التفاؤل النسبي يسود الأسواق النفطية رغم تقليص آفاق الطلب العالمي
اختتم كل من خام برنت والخام الأمريكي تعاملات الأسبوع المنصرم على مكاسب، بعد أسبوعين متتاليين من الخسائر بفعل حالة من التفاؤل النسبي، بانحسار مخاوف الركود وتباطؤ النمو العالمي، ذلك بعد إرجاء تنفيذ الولايات المتحدة حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، ما كان ينذر بتصاعد حاد في وتيرة الحرب التجارية بين البلدين.
وتماسكت الأسعار نسبيا بسبب إجراءات البنوك المركزية للتحفيز الاقتصادي في عدد من الاقتصادات الكبرى، فيما تتمسك دول "أوبك" بالتعاون مع الحلفاء من خارج المنظمة بخطة تقييد المعروض النفطي، في ضوء توقعات بتجدد وفرة الإمدادات في العام المقبل، مع وجود مؤشرات على تباطؤ الطلب العالمي جراء نزاعات التجارة.
في هذا الإطار، أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أن العلاقات الاقتصادية بين السعودية وروسيا في أعلى مستوياتها على الإطلاق، مشيرة إلى تأكيد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على استعداد السعودية حكومة وشعبا لمواصلة توطيد العلاقات وتعزيز مستوى التعاون بين الشعبين السعودي والروسي.
وأوضح تقرير حديث للمنظمة الدولية أن "أرامكو" السعودية ترغب بقوة في الاستثمار في عديد من القطاعات والشركات في الاتحاد الروسي، لافتا إلى اهتمام الشركات الروسية أيضا بتوسيع عملياتها والقيام بمشاريع مختلفة في المملكة.
وأضاف أن "المشاركة السعودية الناجحة والمستمرة في دورات منتدى بطرسبورج الاقتصادي الدولي علامة على التطور المستمر في علاقات التعاون بين البلدين، حيث يعد هذا المنتدى نقطة مهمة أخرى في الروابط القوية بين منتجي ومصدري النفط الخام.
وسلط التقرير الضوء على الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا في عام 2017 ولقائه التاريخي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث عدّت الزيارة نقطة انطلاق قوية من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأشار التقرير أيضا إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى روسيا في عام 2015 حيث أسفرت هذه الزيارة المهمة عن عدد من الاتفاقات في مختلف الصناعات بما في ذلك قطاع الهيدروكربونات والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والاستثمار.
ولفت التقرير إلى الدور الروسي القوي والداعم لـ"إعلان التعاون" الصادر عن منتجي منظمة أوبك والمستقلين، الذي يعمل بمنزلة منصة لـ24 دولة منتجة للنفط، للعمل معا من أجل استقرار سوق النفط، منوها بأن روسيا لعبت خلال الاتفاقية التي تم توقيعها أواخر عام 2016 أدوارا استثنائية وداعمة للتوافق أثناء فترات التنفيذ والتشاور.
وأفاد التقرير بأن الاستقرار المستدام لسوق النفط هدف نبيل، لكنه لا يمكن أن يتحقق أبدا من دون العمل الجماعي ووجود استراتيجية واضحة للعمل المشترك، مشيرا إلى الجهود المبذولة من جميع الدول المشاركة من أجل التوصل إلى توافق الآراء.
وبحسب التقرير، فإن تنفيذ تعديلات الإنتاج الطوعية ليس مهمة سهلة للمنتجين في أوبك وخارجها، إذ يتطلب قدرا هائلا من العمل الشاق، موضحا أن التحدي الأكبر أمام الدول المشاركة يتمثل في استمرار التعاون لمدة تسعة أشهر أخرى.
ونوه التقرير بأن تعديلات الإنتاج الطوعية تتم حتى الآن بشكل جيد وبمطابقة مرتفعة، حيث سجلت أعلى مستوياتها، والبلدان المشاركة أظهرت التزاما جيدا ورغبة في التعاون الجماعي على نحو فعال ومثمر.
وأشار إلى استمرار عملية الرصد الفعال لاتفاق خفض الإنتاج من قبل لجنة المتابعة الوزارية واللجنة الفنية المشتركة مع تقديم تقرير عن التقدم المحرز إلى كل مؤتمر واجتماع وزاري أو فني.
وكشف البيان الصادر عن الاجتماع الوزاري الأخير لدول "أوبك" والمستقلين عن دعم والتزام جميع الدول المشاركة في "إعلان التعاون" من أجل البناء على النجاح الذي تحقق في السابق، حيث أيدوا مشروع نص "ميثاق التعاون" رفيع المستوى مع الالتزام الطوعي الكامل لتمكين الحوار الاستباقي المستمر بين البلدان في "إعلان التعاون" على المستويين الوزاري والتقني.
وذكر التقرير أن "ميثاق التعاون" يمثل علامة جديدة على طريق تطوير التعاون بين الدول المشاركة وتوفير شكل أكثر واقعية لطموحات الشركاء والعمل معا لمواجهة التحديات المستقبلية وتطوير فرص التنمية والاستثمار.
ولفت إلى أن "العمل الشاق" عنصر أساس في "إعلان التعاون" بين المنتجين في "أوبك" وخارجها ويتطلب الإخلاص التام والانخراط الواسع من كل الأطراف وتجاوز المصالح الفردية نحو المصالح المشتركة المتكاملة.
