جهات الإصدار الخليجية تفضل السندات على حساب الصكوك .. 60.1 مليار دولار في النصف الأول

جهات الإصدار الخليجية تفضل السندات على حساب الصكوك .. 60.1 مليار دولار في النصف الأول

أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، أن 77 في المائة من جهات الإصدار الخليجية فضلت اللجوء للسندات على حساب الصكوك في النصف الأول من العام الجاري 2021، حيث وصلت قيمة إصدارات "السندات" الجديدة على مدار الستة أشهر من العام إلى 60.1 مليار دولار.
وأظهرت تركيبة أسواق الدين الخليجية استحواذ "الصكوك" على أكثر من خمس (23 في المائة) إجمالي الإصدارات الجديدة من العملات الصعبة عن الفترة نفسها (بقيمة 18 مليار دولار)، وتنقسم أسواق الدين إلى نوعين من الأوراق المالية (السندات والصكوك).
وارتكزت إحصائية النصف الأول من هذ العام على الدراسة البحثية (عن إدارة الدخل الثابت) لبنك أبوظبي الأول، بينما استندت البيانات إلى ما تم إصداره من أدوات دين وذلك بغض النظر عن نوع العملة التي تم إغلاق الإصدار الأصلي بها.
وتظهر نظرة تاريخية على نتيجة المسح أن الصكوك بلغت أعلى أوجها تاريخيا في منطقة الخليج في 2014 بعد استحواذها على 40 في المائة من إجمالي الإصدارات الجديدة، وبعدها فقدت مكانتها السوقية في آخر خمسة أعوام بعد تفضيل الجهات السيادية للسندات من أجل الوصول لمستثمرين جدد غربيين وآسيويين.

التمويل الأخضر
وتترقب سوق الإقراض المصرفي وأسواق الدخل الثابت حراكا وخطوات متسارعة نحو التمويل الأخضر والتمويل المستدام من جهات الإصدار السعودية خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد إطلاق الحزمة الأولى لتنمية الاقتصاد الأخضر وهي عبارة عن استثمارات تزيد على 700 مليار ريال.
وحصلت الاستثمارات الخضراء على زخمها الحالي مع تعهد بعض الدول دعم الاقتصادات الخضراء وتضمينها ضمن استراتيجيات التحول الاقتصادي مع وجود سيولة مالية تبحث عن هذا النوع من الاستثمارات.
غير أن التحضير لعمليات التمويل الخضراء تتطلب وقتا أطول، نظرا لأهمية الامتثال لمتطلبات دولية خاصة، بالتأكد من أن التمويل ممتثل لقواعد التمويل الأخضر وأن متحصلات الإصدار أو القرض سيتم استخدامها في مشاريع صديقة للبيئة.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، يمكن للسندات الخضراء والقروض المرتبطة بالاستدامة تمويل خطط المملكة تجاه مشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق، بل إن التمويل الإسلامي ذي الصبغة الخضراء أو المستدام سيكون شريكا إلى جانب التمويل التقليدي المتخصص بدعم المشاريع الرفيقة بالبيئة.
وينتظر أن يكون أكثر المبتهجين بتوجه جهات الإصدار السعودية نحو الاستدامة المالية هي مصارف "وول ستريت" التي تتسابق حاليا لتقديم المشورة للجهات السعودية حول هيكلة إطار عمل للتمويل المستدام والأخضر التي في الغالب ستكون من دون مقابل مادي.
يذكر أن أي إصدار من الصكوك الخضراء أو قروض الاستدامة الإسلامية، فإن على جهات الإصدار أن تضع منظمومة إطار العمل الخاصة بمعايير السندات الخضراء والمبادئ التوجيهية لسندات الاستدامة التي نشرتها الرابطة الدولية لسوق رأس المال ICMA.
ومع هذا النوع من التمويل المستدام، تقوم جهات الإصدار بتقديم تقارير سنوية توضح فيها كيفية توزيع متحصلات الإصدار على المشاريع الخضراء كالتي تركز على الطاقة المتجددة والمياه المستدامة.

التمويل المستدام مع التنمية الاجتماعية
هناك أدوات اجتماعية كالزكاة والقرض الحسن والأوقاف والصكوك الاجتماعية وصكوك الاستدامة، علما أن مشاريع التنمية الاجتماعية تعد مؤهلة وفقا لإطار التمويل المستدام.
وحددت السعودية 40 في المائة من ميزانيتها لمصلحة الصحة والتعليم والتطور الاجتماعي، وهذا يعني أن السعودية في حال جمعها من الأسواق "تمويل مستدام" فإنها تستطيع لو ارتأت، ضخ جزء من متحصلات الإصدار نحو المشاريع ذات البعد الاجتماعي والمندرجة ضمن ميزانيتها.
يذكر أن الجائحة أسهمت في دفع جهات الإصدار بالأسواق الناشئة نحو صكوك الاستدامة التي تسهم متحصلات إصدارها في التعامل مع الجوانب الاجتماعية للمجتمعات.

القاطرة الرئيسة
السعودية في طريقها لتتبوأ مكانة متميزة على صعيد الأسواق الصاعدة كونها ستصبح مركزا إقليميا للتمويل المرتبط بالتنمية المستدامة، حيث ظهر أثر التوجه السيادي نحو الطاقة المتجددة وكفاءة استهلاك الطاقة على الجانب التمويلي.
ومن المنتظر أن تشكل خمس جهات سعودية دورا محوريا نحو قيادة جهود المملكة نحو الاستثمارات الخضراء ونظيرتها المرتبطة بالاستدامة.
وأولى هذه الجهات، المركز الوطني لإدارة الدين (بالنيابة عن وزارة المالية) وكذلك صندوق الاستثمارات العامة وهما بمنزلة القاطرة الرئيسة لجهود المملكة نحو التمويل المستدام.
وهناك شركة الكهرباء وهي الجهة الوحيدة التي جمعت بين "الصكوك الخضراء والقرض الأخضر" ومن المنتظر أن تلحق بها شركة أكوا باور" في العام المقبل، في حين يبدو أن "شركة البحر الأحمر للتطوير" ستعزز ريادتها كأكبر مقترض بالعملة المحلية فيما يتعلق بالتمويل الأخضر.
وعلى سبيل المثال يعمل "صندوق الاستثمارات العامة" مع "بلاك روك" من أجل تطوير إطار لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات.
وبعد أن يتم جمع التمويل من الأسواق، يتم استخدام متحصلات الإصدار لتمويل مشاريع مؤهلة بما يتفق مع إطار عمل للتمويل "المستدام الصديق للبيئة".

الصناديق الخضراء
وبحسب موديز، تشكل الصكوك الخضراء أقل من 3 في المائة من الصكوك العادية وذلك بنهاية يونيو 2020، في حين ترى فيتش أن قيمة صكوك الاستدامة التي تم إصدارها بنهاية الربع الأول من هذا العام تصل إلى 11 مليار دولار.
ومن الناحية الفنية لا يوجد أي معوق من إيجاد صناديق استثمارية متوافقة مع الشريعة لدعم هذا النوع من المشاريع الخضراء في المملكة، إلا أن هذه الصناديق ستأخذ وقتا طويلا من أجل أن يقبل الأفراد عليها بسبب وجود منحنى تعليمي حول أدوات الاستثمار الجديدة تلك.
وأخيرا قام أحد البنوك الاستثمارية بإطلاق أول صندوق استثماري للمبادرة البيئية في السعودية، إلا أنه مخصص لأسهم شركات التغير المناخي.
وأوضح الصندوق أنه يقدم فرصة للاستثمار في شركات الطاقة المتجددة والنقل النظيف والإدارة المستدامة للمياه والتكيف مع التغير المناخي.

