مبادرات عصرية ببصمة سعودية

وضعت المملكة العربية السعودية في عمق استراتيجيتها المستقبلية للبناء الاقتصادي المستدام، مجموعة محاور أساسية ومهمة ومبنية على أركان تخطيطية، ومئات المشاريع الداعمة لها في مسيرة التنمية. بعضها تم إنجازه بالفعل، وبعضها الآخر يسير وفق الخطط الزمنية الموضوعة لها. ومن أهم هذه المحاور ما يرتبط بالاقتصاد الرقمي وأهميته العصرية.

وأسست السعودية قواعد مرتكزة في هذا المجال، برعاية مباشرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتطلع إلى هذا الميدان على أنه ساحة أساسية في صناعة المستقبل، بما يتماشى مع التطور المواكب في هذا القطاع.

وإعلان السعودية في أكبر إطلاق تقني على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن حزمة من المبادرات النوعية والبرامج التقنية بقيمة تناهز أربعة مليارات ريال، يعد خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح. وحقيقة أن هذا التوجه يدخل في صلب التخطيط التقني، الذي حددته رؤية المملكة 2030، الذي يستند إلى اغتنام فرص مؤشرات الاقتصاد الرقمي.

وبالطبع، تمتلك السعودية كل المقومات، لتكون مركزا إقليميا للتقنية في المنطقة، ليس فقط بسبب استراتيجية التنمية الشاملة، بل أيضا من خلال قدراتها الريادية الموجودة أصلا، وتفوقها الرقمي. وإطلاق المبادرات والبرامج التقنية النوعية مع المساوئ المشهورة في عالم شركات التكنولوجيا العملاقة، سيضيف مزيدا من القوة في مجال يصنع في الواقع الاقتصاد الرقمي.

هذا الاقتصاد، أصبح رمزا من رموز التطور عموما. والحق، إن العلاقة بين الرياض وشركات التكنولوجيا ليست جديدة، وتعود أساسا إلى المنهجية، التي أوجدتها رؤية المملكة، مدعومة برسائل محددة وتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وخلال الأعوام القليلة الماضية، حرصت شركات التكنولوجيا الرئيسة في العالم، على أن يكون لها دور في عملية التنمية السعودية، وكانت أشد إقبالا على بناء علاقات مستدامة ونوعية مع الجهات المختصة في هذا القطاع. وقد ظهر ذلك من خلال الحضور البارز لعمالقة التكنولوجيا في العالم، ومشاركتهم الفاعلة في أكبر إطلاق تقني في المنطقة كلها.

ومن أهم المعطيات لهذا التحرك، إعلان أكثر من عشر شركات مشهورة في مجال التكنولوجيا عن افتتاح أكاديميات أو برامج تدريبية داخل المملكة. وهذا يؤكد مجددا أهمية السعودية على الساحة الإقليمية، ليس فقط من جهة المخططات المستقبلية، التي وضعتها وتمضي قدما في تنفيذها، بل من ناحية الثقة المتنامية بالقدرات السعودية واقتصادها الرقمي وكفاءتها أيضا.

وهذا يوفر أيضا دفعة معقولة للبلاد على ساحة التنافسية العالمية. وبالفعل، هذه الثقة تعززها رؤية المملكة من خلال استشعار السعودية مبكرا، لأهمية الدور الذي يلعبه الاقتصاد الرقمي في صناعة فرص المستقبل. والمبادرات التي طرحت خلال الإطلاق التقني المتميز، تعكس استعداد المملكة لاقتناص هذه الفرص، لخدمة أهداف التنمية.

ولا شك في أن البرامج، التي اعتمدتها الجهات السعودية المختصة في هذا المجال، توائم متطلبات هذه المرحلة، إلى جانب طبعا احتياجات الساحة المحلية، ويسهم ذلك في تدعيم التعاون مع شركات التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، راعت الجهات المختصة في خدمتها الخاصة بمبرمجي المستقبل، تلبية لاحتياجاتهم الخاصة بالتدريب باللغة العربية، وتأهيلهم لسوق العمل، من خلال دورات ومعسكرات وبرامج نوعية، وذلك لإثراء المحتوى المحلي. وهذا يعزز القاعدة الرقمية المحلية عموما، ويسهم في دفع التعاون مع المؤسسات العالمية بالسرعة المطلوبة.

فالرؤية واضحة لمحاكاة المستقبل، وصناعته، لمواجهة كل الاستحقاقات التنموية تقنيا وبشريا. والحق، إن جهة مثل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، فعلى الرغم من عمرها القصير، إلا أنها حققت مستوى التمكين المطلوب للكفاءات الوطنية. وهذا كله كان من ثمار رؤية المملكة 2030.

إن الإنجازات في مجال حيوي تنموي يدعم ويتماشى تلقائيا مع المفاهيم والمعايير، التي جاءت بها رؤية المملكة. فالميزانية، التي خصصتها القيادة لدعم مسيرتها الوطنية، وتلبي المتطلبات، ومن ضمن مستهدفاتها صناعة كوادر سعودية في هذا الميدان المتطور دائما دون توقف.

والسعودية تتطلع دائما إلى الأمام، فهي تستهدف أيضا أن تكون واحدة من أفضل 15 دولة في البيانات والذكاء الاصطناعي، عبر تأهيل 25 ألف مختص قبل 2030، وتأسيس 400 شركة باستثمارات 80 مليار ريال، وصناعة الرقائق الذكية بسواعد وأياد وعقول سعودية، بوسائل معالجة. 

وفي الحقيقة، فإن استثمار المملكة في هذا المجال من أجل تحقيق غايات المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي