«سر الحبار»
دارسو الصحافة يعلمون قيمة "الغرابة" في صناعة المادة الصحافية وثمة مثل مشهور أنه إذا عض كلب رجلا، ليس خبرا، إنما إذا عض رجل كلبا، فهذا هو الخبر، ومنشأ الخبرية كسر السائد أو العادة ومع ظهور الشبكات الاجتماعية صار المستخدم الأكثر غرابة هو المستخدم الأكثر شهرة.
السلبية تنحاز إلى الإثارة وهي إما مفرحة وإما مفزعة وكلاهما جاذب للانتشار وتبقى القدرة على الحبكة هي الأقدر على صناعة التأثير.
خلال الأسابيع الماضية حقق المسلسل الكوري الجنوبي "لعبة الحبار" الذي تبثه "نتفليكس" انتشارا واسعا في أنحاء العالم من خلال تحويل ألعاب أطفال إلى تحديات دامية من أجل البقاء، يتنافس فيها المتسابقون الذين يعانون ضائقة مالية للحصول على جائزة قدرها 38 مليون دولار.
قيمة الانتشار الكبير في تحويل لعبة عادية جدا إلى قصة محبوكة بشكل دموي بعناية، أكسبت المسلسل أكثر من 900 مليون دولار، رغم أن تكلفة إنتاجه لم تتجاوز 21.4 مليون دولار حتى قال تيد ساراندوس الرئيس التنفيذي لـ"نتفليكس"، "قد يصبح أكثر مسلسلات المنصة شعبية على مستوى العالم".
اعتمد المسلسل على تعزيز قيمة الخوف من المهددات وتغذية غريزة البقاء ولو كان على حساب قيم إنسانية نبيلة مثل العطاء والتضحية والصدق، مع بروز قيم الكذب والخيانة واليأس مع عاطفة جياشة تحاول حل مشكلة اجتماعية رأسمالية تطحن المجتمع الكوري المثقل بالديون، وجعل الخروج من اللعبة يعني الولوج إلى جهنم الواقع المرير.
في المقابل يرى نقاد أن سر شهرة المسلسل هو أنه مؤسس على سلوك الدموية في بعض الألعاب الرقمية المعتمدة على العنف، وهو رأي قابل للتأمل.