فشل مصرفي آخر كان متوقعا «2 من 3»

رغم أن التكنولوجيات الجديدة لم تغير أساسيات العمل المصرفي، فإنها زادت من مخاطر التهافت على البنوك لاسترداد الودائع. لقد أصبح سحب الأموال أسهل كثيرا مما كان عليه الأمر في السابق، كما تعمل وسائط التواصل الاجتماعي على تأجيج الشائعات التي قد تحفز موجة من عمليات سحب الودائع المتزامنة، "وإن كان بنك سيليكون فالي لم يستجب ببساطة، حسب التقارير، لأوامر تحويل الأموال إلى الخارج، الأمر الذي أدى إلى إيجاد ما قد يكون كابوسا قانونيا".
وفقا للتقارير، لم يكن سقوط بنك سيليكون فالي راجعا إلى ذلك النوع من ممارسات الإقراض الرديئة التي أدت إلى اندلاع أزمة 2008، التي تمثل إخفاقا جوهريا في أداء البنوك لدورها المركزي في تخصيص الائتمان. بدلا من ذلك، كان الأمر أكثر ابتذالا، ذلك أن كل البنوك تنخرط في عملية "تحويل الآجال"، التي تجعل الودائع قصيرة الأجل متاحة للاستثمار طويل الأجل. وقد اشترى بنك سيليكون فالي سندات طويلة الأجل، ما عرض المؤسسة للمخاطر عندما تغيرت منحنيات العائد بشكل كبير.
تعمل التكنولوجيات الجديدة أيضا على جعل حد التأمين على الودائع الفيدرالية السابق "250 ألف دولار" يبدو سخيفا، إذ تنخرط بعض الشركات في المراجحة التنظيمية عن طريق تشتيت الأموال على عدد كبير من البنوك. من الجنون أن نكافئ هذه الشركات على حساب أولئك الذين ائتمنوا الهيئات التنظيمية على أداء وظيفتها. بماذا ينبئنا هذا عن بلد حيث يـسـقـط أولئك الذين يعملون بجد ويقدمون منتجات جديدة يحتاج إليها الناس لمجرد أن النظام المصرفي يخذلهم؟ الواقع أن النظام المصرفي الآمن والسليم شرط لا غنى عنه للاقتصاد الحديث، ومع ذلك نجد أن النظام في أمريكا لا يلهم الناس الثقة حقا.
في تغريدة على موقع تويتر قال باري ريتولتز، "تماما كما لا يوجد ملحدون في الخنادق، فلا يوجد مؤمنون بالإرادة الحرة أثناء الأزمات المالية". على نحو مفاجئ، تحولت مجموعة من المتحاملين ضد القواعد والضوابط التنظيمية الحكومية إلى أبطال مدافعين عن إنقاذ الحكومة لبنك سيليكون فالي، تماما كما دعا الممولون وصناع السياسات الذين صمموا حملة إلغاء التنظيمات التي أدت إلى اندلاع أزمة 2008، إلى إنقاذ أولئك الذين تسببوا في إحداثها. "حتى إن لورنس سمرز، الذي قاد حملة إلغاء التنظيمات المالية بصفته وزيرا للخزانة الأمريكية في عهد الرئيس بيـل كلينتون، دعا هو أيضا إلى إنقاذ بنك سيليكون فالي ـ وهو أمر لافت للنظر بشدة بعد الموقف القوي الذي اتخذه ضد مساعدة الطلاب على تحمل أعباء الديون المستحقة عليهم".
الإجابة الآن هي ذاتها كما كانت قبل 15 عاما. يتعين على حاملي الأسهم والسندات، الذين استفادوا من سلوك الشركة المحفوف بالمخاطر، أن يتحملوا العواقب. لكن المودعين في بنك سيليكون فالي ـ الشركات والأسر التي ائتمنت الهيئات التنظيمية على أداء وظيفتها، كما طمأنت الجمهور مرارا وتكرارا على حرصها على ذلك ـ يجب أن يـعـوضوا بشكل كامل، سواء عند مستوى أعلى أو أقل من حد "التأمين" البالغ 250 ألف دولار... يتبع.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي