ضمان التعافي الأقوى والأكثر عدلا «2 من 2»
اشتكى مسؤولو البنك المركزي الأوروبي بالفعل من التشديد غير المبرر للشروط المالية في منطقة اليورو. كما قد تعمل أسعار الفائدة المرتفعة على تقويض النموذج السائد في الأسواق المالية، أو تحديدا ثقة المستثمرين العالية في ضخ السيولة بمقادير وفيرة ومتوقعة وفعالة من قبل البنوك المركزية المهمة جهازيا، ما شجع كثيرين على المغامرة خارج موائلهم الطبيعية، وخوض مجازفات كبيرة؛ إن لم تكن مفرطة ومتهورة. في الأمد القريب، دفعت السيولة المرتفعة بالتمويل الرخيص إلى عديد من الدول والشركات. لكن الانتكاسات المفاجئة في تدفقات الأموال، فضلا عن المخاطر المتنامية المتمثلة في حوادث السوق التراكمية وأخطاء السياسات، قد تتسبب في إحداث ارتباكات شديدة.
أخيرا، يهدد التعافي الاقتصادي المتفاوت بالتسبب في زيادة اتساع فجوات التفاوت في الدخل والثروة والفرصة التي اتسعت بشكل كبير بالفعل بسبب أزمة كوفيد - 19. وكلما اتسعت فجوات التفاوت، خاصة فيما يتصل بالفرصة ازدادت حدة الشعور بالإقصاء والتهميش، وارتفعت احتمالات تسبب الاستقطاب السياسي في إعاقة صنع السياسات الجيدة والمتسقة زمنيا.
لكن في حين تتوقف المزحة القديمة على حتمية المفاضلات الصعبة، فإن هناك طريقة وسطا للاقتصاد العالمي عام 2021 وما بعده، طريقة تحافظ على التعافي القوي وترفع في الوقت ذاته الدول والمجموعات والمناطق المحرومة. ويتطلب هذا تعديل وتكييف السياسات الوطنية والدولية.
تحتاج السياسات الوطنية إلى التعجيل بالإصلاحات التي تجمع بين الإغاثة الاقتصادية والتدابير الرامية إلى تعزيز نمو أكثر شمولا. ولا يتعلق هذا بتحسين الإنتاجية البشرية من خلال إعادة تشكيل مهارات العمالة، وإصلاحات التعليم، وتحسين رعاية الأطفال، وإنتاجية رأس المال والتكنولوجيا من خلال إدخال تحسينات كبرى على البنية الأساسية والتغطية، وحسب. إن إعادة البناء بشكل أفضل وأكثر عدلا تستلزم أن يضع صناع السياسات في اعتبارهم الآن أيضا المرونة المناخية كمدخل حاسم في اتخاذ قرارات أكثر شمولا.
كما تشكل مواءمة السياسات العالمية أهمية بالغة. كان العالم محظوظا لأنه استفاد في البداية من السياسات الوطنية المترابطة على عكس المنسقة في الاستجابة لأزمة كوفيد - 19، مع اختيار الأغلبية العظمى من الدول مقدما نهجا تشارك فيه جميع قطاعات الحكومة وتبذل كل ما يلزم لتحقيق الغاية المرجوة. لكن دون التنسيق، ستتباين مواقف السياسات على نحو متزايد، حيث تواجه الاقتصادات الأقل قوة رياحا معاكسة خارجية إضافية، في وقت يتسم بتراجع تدفقات المعونة، وتخفيف أعباء الديون بشكل غير مكتمل، والاستثمار المباشر الأجنبي المتردد.
مع قيادة الولايات المتحدة والصين لزيادة كبيرة في النمو، تسنح الفرصة لإخراج الاقتصاد العالمي من صدمة الجائحة التي ألحقت الضرر بعديد من الناس، وفي بعض الأحيان تسببت في محو عشرة أعوام من التقدم في الحد من الفقر وغير ذلك من الأهداف الاقتصادية الاجتماعية المهمة. لكن دون تكييف السياسات في الداخل وعلى المستوى الدولي، قد يكون هذا الانتعاش متفاوتا إلى الحد الذي يجعله يستنفد قبل الأوان الفترة المطولة من النمو الأسرع والأكثر شمولا واستدامة الذي يحتاج إليه الاقتصاد العالمي بشدة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.