مفاطيح في معسكرات الأخضر!
وأنا أقلب ملفات صور "خليجي 19" في عمان، وجدت نفسي أقف بتأمل لصور لاعبي منتخبنا الوطني وهم يحملون صحون (المفاطيح)، والسعادة تغمرهم، قبل أن يتم إنزالها على الطاولات، ومن ثم شنوا هجوما كاسحا لالتهامها، في هذه اللحظة تساءلت عن سر (المفاطيح)، التي لا نستطيع الاستغناء عنها في معسكرات الأخضر خاصة, وفي الخليج بصورة عامة، وحتى في البطولات المهمة جدا.
أتذكر جيدا كيف اصطحبت بعثة منتخبنا السعودي المشاركة في كأس العالم 2008 في فرنسا، أطنانا من الأرز لتناولها فترة المشاركة، وسط دهشة الجميع، وبالتأكيد فإن مستودعها سيكون في بطون اللاعبين.
أيضا لا أنسى عندما كنت في إحدى ضواحي كوريا الجنوبية البعيدة جدا مع بعثة فريق الشباب الأول لكرة القدم المشارك في ذهاب السوبر الآسيوي، كيف كانت تقدم أصناف متنوعة من الأرز واللحم، كوجبات رئيسية تحجب نظرك عن غيرها من الأصناف المفيدة، وكيف كان الإقبال عليها كبيرا من قبل اللاعبين أنفسهم، الذين تركوا المفيد إلى
الأرز واللحم.
وحسب ثقافتي الصحية المحدودة، يعد الأرز من الوجبات التي تتحول إلى نشويات ومن ثم إلى سكريات، ودائما ما نوصف كخليجيين بكبر (الكرش)، قياسا على سبيل المثال بأجسام (الشوام)، الذين يعتمدون في وجباتهم على الخضار والمشاوي، وأن السبب الحقيقي وراء ذلك يعود إلى (الكبسة) طبقا لما نسمعه كثيرا، ويبدو أنه حقيقة علمية أيضا.
وفي موقف آخر تفاجأت بلاعب سعودي (عالمي) في زمنه، عندما كنت أتناول وجبة الفطور بعد صلاة الفجر مباشرة في بوفيه خاص بتقديم
( الكبدة)، وطبعا يبدو أنه لم ينم من البارحة، وعندما قدم طبقه بالحجم الكبير طبعا أخذ يتناول وجبته المختارة بنهم، وبعد أن أفرغ علبة البيبسي التي كانت أمامه في جوفه، طلب أخرى، دون أي اعتبار لانعكاسات ما سيأكله على مستواه وعطائه الفني في الملعب.
التهام الوجبات الدسمة في معسكرات المنتخب والأندية، و(لا تهون) معسكرات الناشئين والشباب تكون بمرأى من الأجهزة الطبية والفنية، دون وجود أي تحذير يمنع تناولها.
وفي مشهد آخر احتفت إدارة منتخب عمان الحائز على كأس الخليج للمرة الأولى في تاريخه باللاعبين بتقديم (المفاطيح)، وأصناف المندي الشهي، والذي أعتبره حارس المنتخب علي الحبسي مكافأة تعودوا عليها، بعد كل انتصار مهم.
في أندية العالم المتقدمة كرويا، تحظر كثير من الوجبات الدسمة على اللاعبين، ويتم إعطاء كل لاعب برنامج غذائي يومي، يلتزم به في منزله وحياته اليومية، وحتى في إجازاته، ويتم الكشف الدوري على كل لاعب ونسبة الدهون والكولسترول في دمه، كما يلتزم اللاعب في معسكراته مع ناديه أو منتخب بلاده بوجبات غذائية خاصة جدا، تمنح الجسم الطاقة اللازمة، وتقوي العظام، ما ينعكس إيجابا على (التفكير) السليم داخل الملعب، طبقا لما أثبتته الدراسات.
نجوم العالم يكلفون الأندية مئات الملايين للتعاقد معهم، لذا تتم معاملتهم (باحترافية) عالية جدا، فيما يتعلق بالغذاء المفيد، والعناية بالصحة العامة.
يبدو أن نصيبنا من الاحتراف الكروي هو (اسمه) فقط، لذا نطلق على لاعبينا محترفين دون استشعارهم بمسؤوليات هذا المصطلح في عالم المستديرة، فناهيك عن السهر وما يتبعه من أمور أخرى، نجد أن ثقافة الغذاء غائبة تماما لدى محترفينا، ومن المهم جدا تثقيفهم ولو بحصص في فترات متقطعة من التمارين ومعسكرات المنتخب، لكي يعرفوا معلومات عن كل وجبة، وكم تحتوي عليه من سعرات حرارية، وتوقيت تناولها الملائم.
عمر نجومنا في الملاعب قصير جدا قياسا بلاعبي العالم، فهناك أسماء كبيرة جدا ظهرت في ملاعبنا، كالنجم في عتمة المساء وغابت مع شروق اليوم الآخر، وعندما نتقصى الأسباب نجد أن غياب الغذاء السليم أحدها، والدليل مرروا النجوم على الميزان بعد اعتزالهم بسنة واحدة فقط، وستشاهدون الفرق.