اختيار الموقع المناسب اول شروط نجاح الاستثمار العقاري
كثيراً ما يطالعنا الخبراء العقاريون عن كيفية الاستثمار في المجال العقاري, وكثيرة هي النصائح والإرشادات التي توردها تلك التقارير والمقالات والتي تركز في معظمها على طريقة اختيار العقار والضوابط التي يجب اتباعها في عملية الشراء والبيع والتشغيل.
ولعل من أفضل النصائح التي قرأتها لأحد خبراء التخطيط المالي والاستثماري ما أورده الكاتب مايكل ماسترسون في كتابه الثروة التلقائية في حديثه عن بناء الثروة وحدد لذلك عدة قنوات من أهمها تنويع الاستثمارات بين الأسهم والسندات والعقار مع عدم إغفال الأهمية القصوى للمشاريع التجارية واستخدام المهارات الفردية في زيادة الدخل وبناء الثروة.
وقد أفرد الكاتب فصلاً كاملاً عن الاستثمار العقاري وأكد أن الاستثمار الصحيح في العقارات ينطوي على سرين كبيرين الأول: تعود للمقولة الشهيرة: "الموقع ثم الموقع ثم الموقع" والآخر: حال العقار المراد شراؤه.
وأورد الكاتب كذلك أربعاً من القواعد المهمة للمبتدئين بالاستثمار العقاري وهي : ضرورة البدء بشراء الأملاك في منطقة المستثمر المحلية, التركيز على استثمار الأموال في العقارات الجيدة أو الجديدة الواعدة, شراء الأبنية المتينة وتجديد المباني القائمة كل ما تسنى له ذلك , ضرورة إقامة شبكة معارف واسعة مع الحرفيين الموثوقين.
وأكد الكاتب خمس قواعد عامة للاستثمار العقاري وهي: ابدأ بما تعرفه, تأكد من وجود سوق نشطة, تأكد من طريقة الشراء الصحيحة, احرص دائما على المعاينة قبل الشراء, ولتكن لديك دائماً خطة احتياطية.
#2#
كما لفتني بعض النصائح في أحد التقارير الأخرى لأحد المختصين حين حصر مهارات الاستثمار العقاري في خمس مهارات أساسية والتي تعتبر ضرورية للبدء بالاستثمار العقاري وهي: أن تفهم معنى ومفهوم الاستثمار في العقارات بما في ذلك كل من المخاطر المالية والفوائد التي ينطوي عليها الاستثمار العقاري, أن تعلم متى وكيف يتم التعامل مع البائعين, أن تصبح خبيراً في جميع مجالات الاستثمار العقاري وفهمها على النحو التالي: خيارات التأجير، البيع النقدي، الرهون العقارية, والقروض العقارية قصيرة الأجل وطويلة الأجل وغيرها من مصطلحات المبيعات, أن تكون قادراً على التحليل السريع والدقيق لكل صفقة من صفقات الاستثمار العقاري, وأن تتعلم كيفية إدارة المفاوضات الخاصة عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات النهائية لصفقات الاستثمار العقاري. والملفت في هذه المهارات أن من يمتلك مثل هذه المهارات فإنه يمكن تصنيفه على أنه خبير عقاري ولا حاجة له بإكمال قراءة هذا المقال حتى نهايته.
وغالباً ما تنطلق هذه النصائح من مبادئ تميز بها النشاط العقاري عن غيره من أنشطة الاستثمار المختلفة فالاستثمار العقاري يعد الوسيلة الاستثمارية المفضلة في نظر أكثر شعوب الأرض، ذلك لأن العقار بأنواعه كان ولا يزال أحد المقومات الأساسية للثروة. وهو أفضل مجالات الاستثمار الموجودة, ومن أهم المميزات التي تجعل من العقارات استثماراً محموداً ومرغوباً فيه كون العقار ثابتاً وجامداً مما يضفي عليه صفة الدوام، كما أن امتلاكه يولد بهجة في النفس ذلك لأن العقار بدوامه أفضل مأوى أمام موجات التضخم المالي, كما أن استثمار العقارات وتأجيرها يدر مدخولاً سنوياً إلى جانب إمكانية ارتفاع قيمتها.
إلا أنه وبإمعان النظر فإن الاستثمار العقاري يعد كأي نوع من أنواع الاستثمار المختلفة كالاستثمار في سوق الأوراق المالية مثلاً أو النشاط التجاري أو الصناعي الذي لابد له من توافر الخبرة والدراية الكافيتين لكي يكون استثماراً ناجحاً.
فاختيار المرء لاستثمار معين ينبغي أن ينطلق من أمرين الأول: المعرفة الوافية لمختلف أنواع الاستثمار وميزات كل منها، والآخر: الرؤية الواضحة لأهداف المرء من الاستثمار.
وفي الغالب فإن معظم الناس يفضلون الاستثمار الذي يضمن لهم ثلاثة أمور وهي: المحافظة على رأسمالهم، تقديم أكبر نسبة ممكنة من الربح، وإبقاء مالهم في متناول أيديهم ليستعملوه متى شاءوا.
ومن الواضح أنّ الاستثمار الذي تجتمع فيه هذه الميزات الثلاث هو الاستثمار المثالي. بَيْدَ أنه من النادر أن تجتمع سلامة رأس المال مع الدخل المرتفع والسيولة التامة في استثمار واحد فالاستثمارات المختلفة تملك هذه المزايا بنسب متفاوتة.
ومهما تعددت أنواع الاستثمار ووسائله فإن المقصد الأول منها كلها هو المحافظة على رأس المال وتنميته.
