مهارات المستقبل وتنمية المعارف

بدأت المهارات والمزايا المطلوبة في الموظف الباحث عن وظيفة ــ في أي مكان من العالم ــ تتقارب في كل أسواق العمل المحلية والعالمية. بمعنى أصبحت السوق العالمية مفتوحة أمام الموظف السعودي مثله مثل الموظف الأمريكي، والكوري، والصيني، والأوروبي، أي أن الكفاءة والجدارة في العالم الرقمي هي السبيل للحصول على الوظيفة بصرف النظر عن الدولة التي ينتمي إليها طالب الوظيفة، ولذلك فإن أهم ما يجب أن يتسلح به الموظف هو إتقانه للحاسب الآلي واللغة الإنجليزية، وبعد ذلك يبحر في عالم تقنية المعلومات مع استخدام الإنترنت على نطاق واسع.
لقد بدأ العصر الاصطناعي يفرض شروطه ويتيح أمام الموظف الرقمي فرصا سخية في الحصول على الوظيفة ذات الوجاهة، وذات الأجر السخي والمجزي. وأتصور أن المطلوب من كل مواطن سعودي أن يكون واعيا ومدركا للتغيرات التي تحدث في الأسواق العالمية والمحلية على السواء، ويجب عليه أن يعد نفسه لهضم وإتقان متطلبات العصر الاصطناعي التي بدأ يفرضها في كل أسواق العالم، ولا شك أن السوق السعودية هي جزء لا يتجزأ من السوق العالمية بكل شروطها ومتطلباتها.
كلنا يعرف أن الأسواق العالمية ستستغني عن 80 في المائة من الموظفين التقليديين، وتطلب محلهم موظفين ذوي مهارات في مجالات العالم الرقمي.
وفي ضوء ذلك فقد وقف الأمير محمد بن سلمان على مجمل هذه المتغيرات، وطرح مشروعه الذي أسماه "برنامج تنمية القدرات البشرية"، ويهدف هذا البرنامج إلى تلبية احتياجات الأسواق المحلية والعالمية، بحيث يصبح الموظف السعودي مؤهلا فنيا ورقميا للعمل في السوق المحلية أو السوق العالمية على السواء، كذلك يهدف البرنامج إلى تطوير قدرات المواطن لولوج المستقبل والمنافسة عالميا على طلب الوظيفة، كذلك فإن البرنامج يتعامل ويتفاعل مع جميع شرائح المجتمع من الطفولة المبكرة من خلال برنامج تعليمي وتدريبي متطور هدفه الأساسي تأهيل الشباب لامتهان المهن التي تطلبها سوق العمل المحلية والعالمية التي يراهن عليها العصر الاصطناعي بكل متطلباته الفنية والرقمية. أما بالنسبة للتعليم والتدريب ما بعد الثانوي، فإنه يعنى بإعداد الشباب للوصول إلى مهارات ما فوق المتوسط، بحيث يكون خريج الثانوية مسلحا بعلوم تقنية المعلومات.
وتلتزم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بإتاحة فرص التعليم والتدريب المستمر لجميع المواطنين الراغبين في التعليم مدى الحياة.
إن حكومتنا تسعى إلى بناء منظومة قادرة على مواكبة التغيرات المستقبلية من خلال الاهتمام بتحديد مهارات المستقبل حتى الوصول إلى قوى العرض والطلب في سوق العمل مع الاهتمام بتحديد مهارات المستقبل، ووضع قواعد الشراكة، والتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية "الإنجوز".
ونلاحظ هنا أن البرنامج لاحظ حالات ضعف في اللغة العربية، حيث أشار إلى ضرورة تجويد اللغة العربية وعدم التفريط في الاهتمام بتعميق دراسة أصولها.
إن برنامج الأمير محمد بن سلمان الموسوم باسم "برنامج تنمية القدرات البشرية" يسعى إلى تمكين المواطن من بناء قدراته لكي يكون منافسا شرسا في السوق العالمية والمحلية، وعدته في ذلك تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية، ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف، بل يركز البرنامج على تطوير أساس تعليمي يسهم في غرس القيم الوظيفية والأخلاقية منذ البواكير الأولى لحياة الموظف.
كذلك فإن البرنامج يهتم بتطوير المهارات الأساسية وتنمية المعارف في مختلف المجالات، ما يمكن المواطن من المشاركة في التنمية المستدامة في مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السوق المحلية وسوق العمل العالمية.
إن منظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة شهدت عديدا من الإنجازات في العقد الماضي أهمها استمرار تطور العملية التعليمية رغم ظروف جائحة كورونا المستجد، فقد تم تدشين عديد من المنصات الرقمية مثل الروضة الافتراضية، ومدرستي، وإطلاق وتفعيل الفصول التفاعلية التي تستخدم كوسيلة داعمة لإيصال المحتوى التعليمي المتطور إلى جميع الطلاب في مختلف المراحل التعليمية.
كذلك شهدت منظومة البحث والابتكار قفزات في عدد المنشورات البحثية وتعزيز الشراكات البحثية في المجالات العالمية، وقد حققت المملكة المركز الـ 14 عالميا في عدد الأبحاث الخاصة بجائحة كورونا. إن برنامج تنافسية المواطن لا يرتهن إلى التنافسية في السوق المحلية، بل يرتهن إلى تنافسية المواطن في السوق العالمية، كذلك يهدف إلى مغازلة جميع الأسواق العالمية بكفاءات ومهارات سعودية مهنية جسورة، وبالتالي تمكين المواطن من المنافسة الندية مع كل كفاءات الموارد البشرية في العالم.
ولا شك أن المزايا المطلوبة في الموظف في أسواق العمل العالمية والمحلية باتت ــ كما أشرنا ــ تتقارب، وباتت تتمحور حول المهارات الرقمية التي تمتهن جميع وسائل تقنية المعلومات. وهكذا فإن برنامج الأمير محمد بن سلمان "تنمية القدرات البشرية" يفتح آفاق المستقبل الوظيفي أمام جميع السعوديين أصحاب الشغف الوظيفي الباحث عن الوظيفة والابتكار في أي مكان من العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي