من يفكر خارج الصندوق
كلمة صندوق أو صناديق ذات لفظ واحد ومعان مختلفة فهناك الصندوق المقصود به العلبة أو السحّارة وهناك الصندوق مكان دفع الحساب في المحال التجارية وهناك صناديق الدولة كالصندوق العقاري الذي أخذ منه الناس أموالا ولم يعيدوها! وهناك صناديق الاستثمار التي - ربما انتقاما لأخيها الصندوق العقاري - أخذت أموال الناس ولم تعدها!! وهناك صناديق التقاعد التي تأخذ من رواتبنا ولا نعلم متى ستعيدها!! عموما التفكير خارج الصندوق تعبير معرب للقول الإنجليزي المشهور “thinking outside the box” وهو - كما ترون يا سادتي يا كرام - ترجمة حرفية وتقليد أعمى مما يدل على أننا كعرب لا نزال نفكر داخل الصندوق!!
عدد الشركات في السعودية كثير ربما يفوق عدد العاطلين عن العمل ولكن طريقة عمل تلك الشركات تتشابه إلى حد "البحث عن الاختلافات العشرة"!! فأكثرها تعتمد على الظروف المصاحبة ولا تعتمد على الابتكار والإبداع والاختراع والاختراق فشركات البتروكيماويات تعتمد على امتياز الغاز الرخيص والبنوك تعتمد على احتكاريتها للسوق وشركات التطوير العقاري تعتمد على الشراء والتخزين وتكوين التحالفات لرفع أسعار العقارات وشركات الوكالات التجارية تعتمد على الإجراءات الحمائية والأسماء التي لم يكن لها يد في خلقها.
ما يحتاجه البلد والاقتصاد هو الأفكار الخلاقة. نحتاج إلى شركات تطوير عقاري تستطيع تأمين منزل تمليك لشاب مرتبه لا يتجاوز 3000 ريال. وشركات الأطعمة التي تصدر الفكرة لتنتشر فروعها في أنحاء العالم وشركات البتروكيماويات التي تنتج وتبيع تراخيص التقنية إلى الشرق والغرب. وحتى نكون منطقيين فنحن لا نطمح أن تكون الرياض عاصمة الموضة أو أن تكون جدة غوليوود السينما العربية!
الذين ساهموا في صنع الحضارة البشرية وصنعوا ثروات ضخمة هم الذين كسروا القواعد التقليدية. هنري فورد على سبيل المثال استطاع كسر القاعدة التي تعطي الأغنياء حق امتلاك السيارة فقام بتصميم خط إنتاج لصناعة آلاف السيارات بطريقة خطوط التجميع التي تنتج سيارات كثيرة بالمواصفات نفسها لتخفيض تكلفة الإنتاج الى الدرجة التي يستطيع الموظف العادي تحمل تكلفتها. وقال مقولته المشهورة "تستطيع اختيار أي لون ما دام أسود". والمقصود أن كل السيارات ستنتج بلون واحد وهو الأسود لتخفيض التكلفة.
بيل قيتس هو أغنى رجل في العالم ولكنه لم يخلق ثروته عن طريق احتكار الأراضي أو تجميع الامتيازات الحكومية ولكنه قدم للإنسانية برامج الدوس والويندوس والأوفيس التي أكتب مقالي هذا باستخدامها.