تساؤلات حول لغز أزمة سيليكون فالي «2 من 2»
تؤكد وجهة النظر الرابعة على سياسات الاقتصاد الكلي غير الحكيمة. لقد شجعت فترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة البنوك، مثل بنك سيليكون فالي، التي كانت تبذل جهودا كبيرة للحصول على العائدات على اكتساب السندات طويلة الأجل، وفي نهاية المطاف كان من الأمور الحتمية أن تتبع الإنفاق المتهور والمرتبط بالعجز موجة من التضخم كانت ضرورية للتخفيف من عبء ديون الحكومة، وبتعبير أدق قلل التضخم من عبء الديون من خلال إجبار الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة، ما تسبب في انهيار أسعار السندات، حيث تسبب ذلك في خسائر لحملة السندات بما في ذلك البنوك. والنتيجة تشبه إلى حد ما خاتمة رواية أجاثا كريستي، "جريمة قتل في قطار الشرق السريع"، لقد فعلها الجميع.
السؤال المطروح هو: ماذا نفعل حيال ذلك الآن، وفي حين يمكننا أن ندعو إلى وجود إدارة أفضل للبنوك، إلا أنه سيكون هناك دائما مديرو بنوك يفتقرون إلى الخبرة، وأعضاء مجالس إدارات مشتتون للغاية، بحيث لا يمكنهم توفير إشراف فاعل. يمكننا تمرير تشريع يسمح لمؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية باسترداد المكافآت المدفوعة لمديري البنوك الفاشلة. يمكننا إعادة النظر في قوانين المسؤولية المزدوجة التي تعود إلى القرن الـ19 عندما كان مساهمو البنك في مأزق لأكثر من مجرد القيمة الحالية لأصوله عندما يفلس.
يمكننا السعي إلى تثقيف المودعين بشكل أفضل. لكن عملاء بنك سيليكون فالي كانوا أفضل تعليما من غيرهم. الحقيقة هي أن عملاء البنوك بشكل عام وليس فقط رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحديثة مشغولون بالتفكير في أمور أخرى. إن من المؤكد أن فشل بنك سيليكون فالي كان بمنزلة جرس إنذار، لكن التاريخ يخبرنا بأنه عاجلا أم آجلا سيعود المودعون إلى النوم. إن الفكرة القائلة إن انضباط المودعين يمكن أن يكبح جماح المخاطرة المفرطة من قبل البنوك هي وهم، إن المودع العادي ليس محللا ائتمانيا، لذلك يجب ألا يتردد الكونجرس في رفع سقف الودائع المؤمن عليها على حسابات المعاملات.
وبالمثل، يمكننا دائما وضع سياسة اقتصادية كلية أفضل. ولكن بالنسبة إلى عديد ممن يجادلون الآن بأن السياسات النقدية والمالية أشعلت الأزمة المصرفية في آذار (مارس)، فإن هذا يتعلق بفهم الموضوع بشكل أفضل بعد حدوثه بالفعل. لا أحد يعتقد أن السلطات مستعدة أو ينبغي أن تكون مستعدة لإخضاع سياسات أسعار الفائدة والسياسات المالية -الموجهة حاليا إلى الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة وتوظيف مرتفع- حتى تتوافق مع مسعى وحيد يتمثل في الاستقرار المالي.
ويترتب على ذلك أن الحل الوحيد القابل للتطبيق هو تنظيم مصرفي أكثر فاعلية. يجادل البعض بأنه لا يمكن الوثوق بالجهات التنظيمية، وأن التنظيم لا يمكن أبدا أن يكون فاعلا، ويستحضرون بنك سيليكون فالي مثالا على ذلك. إن هذا الرأي الساخر هو في الواقع دعوة إلى اليأس، فطالما لدينا بنوك، سنعاني دائما من فشلها. بالنظر إلى هذا الواقع، تحتاج الجهات التنظيمية إلى استخلاص الدروس من كارثة بنك سيليكون فالي وتضمينها في إجراءاتها ومن ثم العودة إلى العمل.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2023.