صندوق الاستثمارات وآفاق الرؤية
في آخر إحصائية صدرت عن الصناديق السيادية في دول العالم .. نلاحظ أن صندوق الاستثمارات السعودي جاء في المركر السابع في قائمة الصناديق السيادية في العالم بعد أن كان يحتل المركز الثامن. وبهذا الإنجاز المميز يؤكد الصندوق السعودي أنه ما زال يتقدم ويحتل الصفوف الأولى في قائمة الصناديق السيادية المتقدمة، حيث إننا نستطيع القول إن الصندوق السعودي دخل مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأداء، وتأثيراته واضحة في الاقتصاد الوطني، بل إن الصندوق السعودي نجح في الإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني، وتوطين المعرفة الحديثة والتقنيات المبتكرة.
والحقيقة إن صندوق الاستثمارات السعودي يعد من أهم الأدوات التي اعتمدت عليها رؤية السعودية 2030 لتنطلق الرؤية في آفاق التنمية الشاملة والمستدامة، ويكون الصندوق بذلك إحدى الأدوات الناجحة على طريق تنويع مصادر الدخل، وهو الهدف الرئيس في رؤية السعودية 2030، وكذلك الهدف الرئيسي لمجموعة أهداف الصندوق التي تستهدف دعم القطاع الخاص، والإسهام في تطوير الاقتصاد الوطني، والدخول إلى التنافسية العالمية بكفاءة وقوة.
واللافت أنه في عز أزمة الاقتصاد العالمي ـ في مرحلة ما بعد كورونا ـ قفز اسم الصندوق السعودي وتقدم على كثير من الصناديق السيادية في العالم، وهو ما يجعل المواطن السعودي يفتخر بأداء الصندوق، ويتفاءل بمعدلات نمو الاقتصاد الوطني في المستقبل القريب والبعيد. ولعل أهم نجاحات الصندوق هو أنه ازداد قوة في هذه المرحلة الدقيقة التي تراجعت فيها كثير من الصناديق السيادية في العالم.
واعتمد الصندوق استراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع موارد الاقتصاد الوطني، بدءا من زيادة قيمة أصوله بشكل يجعله قادرا على إيجاد موارد جديدة، وصولا إلى توطين التقنية والمعرفة المتطورة، ثم الانطلاق ـ بعد ذلك ـ إلى تأسيس شراكات اقتصادية عملاقة تسهم في تعميق دور المملكة في المشهد الاقتصادي الدولي الذي أصبحت المملكة تلعب دورا مؤثرا فيه بدخولها عضوا مؤثرا في مجموعة العشرين. وإذا استعرضنا المراحل التي قطعها الصندوق حتى الآن نلاحظ أنه منذ البداية كان الصندوق يراهن على وضع اسمه جنبا إلى جنب مع أهم الصناديق السيادية في العالم.
والجميل والرائع أنه في الوقت الذي يعصف فيه فيروس كورونا بأسعار الأصول العالمية، فإن الصندوق السعودي للاستثمارات العامة يقتنص المزيد من الفرص الاستثمارية العملاقة، ولذلك نستطيع القول إن تحريك الأرقام الضخمة في مجالات الاستثمار كفيل بدعم ينابيع الخير في شرايين اقتصادنا الوطني، وهذا ما لفت نظرنا في أداء الصندوق السعودي الذي أخذ يتقدم إلى الأمام، بينما كثير من الصناديق بدأ أداؤها يتسم بالتراجع نتيجة تراجع معدلات أداء الاقتصاد العالمي.
ولقد تابعت الوكالات العالمية مجموعة الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي، ولاحظت أن الصندوق السعودي نفذ بالفعل بعض الفرص الاستثمارية المهمة، حيث قام الصندوق بتنفيذ عدد من الصفقات المهمة بأسعار مغرية ومناسبة، وستكون هذه الصفقات ـ في المراحل المقبلة ـ منطلقا نحو مشاريع استراتيجية تسهم في تنمية أداء الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط الذي أصبح مستهدفا من كل مراكز الأبحاث العالمية المعنية بنظافة البيئة وسلامة كوكب الأرض من التلوث البيئي. وفي الوقت الذي كان فيه الاقتصاد العالمي يعاني أوجاع كارثة كورونا اتجه الصندوق السعودي نحو البحث في السوق العالمية عن الفرص المتاحة لتحقيق مكاسب استراتيجية ونوعية نادرة.
وما زال قطاع التكنولوجيا في صدارة القطاعات التي يمتلك فيها الصندوق السعودي حصصا، ويأتي بعده قطاع النفط والغاز كأكبر القطاعات المستثمر فيها الصندوق موزعة على شركات بي بي النفطية، ورويال داتش شل، وسنكور 32 للطاقة، وسي إن آر إل، وشركة توتال، كما أن قطاع البنوك جاء في مقدمة قائمة استثمارات الصندوق السعودي، ثم جاء قطاع الإعلام والترفيه، وقطاع صناعة الطيران. وإذا استعرضنا الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي في هذه الفترة الدقيقة من تاريخه نستشعر التوازن في تنفيذ الصفقات حتى يمتلك الصندوق أصولا ذات قيمة كبرى وذات أبعاد مالية واقتصادية بعيدة المدى.
ولذلك نستطيع القول إن أهم ما يميز الصفقات التي نفذها الصندوق السعودي في مرحلة ما بعد كورونا أنها تتكامل، وتتميز بموثوقية عالية، ما يجعلنا نؤكد أن الصندوق سيواصل جني الكثير من الأرباح والمكاسب. إن نجاح الاقتصاد السعودي في تنويع مصادر الدخل أعطى للاقتصاد إمكانية امتصاص جميع الآثار الاقتصادية السلبية التي اجتاحت السوق العالمية في الأشهر القليلة الماضية، وهي الأحداث التي لو مرت على السعودية في وقت غير هذا لحدثت تراجعات كبيرة في عدد واسع من الشركات والقطاعات. ولذلك فإن صندوق الاستثمارات السعودي يعد من أهم المشاريع التي راهنت عليها رؤية السعودية 2030. وما زال الأمل يحدونا في اقتناص المزيد من الفرص الاستثمارية، حيث إن الصندوق بدأ يأخذ حالة الاستعداد لاغتنام مزيد من الفرص التي تدفع الصندوق للاستمرار في موقعه كواحد من كبار الصناديق السيادية في الاقتصاد الدولي.