إصدار السعودية الأخضر
وأشار المركز الوطني لإدارة الدين في 28 سبتمبر 2021 إلى أن السعودية ستعلن قريبا إصدارات جديدة من السندات الخضراء، لتكون إحدى قنوات التمويل الرئيسة، وأنه تم تعيين بنوك لعملية هيكلة إطار التمويل المستدام.
وتشارك المملكة ضمن الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي. وتهدف مبادرة السعودية الخضراء إلى مواجهة المخاطر المتعلقة بانبعاث الغازات والقضاء على انبعاثات الكربون عن طريق استخدام التقنية النظيفة.
وأكد محمد الجدعان وزير المالية في وقت سابق أن الجهود التي تبذلها المملكة نحو الاستدامة تأتي على رأس أولويات سياسات وأجندة رؤية المملكة 2030 خلال الأعوام الماضية، مبينا أن المملكة لم تتعامل مع موضوع الاستدامة بشكل مباشر فحسب، بل أيضا بشكل غير مباشر عبر الأسواق المالية، حيث يأتي القطاع المالي كأحد الممكنات الرئيسة، لتعزيز جهود المملكة لتحقيق أهدافنا نحو الاستدامة.
وبين الجدعان أن الطاقة المتجددة تقع في قلب متطلبات الطاقة للمشاريع الضخمة، إضافة إلى الفاعلية والدقة التي تقودها تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، التي ستعمل على جذب التمويل المستدام.

مبادرة السعودية الخضراء
وتحمل مبادرة السعودية الخضراء في مستهدفاتها تأكيدا لدور المملكة الريادي وعملها على إحداث نقلة نوعية داخليا وإقليميا تجاه التغير المناخي لبناء مستقبل أفضل وتحسين مستوى جودة الحياة.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في 2016، بذلت المملكة جهودا فاعلة لحماية البيئة وتقليل آثار التغير المناخي.
وفي جانب الطاقة يعد خفض انبعاثات الكربون أمرا بالغ الأهمية لإبطاء آثار التغير المناخي وإعادة التوازن البيئي، حيث تبذل المملكة جهودا حثيثة لتعزيز وتوحيد جهود مكافحة أزمة المناخ تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء من خلال تنفيذ مجموعة متنامية من مشاريع الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية من خلال مشاريع الطاقة المتجددة بحلول 2030، وإزالة الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ عديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة.
وفي إطار الخطة الاستراتيجية لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية سيصل طول السكك الحديدية إلى 9900 كيلو متر، بما سيسهم في التقليل من الازدحام المروري وانبعاثات الكربون الصادرة عن المركبات.
وسيحظى الجانب البيئي بزراعة أشجار في جميع أنحاء المملكة لتحويل الصحراء إلى أرض خضراء وإعادة تأهيل الكثير من الأراضي خلال العقود المقبلة التي تعد بمنزلة حجر الأساس لمبادرة السعودية الخضراء، حيث يسهم التشجير في تحسين جودة الهواء، وتقليل العواصف الرملية، ومكافحة التصحر، وتخفيض درجات الحرارة في المناطق المجاورة التقدم والإنجازات.
وتدرك المملكة بصفتها منتجا عالميا رائدا للنفط تماما نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، حيث تسعى إلى توفير حلول مبتكرة تدعم مكافحة تغير المناخ، وفي وقت أصبح فيه الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ضرورة حتمية، فيما ستدعم مبادرة السعودية الخضراء جهود المملكة لتصبح رائدة في مجال الاستدامة على المستوى العالمي.

الاسترشاد بالأنظمة الأوروبية
وعلمت "الاقتصادية" من مصادر لها بأسواق الدخل الثابت أن الشركات الخليجية لديها مساران لإصدار الصكوك الخضراء أوالحصول على القروض الخضراء.
أول هذين المسارين، وهو الأسهل يمكن عن طريق تطوير الأنظمة الخاصة الداخلية للشركة (التي تعنى بالامتثال لتشريعات التمويل الأخضر كشرط أساسي للحصول على التمويل من المستثمرين)، وذلك عبر الاسترشاد بالأنظمة الأوروبية الرائدة في هذا المجال ومن ثم الاستدانة الدولارية.
أما الخيار الثاني فيكمن في انتظار التشريعات المحلية الخاصة بعمليات التمويل الخضراء والمستدامة من الجهات التنظيمية المحلية ومن ثم أصدار أدوات دين أو الحصول على قروض بنكية بالعملات المحلية ترتكز على تلك التشريعات.
وبحسب رصد "الاقتصادية"، تميل جهات الإصدار الخليجية لتبني الخيار الأول وفقا للإصدارات التي تم إغلاقها خلال الفترة الماضية. في حين تتجنب تلك الشركات الخيار الثاني نظرا لتوقعاتهم بأن الجهات التنظيمية الخليجية، وفقا لمصادر للصحيفة، ستستغرق وقتا أطول لتبني التشريعات التنظيمية للتمويل الأخضر.

