خدمة الحجاج نهج سعودي راسخ
أستغرب من استغراب البعض أو احتفاء البعض الآخر، وهم يشاهدون استقبال السعودية للحجاج الإيرانيين بالورود والحلوى في مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، خلال الأسبوع الجاري؛ فما حدث أمر طبيعي، وتفعله السعودية كل عام مع حجاج بيت الله الحرام جميعا، ولا تفرق بين أحد، ولا يعني أن يناصب الساسة الإيرانيون العداء للمملكة ويسعون إلى زعزعة استقرارها، أن تعامل حجاجهم بالمثل أو أن تضيق عليهم؛ فحكومة خادم الحرمين تتعامل مع الحجاج كضيوف لله ـــ سبحانه وتعالى ـــ تجب خدمتهم، وتيسير أداء مناسكهم دون أي تمييز، وكانت ولا تزال تسخر كل إمكانياتها المالية والبشرية لخدمتهم، ولم تبحث في يوم عن شكر، ولم تدفع بالمنة على ما تقوم به في هذا الشأن، وترى في ذلك شرفا، كرمها الله به عن خلقه، ولا تسعى إلى مقابل له، إلا الأجر والثواب من رب العباد، لا سواه.
لم تسيس السعودية الحج في يوم، ولم تسعَ إلى الاستفادة من مكاسب سياسية أو دنيوية، ولم تطمح إلى المكاسب المالية، بل هي تنفق المليارات وتحشد مئات الآلاف من أبنائها لخدمة ضيوف الرحمن، بل إنها تزيد وتقابل كل من يسعى إلى تسييس الحج من الدول بالحكمة والموعظة الحسنة. فها هي حكومة قطر تمنع حجاجها من القدوم إلى الحج وتضيق عليهم، بل وتكابر وتتهم السعودية بمنعهم، حتى لجأت وزارة الحج السعودية إلى وضع رابط للأشقاء من الشعب القطري، لاستقبال طلبات الراغبين منهم في أداء مناسك الحج، لتبادر الدوحة إلى حجبه عن مواطنيها، ولم تكتفِ السعودية بذلك بل دشنت رابطا آخر للتسجيل بدلا من المحجوب.
السعودية حريصة على التسهيل للحجاج، وتقفز على دورها لتقوم بدور تلك الحكومات الراغبة في التضييق على مواطنيها وفتح باب التسجيل عبر روابط في الإنترنت، متعهدة بالتسهيل لهم، بل إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - في ظل إيمانه بأهمية دوره في خدمة الحرمين وضيوف الرحمن - بادر العام الماضي بعد أن وقفت الحكومة القطرية حجر عثرة أمام رغبة مواطنيها في الحج باستضافة الحجاج من الشعب القطري الشقيق على نفقته الخاصة.
في كل عام تتعامل السعودية مع الحكومات المتعنتة كنظامي الملالي في طهران وتنظيم الحمدين في قطر وقبلهم القذافي في ليبيا بلين ولطف، ليس من أجل تلك الحكومات، بل من أجل شعوبها المضطهدة، التي يتم استغلالها لتسييس الحج ومنعهم من أداء مناسكهم، للمساس بالسعودية وتحقيق مصالح سياسية، ضاربين عرض الحاط بمصالح شعوبهم وشعائرهم الدينية.