المؤثرون محدودو الشهرة

يقول ديفيد أوجيلفي الأب الروحي لصناعة الإعلان وأبرز دهاقين التسويق الإنجليزي، إذا لم تزد المبيعات بسببه، فهو ليس إعلانا مبدعا، وله مقولة خالدة في أن الإعلان الجيد لا يخدم منتجا شيئا.
عندما يريد التاجر الإعلان عن سلعة معينة، فإنه سيتجه إلى الوسيلة الأكثر فاعلية، وكان الراديو والتلفاز في وقت من الأوقات النوافذ الأكثر سحرا للمعلنين، بل حينها كانت البوابات الأشهر والأسرع للوصول إلى الزبائن المحتملين، ثم زاحمت الصحف كعكة الإعلان، حتى تحولت الصناعة بالكامل حينما انتقلت شاشة التلفاز من المنضدة إلى يدي العميل وأصبحت الهواتف الذكية لا تكاد تفارق جيوب المستهلكين. لذا دفعت رقمنة الإعلان بواسطة شبكات التواصل الاجتماعية السوق إلى قفزات هائلة تقدر عوائدها ومداخيلها السنوية نحو 700 مليار دولار، حسب تقرير نشرته "الاقتصادية" في أبريل 2022.
هذه الثورة الإعلانية أفرزت حالة من التغيرات البنيوية والأسلوبية والسلوكية لدى الأطراف الأربعة، وهم: المعلن، صاحب الإعلان، مكان الإعلان، والأخير المستهلك. وسنقف بسرعة على أدلة هذه المتغيرات أولا: المعلن أصبح فردا بعد أن كان مؤسسة ولا توجد لوائح محددة للمعلنين الأفراد، ثانيا: صاحب الإعلان لم يعد بحاجة إلى وكالة إعلانية تشاركه الأرباح، بل صار يتفق مباشرة مع المعلن الذي يقدم له خدمات خاصة مثل تجربة شخصية لإضفاء المصداقية، ثالثا: مكان الإعلان، كان إما مملوكا للحكومة أو لمواطن بأوراق رسمية، والآن تحت إدارة وتوجيه من دول أجنبية ولا توجد إمكانية للتحكم به أو ملكيته، رابعا: المستهلك صار مدفوعا إلى المشاهدة الإجبارية للإعلان، ويقع فريسة الخداع الخوارزمي للمنصة وتقديم محتوى اهتم له سابقا أو على هيئة تسهيلات فنية "ارفع الشاشة"، ويعني تسيير المستهلك للدفع بطريقة سهلة ومرنة.
التنظيم الذي أصدره وزير الإعلام أخيرا رائع، وبالتوازي مع ذلك، يتوجب وضع تنظيم يحدد جميع صور وصيغ الإعلان الصادرة من المنصة ذاتها أو الاتصالات التي تعلن عن استثمارات أو عروض شراء واتجار وسفر أو الإعلانات المنفذة خارجيا والموجهة داخليا إلى المملكة، كما أن التنظيم الجديد سيزيد احترافية الإعلانات ويدفع فئة المؤثرين محدودي الشهرة إلى خيارين لا ثالث لهما، إما مواصلة الإعلان والالتزام أو ترك المجال، ولهذا ضريبة يجب الانتباه لها أن أصحاب المحال والخدمات الصغيرة سيواجهون صعوبات مالية في ظل ارتفاع أسعار الإعلان المتوقعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي