الرياض وأبوظبي .. علاقة استثنائية
كل تلك التوافقات بين السعودية والإمارات في قضايا المنطقة والرؤية المشتركة للأحداث والتنسيق العالي بين قيادات البلدين، التي يلحظها القاصي والداني لم تأت من فراغ، بل هي نابعة من علاقة متجذرة وتاريخ طويل من التعاضد بين البلدين في كل القضايا، فما بين البلدين لم يبن في يوم على "المصالح" ليحضر عند قدومها ويغيب في رحيلها، ولم تحفها الدبلوماسية التي تصدق يوما وتجامل أياما عديدة، تلك العلاقة مبنية على أساس متين، وقد تنامت وتماسكت بشكل كبير في السنوات الماضية عندما اختلط الدمان السعودي والإماراتي في اليمن دفاعا عن كل العرب من الخطر الفارسي وليس عن اليمن فقط، حتى أصبح البلدان بمنزلة البلد الواحد، والشعبان شعبا واحدا.
وبالتالي فتلك العلاقة المتينة مهدت وسهلت هذه الاتفاقية الضخمة والفخمة بين الرياض وأبوظبي، التي أطلق عليها "استراتيجية العزم"، وأعلن عنها خلال اجتماع مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، الذي عقد في جدة برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وتضمنت نحو 44 مشروعا مشتركا بين البلدين، وسيتم تنفيذ تلك الاستراتيجية خلال خمسة أعوام بعد أن استمر التخطيط لها لمدة عام واحد من خلال "خلوة العزم"، وأشرف عليها أكثر من 350 مسؤولا بين البلدين.
الاستراتيجية الجديدة وما تضمنته من اتفاقيات عسكرية وتنموية واقتصادية بين البلدين، هي مثال يجب أن يحتذى بين الدول العربية، وأمر أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أقرب الحلفاء للرياض وأبوظبي عندما أشاد بالخطوة السعودية - الإماراتية، مؤكدا دعم بلاده الكامل لجهود تدعيم الروابط بين البلدين، قبل أن يشدد على أن "استراتيجية العزم" تمثل نموذجا يحتذى في تعزيز العمل العربي المشترك في شتى المجالات.
لا شك أن الاجتماع الكبير والاتفاقيات الضخمة بين السعودية والإمارات، التي احتضنتها جدة تؤكد عزم قيادة البلدين بالارتقاء بعلاقة البلدين الشقيقين وإيجاد نموذج استثنائي في التكامل والتعاون بين الدول، فالسعودية والإمارات كما يلحظ الكثير لم تعد بلدين شقيقين بل بلد واحد يضم شعبا واحدا.