المصرفية الإسلامية وتحديات معايير بازل«I و II»
مخلال هذه الأيام يسعى مجلس الخدمات المالية الإسلامية من العاصمة الماليزية كوالالمبور تفعيل المصرفية الإسلامية في الأسواق العالمية وتطوير صناعتها المالية والمصرفية؛ لتواكب تطورات البنوك التقليدية والارتقاء بها نحو العالمية في مواجهة التحديات العظيمة في ظل تطبيق معايير بازل ( IوII) الدولية التي وضعت أصلاً للبنوك التجارية، وأصبحت من القضايا المهمة التي تحاول المصارف الإسلامية الانسجام مع أنظمتها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
هذه المعايير تهدف إلى تخفيض المخاطر وتعزيز أنظمة الإدارة في المؤسسات المالية والمصرفية وتحسين مستوى ودقة البيانات القياسية للمخاطر الاستثمارية والتجارية، وقد وضعت معايير بازل ( I وII) لكفاية رأس المال، بمعنى أن المصارف عليها رفع أموالها الخاصة إلى نسبة ملاءة تعادل في حدها الأدنى ( 8 في المئة) من المخاطر الاستثمارية، ونتيجة لما تعانيه المصرفية الإسلامية من صعوبة في تطبيق معايير بازل (I و II ) (ذلك لأن طبيعة عمل المصارف الإسلامية تختلف عن طبيعة عمل البنوك التقليدية من حيث التمويل والمنتجات والودائع ونوعية صناديق الاستثمار وغيرها من الخدمات الإسلامية)، وفقد قامت الكثير من الدول الإسلامية بالبحث عن معايير بديلة ومشابهة لمعايير بازل (I و II ) وتم الاتفاق من جانب الدول الإسلامية على إيجاد وإنشاء معايير في مجلس الخدمات المالية الإسلامية في دولة ماليزيا الإسلامية تسمى معايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية للمصرفية الإسلامية، ويرمز لها بالآتي (IFSB) لتشكل المعايير المكافئة والمساوية لمعايير بازل (I و II ) العالمية. وقد أصدر المجلس حتى الآن سبعة معايير، منها كفاية رأس المال والمخاطر، وحوكمة الشركات.
الحاجة إلى تبني معايير (IFSB) للمؤسسات المالية والمصارف الإسلامية بمستوى ما تقوم به البنوك التقليدية يؤدي إلى الاستقرار المالي، حيث تساهم معايير (IFSB) في التعرف على مخاطر التمويل الإسلامي وملاءة رأس المال والحوكمة والإشراف والإفصاح والشفافية والانضباط في الأسواق المالية العالمية، وفصل التجارة عن الوساطة المالية وتعزيز الإشراف على المخاطر التشغيلية وإدارة مخاطر السيولة للمؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية، وتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية.
#2#
إن الهدف من قرارات بازل (I و II ) الصادرة عن لجنة بازل المنبثقة من بنك التسويات الدولي في مدينة بازل (سويسرا) هو تحذير البنوك التقليدية من مواجهة أي مخاطر مستقبلية؛ لذا فعلى المصارف الإسلامية الالتزام بمعايير (IFSB) حتى يتسنى لها تطبيق معايير بازل (I و II ) في المستقبل القريب للحفاظ على أمول العملاء ومدخراتهم في المصارف الإسلامية، والحفاظ على متانة الاقتصاد الإسلامي وسلامته.
كما يجب على المصارف الإسلامية أن تواجه المخاطر التي يمكن أن تنتج من التوسعات المصرفية الإسلامية التي لم تعد اليوم مقتصرة على تقديم الخدمات المصرفية العادية فقط، بل تعدتها لتشمل جميع المنتجات والاستثمارات المصرفية الإسلامية وعليها متابعة رأس مال المصرف الإسلامي لإبعاد المخاطر التي قد يواجهها المصرف، وذلك بسعي من أعضاء مجلس الإدارة لحماية ودائع العملاء في المصارف الإسلامية والحرص على استثمار الأموال المودعة بطريقة شرعية إسلامية والاهتمام بالهيئات الشرعية التي تضبط العمل المصرفي الإسلامي الشرعي على جميع المستويات (العربي والإسلامي والعالمي).
وعلى هذه المصارف توحيد هذه المعايير المصرفية من خلال التنسيق بين المصارف الإسلامية والهيئات الشرعية؛ حتى يتم بناء معايير موحّدة للعمل المصرفي الإسلامي على مستوى العالم، وتشجيع المصارف الإسلامية على استثمار أموالها بطرق شرعية آمنة وسليمة للحفاظ على أسس قوية لتفادي أي خسائر مستقبلية من جراء حصول أي مخاطر تعيق العمل المصرفي الإسلامي، ولسلامة القطاع المصرفي الإسلامي يجب الحرص على الحوكمة والشفافية المصرفية والعمل بالأساليب المحاسبية والمالية والإدارية.
ومن أهم المعلومات التي يجب الإفصاح عنها القوائم المالية الخاصة بالمراجعة الداخلية وطرق اختيار الأساليب المحاسبية السليمة لتحقيق أهداف المصرف المستقبلية، وهو ما يلقى بمسؤولية كبيرة على عاتق أعضاء مجلس الإدارة، حيث أقرت لجنة بازل (I و II ) مبادئ الحوكمة في المصارف بحيث يكون أعضاء مجلس الإدارة مؤهلين وعلى معرفة بالحوكمة والقدرة على إدارة العمل المصرفي الإسلامي بنجاح؛ وذلك للاطمئنان على سلامة المصرفية الإسلامية وتوفير الحماية لموجودات وحقوق عملاء المصارف الإسلامية وتشجيع الالتزام بقرارات مجلس الخدمات المالية الإسلامية(IFSB) والسعي إلى إيجاد أفضل السبل للاستفادة من معايير بازل I)وII ) وتطوير النظام المصرفي الإسلامي ليواكب التغييرات الاقتصادية والمالية مع المحافظة على أسسه الشرعية بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية في جميع المعاملات المصرفية .
*مستشار مالي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية