ماسأة "متبرعة" سعودية

كانت الأم تعاني مرضا في الكبد لم يجد الأطباء له حلا سوى إيجاد متبرع لها، وتقدم جميع أبنائها في مشهد رائع من الإيثار وصلة الرحم، جميعهم يتمنى أن تظهر الفحوص أنه الأكثر ملاءمة من إخوته ليتبرع لوالدته بجزء من الكبد، وتم الكشف على جميع الأبناء ولم يكن مناسبا منهم للتبرع سوى ابنتها، فرحت البنت فرحا غامرا ودخلت المستشفى لإكمال بقية الفحوص بمعنوية عالية، - وبفضل من الله - نجحت العمليتان اللتان أجريتا للأم وابنتها، واستعادت الأم عافيتها ،وعاشت البنت في بيت أهلها كبطلة متوجة ونالت كل ماتستحقه من تقدير وإجلال من قبل جميع أفراد أسرتها، مرت أربعة عشر عاما على حادثة التبرع ولم يحدث مايعكر صفو هذه الأسرة الكريمة، ولكن الأقدار التي لايعرف أحد ماتخبئه لابد أن تقول كلمتها، حيث الأيام دول والمنغصات على قارعة طريق الإنسان، تقدم شاب لخطبة هذه الفتاة المتبرعة، وتم إخباره بأن البنت قد تبرعت قبل 14 عاما بجزء من كبدها لوالدتها، بل أصر أهل الفتاة على زيارة الشاب المستشفى الذي أجريت فيه عملية التبرع ليستمع إلى كلام الأطباء، وتم إفهامه من قبل جميع الإخصائيين أن الفتاة قد أجريت لها جميع الفحوص بما فيها فحص الإنجاب وكانت جميع فحوصها سليمة وليس هناك أي عائق طبي أمام الزواج، وتم عقد القران، وكعادة مجتمعنا مرت الأيام الأولى للزواج بسلام وسكينة ولكن بعد أشهر تبدلت حياة تلك الفتاة المتبرعة إلى جحيم لا يطاق سواء من قبل زوجها أو من قبل أهله، إن أصابتها حالة زكام قام الزوج أو أمه بمعايرتها وإرجاع سبب الزكام إلى تبرعها لأمها، سمعت من الكلمات الجارحة مالا يطيقه قلب بشر، كل صباح أو مساء تمر على مسامعها كلمة من الزوج أو أمه بأنهم ابتلوا بفتاة ناقصة، زادت المشكلة بشكل أكبر عندما مرت السنوات ولم يتم حمل، فالزوج مصر على أن السبب في ذلك هو تبرعها ونقصها الجسدي – مع أن الكبد - بفضل من الله - تنمو وتعود إلى حالتها السابقة بعد فترة – إلى أن تلك المعلومة الطبية وغيرها لم يثن الزوج عن إصراره على أن المشكلة في عدم الحمل تكمن في زوجته ولاعلاقة له بالأمر، مما حدا بالزوجة إلى تكرار فحص الإنجاب لتظهر جميع النتائج سليمة مرة أخرى، وعندما أخبرته الزوجة بأن نتائجها سليمة وعليه هو القيام بفحص الإنجاب رفض رفضا قاطعا وأصر على أنها هي السبب، الجانب المؤلم من هذه القصة الحقيقية هي أن الأم التي تبرعت لها ابنتها ندمت أشد الندم، خصوصا أنها تشاهد تعاسة ابنتها أمام عينيها وقالت بالحرف الواحد: لو كنت أعرف بما سيحصل لابنتي لفضلت الموت ولما قبلت تبرعها، هذا جانب مما تعانيه كثير من بناتنا أمام أزواج جهلة لايقيمون لقداسة العلاقة الزوجية أي وزن، وتعميهم التقاليد الاجتماعية البالية عن صوت الضمير والعدل، كم من متبرعة وغير متبرعة تحاول أن تحافظ على بيتها مع إصرار الزوج على حرمانها أي حقوق شرعية أو إنسانية، أختي المتبرعة، وصلني حزنك ومصيبتك، وليس في يدي سوى الدعاء لك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي