إعلانات الشركات...."دعونا نتكلم العربية"

الأسبوع الماضي تحدثت عن تسرب المعلومات واليوم سأتحدث عن الإفصاح ونشر المعلومات، والحقيقة أن بين هذا وذاك فرق شاسع. فنشر المعلومات يعطي فائدة قليلة ولكن عادلة للجميع ولكن تسرب المعلومات يعطي فائدة كبيرة لفئة قليلة. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بفضل تسرب المعلومات. والموضوع يذكرني بمقالة للكاتب الإيرلندي الساخر برنارد شو (وكان يطيل شعره ليغطي باقي صلعته) "ثروات العالم تماما مثل رأسي، هناك وفرة في الإنتاج وسوء في التوزيع"! وهناك ثلاثة مستويات لنشر المعلومات تتدرج من الأعلى إلى الأسفل كالتالي الشفافية ثم الإفصاح ثم......."الإلغاز"! الشفافية هو نشر معلومات أكثر من ما يتطلب النظام لغرض تنوير المستثمرين، والإفصاح هو نشر الحد الأدنى المطلوب حسب النظام لغرض إرضاء المُشرِّعين، أما الإلغاز فهو نشر الخبر الذي هو أقرب ما يكون إلى "مبتدأ" يحتاج إلى "خبر" كما تنص قواعد النحو!
والحقيقة أن قراءة بعض إعلانات الشركات أشبه ما تكون بالاستماع إلى حجاج وافدين من جزر الواق واق!! وكنت في البداية أحيل الأمر إلى فهمي المتواضع ولكني اكتشفت أن هناك آخرين كثيرين يعانون عدم الفهم فأدركت أن المشكلة ليست في أذني ولكن في فصاحتهم! والإعلان غير الفصيح لا يمنح إجابات ولكنه يخلق مزيدا من التساؤلات. وعلامة الإعلان المبهم التذبذب الكبير للسهم بعد الإعلان، فالناس تعلم أن هناك شيئا، ولكن لا تعلم هل تبيع أم تشتري وتغدو حركة السهم مثل كرة الطاولة!
هناك مستوى رابع من نشر المعلومات وهو عدم نشرها من الأصل. وبعض الشركات التي تتعرض للمصاعب والمشاكل والقرارات الخاطئة تميل إلى عدم نشرها تيمّناً بالمثل الأمريكي القائل "ما يحدث في فيقاس، يبقى في فيقاس"! وتقوم الإدارة بـ"لملمة" و "كلفتة" ما يحدث من أخبار على أمل أن تُحل من هنا أو من هناك. وهذا خطأ والصحيح أن كثيراً من الإفصاح يساعد الشركة أولا على اتخاذ القرارات الصائبة، لأنه يعرضها لمزيد من النقد. وثانيا يساعد على تفهم المستثمرين للمشاكل التي تعانيها الشركة مما يقلل الضغوط المعنوية على الإدارة. وثالثا يزيد في مصداقية الشركة ومن ثم سعرها والذي ينعكس إيجابا على المساهمين. والنظام يلزم الشركات بالإفصاح عن أي خبر من الممكن أن يؤثر في أداء الشركة. الطريف في الأمر أن تعمل الشركة في صمت تام ثم تفاجأ بإعلان بالصيغة التالية: انخفضت أرباح الشركة بسبب انقطاع الكهرباء، أو إغلاق المصنع للصيانة، أو توقف المورد عن التوريد، أو أي سبب آخر واضح. فإذا كان السبب المذكور في الإعلان غير مؤثر فلماذا يربط به سوء أداء الشركة، وإذا كان مؤثرا فلماذا لم يفصح عنه سابقا. ولذا فالذي يظهر أن إعلانا من هذا النوع هو بحد ذاته مخالفة يعاقب عليها القانون!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي