أسهم تضمن تحقيق 3 أضعاف الربح والخسارة
تأكد من فهم العنوان قبل التسرع في اتخاذ أي قرار بخصوص ما سيتم طرحه من أسهم متاحة من خلال الأسواق الأمريكية، وأول نقطة تجب ملاحظتها أننا هنا نقول إن هذه الوسائل تمنح عائدا مضمونا بمقدار ثلاثة أضعاف الربح، وفي الوقت نفسه من الممكن أن ينتج عنها ثلاثة أضعاف الخسارة. ثم ما العائد المقصود؟ هل هو على رأس المال أم العائد على شيء آخر؟ وكذلك ذكر العنوان أن هذه العوائد مضمونة، فنحتاج أن نفهم المقصود بكونها مضمونة، ونحن نعلم أنه لا يوجد وسائل استثمارية مضمونة. عدا ذلك فالعنوان سليم.
في هذا التقرير نلقي الضوء على هذا النوع من الصناديق التي تباع وتشترى تماما مثل الأسهم العادية، وهي مخصصة للمضاربين فقط، أي أنها ليست وسائل للاستثمار طويل المدى، على الرغم من أنه يمكن شراؤها والاحتفاظ بها مدد طويلة تمتد إلى الأشهر أو حتى الأعوام.
سنستعرض أهم هذه الأسهم ونتائج أدائها خلال الفترات الماضية، وسنتعرف إلى الهدف منها وفائدتها، ودرجات المخاطرة المتعلقة بها، ولكن قبل ذلك نبدأ بتعريف أسهم الصناديق المتداولة العادية، وأسهم الصناديق، التي لديها رافعات مالية عالية، بالضعف 2x أو بالثلاثة أضعاف 3x، وكذلك تلك التي لديها رافعات مالية عكسية.
ما أسهم الصناديق المتداولة؟
الصناديق المتداولة تعد من أفضل الطرق للمستثمرين، الذين يرغبون الاستثمار في قطاعات محددة أو في السوق ككل، أو أولئك الذين يرغبون في الاستثمار حسب عوامل مالية أو فنية معينة من خلال إدارة احترافية وبتكاليف إدارية قليلة نسبيا، ومن خلال وسائل تتمتع بسيولة عالية، بحيث يمكن الدخول والخروج من هذه الوسائل بسرعة ومرونة وبتكلفة تداول متدنية.
عدد الصناديق المتداولة في الولايات المتحدة نحو 2200 صندوق، وأول صندوق متداول، صندوق SPY، الذي أطلق في 1993 بهدف مطابقة أداء مؤشر S&P500، وهو لا يزال موجودا، ويعد أكبر صندوق متداول في العالم من حيث صافي الأصول، ويتمتع بتداولات يومية عالية تصل إلى 80 مليون سهم، أما عدد الصناديق المتداولة، التي لديها رافعات مالية عالية فهي نحو مائة صندوق فقط.
اختلاف الصناديق المتداولة عن الصناديق الاستثمارية
الصناديق الاستثمارية التقليدية تسمى صناديق مفتوحة لكونها تقبل اشتراكات جديدة باستمرار، فهي مفتوحة للاكتتاب طوال الوقت، وبسبب دخول وخروج استثمارات منها بشكل يومي، فلا يمكن معرفة سعر الصندوق إلا بعد القيام بحسابات معينة لمعرفة قيمة صافي الأصول. هذه الإشكالية وغيرها تغيرت مع ظهور الصناديق المتداولة، التي بدأت في الاستثمار في شركات مطابقة لمكونات أحد المؤشرات، مثلا صندوق متداول يحاكي أداء مؤشر داو جونز أو مؤشر S&P500، وبالتالي فسعر سهم الصندوق معروف بشكل قاطع في أي وقت من الأوقات، ثم جاءت صناديق متداولة تستثمر في منتجات أخرى عديدة، غير الأسهم والمؤشرات، بل في السلع والسندات والعقود المستقبلية وغيرها، وجاءت بعد ذلك صناديق لديها رافعات مالية، بمعنى أنها تضخم العائد صعودا وهبوطا.
إذن ميزة الصناديق المتداولة هي أنها تعمل تماما كالأسهم، إلى درجة أن لو لم ينتبه المتداول لاسم الصندوق لما عرف أنه اشترى أسهم صندوق، ولظن أنها أسهم عادية.
ميزة الصناديق المتداولة عن الشراء المباشر للأسهم
الاختلاف بين الصناديق المتداولة العادية والأسهم يأتي في جانبين رئيسين: تنويع الاستثمار والاستفادة من الإدارة الاحترافية التي عادة تدير هذه الصناديق. لذا فكثير من الأشخاص لا يستطيعون تنويع استثماراتهم بأنفسهم، لكون ذلك يتطلب الاستثمار في عدد كبير من الأسهم، ناهيك عن المعرفة والخبرة اللازمتين.
أما الصناديق ذات الرافعات المالية العالية فهي صناديق متداولة عادية، ولكن أهدافها تختلف عن مجرد تنويع الاستثمار، وتعتمد بشكل رئيس على الإدارة الاحترافية، نظرا لصعوبة عمل هذه الصناديق. أي أن معظم المستثمرين الأفراد لا يستطيعون تنفيذ استراتيجيات هذه الصناديق لكونها تعتمد على أساليب مالية متقدمة والمقدرة على التعامل بوسائل مالية غير الأسهم، وكذلك المقدرة على الاقتراض بطرق فعالة وبأقل تكلفة. كيف تعمل إذن الصناديق ذات الرافعات المالية؟
طريقة عمل الصناديق المتداولة برافعة 3 أضعاف
هذه الصناديق تتبع أداء أحد المؤشرات، على سبيل المثال مؤشر S&P500 أو مؤشر ناسداك-100 أو مؤشر داو جونز، أو أيا من عدد كبير من المؤشرات الفرعية الخاصة بقطاع معين أو بأسلوب استثماري معين. يوجد حاليا نحو مائة صندوق تعمل برافعات مالية ثنائية أو ثلاثية، وهي إما عادية أو عكسية، كما سنرى. في الجدول بعنوان "أبرز الصناديق المتداولة برافعات مالية"، نجد أن هناك تشكيلة واسعة من أسهم هذا النوع من الصناديق، بعضها برافعة ثلاثة أضعاف وبعضها برافعة الضعفين، بعضها تحقق الربح من الصعود bull وبعضها تربح من هبوط المؤشر الذي تتبعه. ونجد أن هناك صناديق لمن يستهدف أداء أحد المؤشرات الرئيسة أو مؤشر التكنولوجيا الحيوية، أو النفط أو الذهب وغيرها، بحيث يسعى الشخص لمضاعفة نسبة الربح مع تحمل مضاعفة نسبة الخسارة.
بالعودة إلى عنوان التقرير، هنا نجد أن الربح والخسارة مقصود بها الربح والخسارة المتحققين من المؤشرات، التي تتبعها هذه الصناديق، فمثلا إذا كنت مهتما بقطاع أشباه الموصلات واخترت صندوق SOXL فستجد أن أداء الصندوق مطابق لأداء مؤشر قطاع أشباه المواصلات، ولكن بقوة ثلاثة أضعاف، فإذا ارتفع مؤشر أشباه الموصلات 5 في المائة يرتفع الصندوق 15 في المائة، وهكذا.
كيف يمكن لهذه الصناديق تحقيق العائد المذكور؟
كيف يمكن لصندوق يتبع أداء مؤشر معين أن يحقق ثلاثة أضعاف أداء المؤشر؟ من المعروف أن هناك صناديق عادية كثيرة تحقق أداء المؤشر نفسه، لأنها تستثمر في مكونات المؤشر بشكل كامل، وبالتالي سيكون أداؤها بالضرورة مطابقا لأداء المؤشر، عدا بعض الاختلافات البسيطة تسمى tracking error، ولكن في المجمل أداؤها يعد مطابقا لأداء هذه المؤشرات، لذا فإن صناديق الرافعات المالية تحتاج إلى طريقة معينة لرفع العائد، ويشمل ذلك الاقتراض والدخول في وسائل مالية متقدمة مثل عقود الخيار والعقود المستقبلية واتفاقيات المبادلة swaps.
لتقريب الفكرة، التي تعمل بها هذه الصناديق، التي تمكنها من رفع العائد نأخذ تداول عقود الخيار كمثال، وهي وسيلة استثمارية تتطلب مبلغا قليلا نسبيا، وتستطيع تحقيق عوائد عالية، حسب تحرك الأصول، التي هي مشتقة منها، ولذا تسمى عقود الخيار بالمشتقات، لأنها مشتقة من أصل معين، كالأسهم أو السندات أو غيرها. فمثلا قد يستثمر صندوق متداول برافعة مالية عالية في أسهم شركة أمازون، وفي الوقت نفسه يقوم الصندوق بشراء عقود خيار قصيرة الأجل لأسهم أمازون ذاتها، وذلك لأن هذه العقود تتميز بأنها ترتفع بنسب أعلى من ارتفاع الأصل نفسه، وتنخفض بنسب أكبر من انخفاض الأصل. ونتيجة لاحترافية الأشخاص، الذين يديرون هذه الصناديق، فإنهم يستطيعون عمل تركيبات معينة من عقود الخيار بحيث يحققون ثلاثة أضعاف العائد على مستوى الصندوق، والشيء نفسه يتم من خلال الوسائل الأخرى، كالعقود المستقبلية.
هل ممكن أن يخسر الشخص أكثر من رأسماله؟
إذا كانت هذه الصناديق تسعى لتحقيق ثلاثة أضعاف العائد صعودا، ماذا عن العائد هبوطا؟ بمعنى ما الذي يحدث لو انخفضت مكونات الصندوق 34 في المائة، فهل تنخفض قيمة الصندوق إلى 102 في المائة؟ وهل يخسر المتداول أكثر مما تم استثماره في الصندوق؟ الجواب هو أن الحد الأقصى لخسارة سعر الصندوق هو 100 في المائة، وهذا ينطبق كذلك على استثمار المتداول في هذه الصناديق. أضف إلى ذلك أن هذه الإشكالية- فيما لو حدثت- فهي خاصة بالعائد اليومي فقط، أي يجب أن ينخفض سعر الصندوق خلال يوم واحد 34 في المائة، ليخسر كامل قيمته، وهذا أمر شبه مستحيل في هذه الصناديق، لأنها تستثمر في عدد كبير من الأسهم وغيرها من الوسائل المالية، ولا يمكن لجميع تلك الوسائل أن تنخفض بهذه النسبة الكبيرة خلال يوم واحد. ومرة أخرى لو تم ذلك، فإن الصندوق بحسب تركيبته وطريقة عمله لا يمكن أن يخسر أكثر من 100 في المائة.
ما المقصود بأن عوائد هذه الصناديق يومية وليست تراكمية؟
هذه نقطة مهمة جدا يخطئ كثير من المتداولين في إدراك معنى كون العائد يساوي ثلاثة أضعاف عائد المؤشر، الذي يتتبعه الصندوق، والسبب في اللغط هو أن العائد هنا يومي وليس تراكميا، فالصندوق يضمن إلى حد كبير أن يحقق ثلاثة أضعاف أداء المؤشر في يوم واحد فقط، ولكنه لا يضمن تحقيق هذا العائد لأكثر من يوم. على سبيل المثال، لو وجدت أن مؤشر ناسداك-100 مرتفعا اليوم 1 في المائة، فإن صندوق TQQQ (ذو الرافعة الثلاثية) سيكون مرتفعا 3 في المائة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن TQQQ سيكون مرتفعا 18 في المائة، فيما لو كان المؤشر مرتفعا 6 في المائة خلال الـ30 يوما الماضية.
لماذا لا يكون العائد لفترة طويلة دائما مساويا لثلاثة أضعاف عائد المؤشر؟
السبب يعود لمسلمة رياضية لا فرار منها، وهي بمثال سريع، لو أن سهما ارتفع 50 في المائة، ثم انخفض بعد ذلك 50 في المائة فإنه لا يعود للسعر نفسه: أي لو أن السعر 100 دولار، وارتفع 50 في المائة فسيصبح 150 دولارا، ولكن الآن لو انخفض السعر 50 في المائة، فإنه لن يعود إلى سعر 100 دولار، بل سيصبح 75 دولارا (50 في المائة من 150)، وهكذا.
لذا فإن عائد ثلاثة أضعاف لفترات أكثر من يوم واحد قد يصل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف عائد المؤشر أو أقل منه. انظر لأداء صندوق TQQQ للأعوام الخمسة الماضية (انظر الرسم البياني)، وستجد أنه مرتفع 12.9 ضعف سعره قبل خمسة أعوام، بينما صندوق QQQ الذي كذلك يحاكي مؤشر ناسداك-100، ولكن دون رافعة مالية، كان مرتفعا بنحو الضعفين فقط. هذا يعني أن صندوق رافعة ثلاثة أضعاف حقق نحو خمسة أضعاف، وليس ثلاثة أضعاف.
والعكس يحدث في حال الانخفاض، كما في الجدول "سبب الاختلاف في عائد أكثر من يوم واحد"، والسبب دائما يعود لمسلمة رياضية مرتبطة بمفهوم النسبة.
مضاربون يسعون لتحقيق أرباح مهولة في حال هبوط الأسواق الأمريكية
من خلال هذه الوسائل، التي تضاعف من مقدار الربح والخسارة، وبحكم أن الأسواق الأمريكية تمر حاليا بمرحلة صعود غير مسبوقة، وبسبب كثرة الأحاديث عن هبوط متوقع في الأسعار، فإن هناك مراهنات كبيرة على قرب حدوث تصحيح كبير في الأسعار، وبالذات لشركات التكنولوجيا. ولكن كيف لهذه الصناديق أن تفيد في هذه الحالة ويتحقق الربح من خلالها؟
في حال رغب المتداول المضارب بتعظيم الفائدة من هبوط الأسهم، فهو يتجه إلى صناديق الرافعات المالية العكسية، التي تأتي كذلك برافعات ثلاثة أضعاف، ما يعني أنه في حال هبوط المؤشر 20 في المائة، فإن هذه الصناديق تحقق عوائد 60 في المائة. كمثال لتبسيط الفكرة، قد يخسر المستثمر العادي 20 في المائة لو حصل هبوط في الأسهم 20 في المائة خلال فترة معينة، ولكن شخصا آخر لديه أسهم صندوق متداول عكسي مناسب يكون قد حقق عائدا موجبا 60 في المائة، تزيد أو تنقص حسب طول المدة وحدة التذبذب. مرة أخرى لاحظ أن عائد ثلاثة أضعاف يتحقق بشكل مضمون خلال يوم واحد، وما زاد عن ذلك من أيام سيكون العائد أعلى من ذلك أو أقل من ذلك، ولهذا السبب هذه الصناديق ليست للاستثمار، بل لاقتناص الفرص على المدى القصير.
صناديق الرافعات المالية خطرة
خطورة هذه الصناديق تزداد مع زيادة الرافعة، لذا فإن الرافعات الثلاثية تعد عالية المخاطرة، إلى درجة أن بعض الجهات التي تدير هذه الصناديق قامت بتحويل بعضها من ثلاثية إلى ثنائية. وعلى الرغم من ذلك لا تزال هناك شعبية عالية لهذه الصناديق، وهذا ما نراه في تداول صندوق SQQQ وهو صندوق برافعة ثلاثة أضعاف عكسية، حيث يصل متوسط تداولاته اليومية إلى 136 مليون سهم، وهذا أعلى بكثير من تداول صندوق S&P500 الشهير، الذي يبلغ متوسط تداولاته 77 مليون سهم، وأعلى من صندوق QQQ الشهير كذلك، بنحو 50 مليون سهم.
سبب ارتفاع تداولات صندوق SQQQ الذي يستهدف هبوط الأسعار، وغيره من الصناديق المماثلة، هو كما ذكرنا يعود لاعتقاد شرائح كبيرة من المضاربين بأن التصحيح قادم لا محالة، وإن أفضل طريقة لمضاعفة الربح تكون من خلال الصناديق العكسية.
خاتمة
هناك صناديق متداولة، أي تباع وتشترى تماما مثل الأسهم، وبعضها يعمل برافعات مالية بهدف مضاعفة العائد صعودا وهبوطا، وهناك صناديق تحقق أرباحا من الصعود Bull، وصناديق تحقق أرباحها من الهبوط Bear. واستعرضنا أداء بعض هذه الصناديق في الأعوام الماضية، ورأينا كيف أن أداء صناديق الصعود تجاوز أداء المؤشرات، التي تتبعها الصناديق بأكثر من العائد المذكور، والسبب هو أن صناديق الرافعات المالية تحقق ارتفاعات عالية جدا إذا كانت الأسهم في مرحلة صعود، كما هو الحال في الأعوام العشرة الماضية.
وأخيرا ذكرنا أن صناديق الرافعات العكسية مفيدة للمضارب، الذي يراهن على هبوط الأسهم، ويود مضاعفة العائد إن تم بالفعل هبوط كبير في الأسهم.