وأشار التقرير إلى الدور المؤثر لمحمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك، الذي استحق عن جدارة تمديد ولايته ثلاث سنوات جديدة، فقد كان مثالا للعمل الدؤوب والتفاني من أجل إنجاح إعلان التعاون وتأمين استمراريته وضمان تنفيذه الناجح وبشكل متواصل، وتطويره إلى "ميثاق تعاون" مشترك بين المنتجين.
وشدد التقرير على أن وضع سوق النفط العالمية في المرحلة الراهنة أفضل وأنجح بكل المقاييس، مقارنة بالفترة العصيبة التي حدثت في كانون الأول (ديسمبر) 2016، كما أن "أوبك" وحلفاءها لديهم الآن آلية قوية قادرة على علاج أوجه الخلل في السوق وقيادتها نحو الاستقرار والتوازن المستدام، كما تمتلك "أوبك" قاعدة بيانات رفيعة وسريعة التحديث تواكب المتغيرات وتتعامل مع التحديات في السوق بكفاءة رفيعة المستوى حازت قبول وثقة جميع الأطراف في صناعة النفط العالمية.
وكانت أسعار النفط تعافت في ختام الأسبوع الماضي بعد يومين من الهبوط، حاذية حذو أسواق الأسهم، وسط توقعات بمزيد من التحفيز من بنوك مركزية ساعدت على انحسار مخاوف الركود.
لكن مكاسب أسواق النفط قيدها تقليص منظمة أوبك توقعاتها للطلب العالمي للفترة المتبقية من العام مع تباطؤ النمو الاقتصادي.
وأشارت "أوبك" في تقريرها الشهري إلى تحديات في عام 2020 مع ضخ منافسين لها مزيدا من الخام، ما يعزز الحجة للإبقاء على اتفاقية تقودها المنظمة لكبح الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 41 سنتا، أو 0.7 في المائة، لتبلغ عند التسوية 58.64 دولار للأوقية، بعد أن هبطت 3 في المائة و2.1 في المائة خلال جلستي الأربعاء والخميس الماضيين على التوالي.
وارتفعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 40 سنتا، أو 0.73 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.87 دولار للبرميل بعد هبوطها 1.4 في المائة في جلسة الخميس الماضي و3.3 في المائة في جلسة الأربعاء الماضي.
وقبيل صدور تقرير "أوبك" الشهري، لامس برنت أعلى مستوى له في الجلسة عند 59.50 دولار للبرميل وجرى تداول الخام الأمريكي عند 55.67 دولار مع توقع المستثمرين مزيدا من التخفيضات في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الاتحادي وتحركات للبنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل للتصدي لنمو ضعيف.
وأنهي الخامان القياسيان الأسبوع على مكاسب صغيرة بعد أسبوعين متتاليين من الخسائر، وخفض بنك "بي إن بي باريبا" توقعاته للعام 2019 للخام الأمريكي بمقدار ثمانية دولارات إلى 55 دولارا للبرميل، وخام برنت بمقدار تسعة دولارات إلى 62 دولارا للبرميل، مشيرا إلى تباطؤ اقتصادي وسط النزاع التجاري.
وارتفع سعر سلة النفط لمنظمة أوبك في الشهر الماضي بنحو 2.9 في المائة، مع استمرار جهود خفض الإمدادات.
وكشفت بيانات "أوبك" أن متوسط سعر سلة "أوبك" خلال تموز (يوليو) الماضي ارتفع إلى 64.71 دولار للبرميل، مقابل مستوى 62.92 دولار للبرميل في حزيران (يونيو).
وما زال سعر برنت مرتفعا نحو 10 في المائة عن مستواه في بداية العام بدعم من تخفيضات في الإمدادات من "أوبك" وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، الذين يشكلون المجموعة المعروفة باسم "أوبك+".
وفي تموز (يوليو) اتفق تحالف "أوبك+" على تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى آذار (مارس) 2020 لدعم الأسعار.
وكشفت بيانات "أوبك"، أن مستويات إنتاج الدول الأعضاء تراجع إلى مستوى 29.609 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) الماضي، مقابل مستوى 29.855 مليون برميل يوميا في الشهر السابق له.
وقادت السعودية انخفاض الإنتاج داخل منظمة أوبك في الشهر الماضي، بمقدار 134 ألف برميل يوميا ليصل إجمالي إنتاجها النفطي إلى 9.698 مليون برميل يوميا.
كما انخفض إنتاج إيران من النفط بمقدار 47 ألف برميل يوميا عند 2.213 مليون برميل يوميا، بينما هبط الإنتاج النفطي في ليبيا وفنزويلا في تموز (يوليو) الماضي بمقدار 42 ألف برميل و32 ألف برميل يوميا على الترتيب.
من جهة أخرى، زادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للمرة الأولى في سبعة أسابيع على الرغم من خطط لمعظم المنتجين لخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة هذا العام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن الشركات أضافت ستة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ16 من آب (أغسطس)، وهى أكبر زيادة منذ نيسان (أبريل)، ليصل العدد الإجمالي إلى 770 حفارا، وفي الأسبوع نفسه قبل عام كان هناك 869 حفارا نشطا.
وتراجع عدد حفارات النفط، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الثمانية الماضية مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
من ناحية أخرى، أشار تقرير "بيكر هيوز" إلى أن عدد حفارات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة انخفض بمقدار أربعة حفارات على مدار الأسبوع إلى 165 وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2017.