الاستدامة البيئية
وأطلقت "تداول" السعودية أواخر أكتوبر 2021 إرشادات للشركات المدرجة للإفصاح عن القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG، ما سيشجع على قيام نظام مالي يدعم نمو الأعمال المسؤولة. الدليل الإرشادي يحض الشركات على دمج قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة في تحليل الاستثمار وعمليات صنع القرار.
ويحث الملاك النشطين على دمج هذه القضايا في سياسات وممارسات الملكية الخاصة بهم. فضلا عن تشجيعهم على الإفصاح عن القضايا ذات الشأن بـالـ(ESG) في الكيانات التي يستثمرون فيها.
وتتطلع "تداول" لتعزيز قبول الشركات للمبادئ الجديدة وتنفيذها في صناعة الاستثمار، والإفصاح عن الانخراط بالأنشطة المتعلقة بقضايا البيئة والمجتمع والحوكمة والتقدم المحرز نحو تنفيذ مبادئها.
واعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في 2015 أهداف التنمية المستدامة SDGs، التي تعرف أيضا باسم الأهداف العالمية، باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول 2030، وأهداف التنمية المستدامة الـ17 متكاملة، أي أنها تدرك أن العمل في مجال
ما سيؤثر في النتائج في مجالات أخرى، وأن التنمية يجب أن توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية
والبيئية.
ويتوافق التمويل الأخضر للحكومة السعودية هذا العام مع تحقيق الاستدامة البيئية، وفي الوقت نفسه يسهم في استقطاب التمويلات القادمة من القطاع الخاص الذي جاء هذه المرة من الجهات الدولية.
بل إن وثيقة رؤية 2030 تدعو لمراعاة البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة. حيث أشارت إلى أن مسألة الحفاظ "على بيئتنا ومقدراتنا الطبيعية من واجبنا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا، ومن المسؤولية تجاه الأجيال القادمة، ومن المقومات الأساسية لجودة حياتنا".
لذلك، ستعمل السعودية على الحد من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلفات والحد من التلوث بمختلف أنواعه، كما ستقاوم ظاهرة التصحر، وستعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، وستؤسس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات، وستعمل على حماية الشواطئ والمحميات والجزر وتهيئتها، بما يمكن الجميع من الاستمتاع بها، وذلك من خلال مشاريع تمولها الصناديق الحكومية والقطاع الخاص.

الشرق الأوسط
وباعت مصر في 2020 سندات خضراء لأجل خمسة أعوام في أول إصدار من نوعه لمثل هذه السندات من إحدى حكومات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتستخدم حصيلة إصدار الدين لتمويل مشاريع خضراء أو إعادة تمويلها في قطاعات مثل النقل والطاقة المتجددة وكفاءة استهلاك الطاقة.
وتضمن العرض التوضيحي التزامات مصر تجاه استراتيجية مستدامة مثل ترشيد استهلاك المياه وحماية السواحل والاستثمار في الطاقة المتجددة.
وزادت إصدارات السندات الخضراء بقوة في 2020، حيث انضمت ألمانيا لغيرها من الدول الأوروبية بأول إصدار سندات خضراء لها في وقت سابق من هذا العام.
وأصدر عدد من الشركات الأوروبية المقترضة أدوات دين متصلة بأهداف الاستدامة، الكثير منها للمرة الأولى، ومن بينها دور أزياء مثل شانيل وبوربري.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة