار المضحكة فيه تشجيع للمراهقين على ممارسة هذا الفعل المشين, فهم سيتأكدون تماماً من أن سوق الضحايا مليء بالزبونات المؤهلات للابتزاز وسيبدأ كل مراهق محتاج للمال في رسم أحلام وردية مليئة بالآكشن تنتهي بامتلاكه لـ 800 ألف ريال ولو كرر التجربة فربما ينتهي الفيلم بتصويره نفسه في منزله الخاص بإحدى جزر الكاريبي بعد أن يصبح مليونيراً !
إنني أطالب وسائل إعلامنا بالكف عن إضحاك العالم علينا بهذا الشكل, والتوقف عن تصوير نساء هذا البلد كفرائس بلوتوث ساذجة, فواجبها الحقيقي هو توعية النساء الضعيفات اللاتي تم تدمير شخصياتهن وكسر ثقتهن بأنفسهن جراء أفكار بالية وتنشئة خاطئة.
كما أود أن أوجه سؤالاً إلى كل من يقرأ هذه الكلمات الآن, وليتخلص من كل شيء عدا عقله قبل أن يجيب: هل من المنطق أن تخضع سيدة في هذا العالم اليوم للابتزاز بسبب صورة شخصية فلتت من جهاز جوال من هنا أو هناك؟ وهل من المنطق تصوير هذه الحوادث الشاذة والنادرة كأفلام آكشن وبطولات على صفحات الصحف؟ أترك الإجابة لعقولكم !

تنويه: أود أن أنوه إلى أن مقالي المنشور أمس بعنوان "التربية تغير علب السجائر" كان معدا للنشر قبل صدور بيان وزارة التربية مشكورة حول الموضوع أمس الأول، ويهمني أن أوضح بأني لست ضد منشأة كاملة كوزارة التربية التي نجل ونقدر جهودها، وإنما يأتي انتقادي لبعض التصرفات الفردية التي لا تمثل سياسة منشآتنا الحكومية بشكل عام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي