استراتيجية صنع السعادة وجودة الحياة

نلاحظ ونحن نتصفح ما تحقق على أرض الواقع في برامج رؤية السعودية 2030، أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حققت كثيرا من المستهدفات قبل مواعيدها المقررة في "الرؤية"، وما زالت حكومتنا ماضية قدما في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 الرامية إلى إعادة تأهيل إمكانات المواطن السعودي ليكون فاعلا قويا في النشاط الاقتصادي، حتى يرقى اقتصادنا السعودي إلى مستوى الاقتصادات الناشئة المؤهلة للوصول إلى أعلى درجات الازدهار، وكما نلاحظ أيضا ونحن نقرأ عناوين برامج "الرؤية" ارتباطها عضويا مع بعضها بعضا اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا لتعبر في النهاية عن نظام اقتصادي رقمي جديد يستهدف ضمن مستهدفاته أن يجعل المواطن السعودي ذا شخصية مبدعة وماهرة وفاعلة.
وإذا تصفحنا استراتيجية صنع السعادة وجودة الحياة التي تتصدر برامج "الرؤية" نلاحظ أنها تتضمن 12 برنامجا على النحو التالي: برنامج خدمة ضيوف الرحمن، بحيث تؤول في النهاية موارد السياحة الدينية لتكون موردا من موارد الدولة، ولا يخفى علينا جميعا أن 5 في المائة من الشعب السعودي يعيش خارج الوطن، وهؤلاء وغيرهم في حاجة إلى تحسين نمط الحياة حتى يعيشوا في حضن الوطن وينعموا بخيراته، ولذلك من البرامج الـ 12 برنامج تعزيز الشخصية الوطنية، والواقع أن تعزيز الشخصية الوطنية مرتبط بتنفيذ كل الاستراتيجيات الـ 12، ونذكر ـ على سبيل المثال ـ برنامج زيادة الشركات الوطنية، وبرنامج التوازن المالي، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج الشراكات الاستراتيجية، وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج الإسكان، وبرنامج التخصيص.
كل هذه البرامج ترتبط بعمليات بناء الاقتصاد الوطني على أساس بناء اقتصاد رقمي معرفي يقوم على أساس التوسع في استخدام تقنية المعلومات، واستخدام كل وسائل المعرفة الرقمية الهادفة إلى وضع السعادة وجودة الحياة في متناول جميع أفراد المجتمع السعودي. ولذلك نستطيع القول، إن أهم مرتكزات اقتصاد المعرفة هو المعلومات والتوسع في استخدام التكنولوجيا، وقبل هذا وذاك إصلاح التعليم، ولا يمكن أن نتصور أننا نستطيع أن ندخل بوابة اقتصاد المعرفة من دون تعليم تقني وأساسي جيد وجاد ومتمكن، وهذا ما اضطلعت به حكومة خادم الحرمين الشريفين في الأعوام القليلة الماضية، وما زالت وزارة التعليم تقوم بتنفيذ برامج الإصلاح في التربية والتعليم حتى تصل إلى الأهداف المتوخاة في رؤية السعودية 2030.
إن اقتصاد المعرفة يتضمن جميع الأنشطة والعمليات الخاصة بصنع، وإنتاج، وتسويق، وتوظيف، وتشغيل، واستهلاك، وإعادة إنتاج المعلومات والمعرفة، وهذه العمليات تشمل طيفا واسعا من الصناعات منها صناعات البرمجيات، والإلكترونيات، والاتصالات، ونظم المعلومات، وخدمات المعلومات، كما يضم أيضا مراكز الأبحاث، ومؤسسات الفكر، والمكاتب الاستشارية، ومكاتب دراسات الجدوى، ومراكز اللغات والترجمة، ودور النشر، والإعلام. واضح مما سبق أن التعليم والمعلومات واستخدام الكمبيوتر هي حجر الأساس في اقتصاد المعرفة، كذلك نلاحظ أن الرقمنة بأنشطتها المختلفة أصبحت تتغلغل في كل مكونات اقتصاد المعرفة، ففي مجال الأجهزة والمعدات أصبح للإنترنت نصيب وافر في الحاسبات المكتبية والمحمولة ومعدات الشبكات والحاسبات الخادمة، كما يلعب الإنترنت دور الحاضن للمعلومات بمختلف أفرعه، كذلك يعد الإنترنت أكبر أوعية تداول المعلومات واستخدامها ونشرها، وكذلك الحال في مجال الموارد البشرية والتدريب.
لقد أصبح بالإمكان تكوين وجمع وتخزين ومعالجة وتوزيع المعلومات على نطاق واسع بتكلفة منخفضة لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل، وأصبح الاتصال إلكترونيا بين منشآت الأعمال من الأمور اليومية الدارجة. والواقع أن هذا النوع من الانفجار والتوسع في الحصول على المعلومات ما كان ليحصل لولا اكتشاف الإنترنت وتنامي استخداماته وتطبيقاته، ثم الدخول في مكتشفات العصر الرقمي وآلياته المذهلة. إن القرن الـ 21 هو بحق عصر اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد تكنولوجيا المعلومات، باعتبار أن ثورة تكنولوجيا المعلومات حفزت مؤسسات الأعمال إلى انتهاج برامج تعد من أهم عوامل تكوين الثروة وبناء الاقتصاد الحديث، والإنسان بطبيعته إذا كان سعيدا ومتمتعا بجودة الحياة، فإنه يكون ناضجا وذا إنتاجية عالية وجودة ثرية، وهذا هو المطلوب الذي تسعى إليه "الرؤية"، أي أن "الرؤية" تسعى إلى بناء المواطن الذي يضطلع بمسؤولياته التي يجدر أن يضطلع بها حتى يكون مواطنا ذا فاعلية وإنتاجية عالية.
إن برنامج تحسين نمط الحياة وتعزيز الشخصية الوطنية يعد من أهم برامج جودة الحياة التي تضطلع بتنفيذها رؤية السعودية 2030، وقريبا جدا سيجني المواطن السعودي ثمار برنامج جودة الحياة. واضح مما سبق أن رؤية السعودية 2030 تراهن على المواطن لتعلية قدراته العلمية والأدائية، كي يقوم بدوره في التنمية والبناء والتعمير على أكمل وجه. والحقيقة أن الحكومة التي صممت رؤية السعودية 2030 وصممت على تنفيذ برامجها، قدمت كل الإمكانات اللازمة للنهوض بالوطن والمواطن إلى أعلى درجات الرقي والتمكين، وغدا سينعم المواطن بحياة كريمة متوثبة عالية الإمكانات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي