أمريكا اللاتينية تحت البركان الاقتصادي «2 من 2»
حين ألغى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الرئيس المكسيكي الملقب بآملو مشروع المطار الجديد الذي تشتد الحاجة إليه في العاصمة مكسيكو سيتي بعد فترة وجيزة من توليه منصبه أواخر عام 2018، رغم حقيقة أن المشروع كان يجري على قدم وساق. ورغم أنه بنى حملته على وعد بنمو اقتصادي سريع، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي في المكسيك كان آخذا في التقلص حتى قبل الجائحة - بنسبة 0.1 في المائة عام 2019.
أما الرئيس البرازيلي بولسونارو، فعندما لا يهدد بتدمير الأمازون، يستمر في إلقاء مشكلات البرازيل على عاتق حزب العمال اليساري المعارض الذي حكم البلاد حتى عام 2016. وقد سجن عديدا من قادة حزب العمال، بما في ذلك الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بتهمة الفساد.
مع ذلك، من المحتمل تماما أن يحكم البرازيل رئيس يساري مرة أخرى في غضون بضعة أعوام - ربما لولا، الذي أسقطت إداناته في آذار (مارس) - بينما تعود المكسيك تحت حكم رئيس من تيار الوسط. وبالتالي، يصعب التنبؤ بمسار السياسة المستقبلي للدولتين.
لماذا لا ترعب أسواق الديون من كل هذا الغموض؟ يرجع ذلك جزئيا إلى أن كلا الدولتين ظل محافظا إلى حد ما في إدارة ديونهما. صحيح من المتوقع أن يصل الدين الحكومي البرازيلي إلى ما يقرب من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. لكنه مقوم في الأغلب بالعملة المحلية، ويملك السكان المحليون ما يصل إلى 90 في المائة من الإجمالي، ارتفاعا من 80 في المائة قبل خمسة أعوام. كما جرى احتواء الاقتراض الأجنبي للشركات، حيث لا يزال دين البلاد الخارجي يقدر بنحو 40 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
يقل الدين العام في المكسيك عنه في البرازيل، حيث يبلغ 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. فرغم راديكاليته، يظل آملو حتى الآن محافظا في سياسته المالية، تماما كما كان لولا في البرازيل. لا شك أنه تعلم جيدا الدرس القائل، إن أزمات الديون من شأنها أن تخرج أي ثورة شعبوية عن مسارها.
صحيح أن الحكومات في جميع أنحاء المنطقة قدمت استجابة اقتصادية كلية قوية على نحو مدهش لمكافحة الجائحة، لكن فرص هذه الحكومات في مواصلة استخدام التمويل بالعجز تقل كثيرا عن الولايات المتحدة. لذلك، من أجل زيادة الإنفاق ومعالجة أوجه التفاوت على أساس مستدام، ينبغي لدول أمريكا اللاتينية أيضا أن تعمل على إيجاد طريقة لزيادة إيرادات الميزانية. ومن المفارقات أن الاحتجاجات في كولومبيا لم تبدأ استجابة لتخفيض الفوائد، لكن لأن الحكومة حاولت رفع الضرائب على الطبقة الوسطى لتقديم قدر أكبر وأفضل من الإغاثة لمكافحة الجائحة إلى أفقر المواطنين في البلاد. في الواقع، تحتاج الحكومات التي تسعى إلى إعادة توزيع الدخل إلى زيادة الضرائب على المواطنين الميسورين الحال، بدلا من التغاضي عن مشكلات الديون الإضافية بشكل مؤقت.
في العقود الأخيرة، كانت الولايات المتحدة مترددة في الانخراط بعمق في حل مشكلات أمريكا اللاتينية، لكن ربما يتغير هذا. بادئ ذي بدء، تحتاج المنطقة إلى تلقي مساعدة لقاحات ضخمة حتى يتسنى لها الوقوف على قدميها مرة أخرى. ومن الممكن أن تساعد أمريكا أيضا من خلال تعزيز التجارة - ولا سيما من خلال معالجة الاختناقات التي تسببها الجائحة وإزالة تدابير الحماية المتبقية من عهد ترمب.
لا يزال معظم أمريكا اللاتينية بعيدة عن الظروف المروعة السائدة في فنزويلا، حيث انخفض الناتج الاقتصادي بنسبة مذهلة بلغت 75 في المائة منذ عام 2013. لكن نظرا للكارثة الإنسانية المستمرة هناك، إلى جانب شبح الاضطراب السياسي في أماكن أخرى، لا ينبغي للمستثمرين أن ينظروا إلى الانتعاش الاقتصادي المستدام باعتباره من المسلمات.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.