وتبرز أهمية معرفة الفروق بين هذه الأنواع من الاستثمار لأنها هي التي تؤثر في اتخاذ قـرار الاستثمار واختيار الوسيلة المناسبة لذلك.
ولسنوات عديدة فإن الاستثمار في العقارات كان ينظر إليه على أنه جنة الله في أرضه، وبه يمكن تحقيق أقصى قدر من الأرباح.
وعلى الرغم من صحة هذه النظرة إلى حد كبير إلا أنه وفي حقيقة الحال فإن بعض الاستثمارات العقارية تعرضت لكثير من العقبات والانهيارات مما لحق بأضرار كبيرة على المستثمرين بها لاختياراتهم غير الموفقة لعقاراتهم أو لطريقة إدارة تلك الأملاك أو لوقوعهم في تقديرات خاطئة أدت بهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة بطبيعة الحال .
حيث تغيرت كثير من الأمور فيما يتعلق بالاستثمار العقاري ودخلت على السوق كثير من المنتجات التي لم تكن معروفة بالسابق مما جعل الاستثمار العقاري كغيره من أنواع الاستثمار التي تحمل معه شيئاًمن المجازفة.
ولكن كيف لنا أن نحكم على الاستثمار العقاري بأنه استثمار غير ناجح في ظل وجود إيراد سنوي متجدد للعقار؟
إنه ببساطة مقارنة الدخل المتأتي من العقار بالفرص الأخرى الموجودة في المحيط الاستثماري وهو ما يسمى لدى الاقتصاديين بالفرصة البديلة أي "ماهو مقدار الربح الممكن الحصول عليه لو تم استثمار نفس رأس المال في نشاط آخر؟
ولكن بالنظر في هذه النظرية بشكل أدق فإن هذه النظرية لا يمكن تعميمها على الاقتصاد بشكل عام حيث يختلف الأفراد بنظرتهم للاستثمار ومقاصدهم منه وحاجتهم إليه.
إلا أنه يمكن الاستفادة من هذه النظرية وتحويرها إلى الآتي:" ماهو مقدار الربح الممكن الحصول عليه لو تم استثمار نفس رأس المال في نفس المجال العقاري ولكن بشكل مختلف؟
وهنا يمكن حصر الاستثمار في نفس المجال ولكن توجيهه بشكل مختلف حيث إنه إذا قرر شخص التوجه إلى الاستثمار بالعقارات وعوائد الدخل بالممتلكات بنفسه، فليعلم أنه بحاجة إلى مستشار متخصص إلى جانبه, فالمهنية الحقيقية هي وحدها التي ستكون قادرة على تحديد أكثر الفرص جاذبية وفائدة في معظم الصفقات, ناهيك عندما تظهر مجموعة كاملة من الفرص العقارية التي لا يمكن للأفراد اغتنامها نظراً لكبر هذه الصفقات وحاجتها إلى المزيد من الأموال, وكذلك الحال في الصفقات التي تحتوي على إجراءات مختلفة عن صفقات الشراء المباشر كالصفقات التي تحتوي على رهون عقارية وقروض طويلة وقصيرة الأجل وشراء العقارات بالتقسيط والاستثمار بحق الانتفاع وغيرها, فكل واحدة من هذه الاستثمارات العقارية له عديد من الامتيازات والإجراءات الخاصة به وفقاً للغاية المرجوة منه .
وفي سوق ضخم وواعد يجتذب معه مئات الملايين من الريالات كل عام لا بد للمستثمر أن يسأل نفسه عن موضعه الحالي من كل هذه النهضة العقارية التي تعيشها البلاد؟
فهل في مقدوره فعلاً أن يحقق أعلى عائد على استثماره العقاري, وهل هو قادر على حماية نفسه من أي تقلبات في أسعار العقارات أو التشريعات المختصة به, وهل هو قادر على الاستفادة من الفرص الهائلة التي تنشأ وتتجدد يومياً؟
فالعقارات في العموم توفر عادة مزيدا من الفرص الاستثمارية أكثر من أي نوع آخر من الاستثمار.
ويمكننا تعريف المستشار المتخصص على أنه الجهة التي تملك الخبرة والدراية والإمكانيات اللازمة لتحقيق أعلى الأهداف المتعلقة بالاستثمار.
وتختلف هذه الجهات وتتطور حسب تطور التشريعات والأنظمة المعمول بها وتطور الحياة الاقتصادية ككل لتشمل المساهمات العقارية وشركات التطوير العقاري وشركات التسويق والتثمين والصناديق العقارية والمكاتب العقارية والأفراد أصحاب الخبرة في هذا المجال.
وفي واقعنا الحالي فإن شركات التطوير العقاري والصناديق العقارية تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا المجال نظراً لما تتمتع به هذه الجهات بعدة مميزات من أهمها: قدرتها على البحث وشراء العقارات الأكثر ربحية, قدرتها على فهم وتدبير التمويل العقاري اللازم, قدرتها على التفاوض بشأن الصفقات العقارية المربحة, ما توفره هذه الجهات من إمكانية دخول وخروج المستثمرين من الاستثمار بسرعة وانسيابية تامة, الاستفادة القصوى من الزيادة الكبيرة في أسعار الممتلكات العقارية, القدرة التامة على إدارة العقارات بشكل محترف.
فما أجمل أن ينعم المستثمر بممارسة استثماره في بيئة آمنة مع خبراء يمنحونه الوصول إلى سوق العقارات بشكل أفضل مما لو فعل ذلك بنفسه.
ولكن يبقى السؤال الأهم هنا: هل تستطيع شركات التطوير العقاري والصناديق العقارية الناشئة في السوق المحلية القيام بالدور الريادي الذي من المفترض أن تقوم به.