بعد الرفع الأمريكي .. أسعار الفائدة خليجيا الأعلى في عقدين و3 دول عربية تتجاوز 18 %
بعد رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لأعلى مستوى منذ 2006 عند نحو 5.25 في المائة، مقارنة بنحو الصفر في آذار (مارس) من العام الماضي، بات يطبق 39 بنكا مركزيا حاليا أسعار فائدة على الودائع لمدة ليلة واحدة تتجاوز 10 في المائة، في محاولة لكبح جماح التضخم في أسعار السلع والخدمات، ولا سيما بعد الحرب الروسية - الأوكرانية.
ووفقا لتحليل وحدة التقارير في "الاقتصادية" استنادا إلى تصريحات جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي، فمن المرجح أن يكون الرفع الذي تم الأربعاء الماضي هو الأخير في سلسلة رفع أسعار الفائدة التي وصلت إلى عشر مرات متتالية، بينما من المستبعد التوجه لخفض الفائدة في المدى القريب، بل ستستمر مرتفعة لفترة ليست بالقليلة قبل بدء الخفض.
وبحسب بيانات البنوك المركزية للدول، وصندوق النقد والبنك الدوليين، تتصدر زيمبابوي، الأرجنتين، فنزويلا، وغانا أعلى دول العالم في أسعار الفائدة بـ150 في المائة، و91 في المائة، و59.3 في المائة و29.5 في المائة على التوالي.
وبين الـ39 دولة، التي تطبق أسعار فائدة أعلى من 10 في المائة، ثلاث دول عربية تتجاوز 18 في المائة، وهي السودان بفائدة 27.3 في المائة (الخامس عالميا)، اليمن 27 في المائة (السادس عالميا)، مصر 18.25 في المائة (الـ12 عالميا).
فيما تعد دول الخليج ضمن معدلات الفائدة المتوسطة عربيا، حيث تراوح بين 4 و6 في المائة لدى الدول الست، لكنها صعدت بعد الرفع الأخير لأعلى مستوياتها في أكثر من عقدين.
وتحذو البنوك المركزية الخليجية حذو "الفيدرالي الأمريكي" نظرا لربط عملاتها بالدولار، منعا لحدوث تقلبات في سعر الصرف أو هجرة رؤوس الأموال من دول الخليج في حال تخلفها عن مسايرة "الفيدرالي الأمريكي".
وتتجه الدول إلى رفع الفائدة لمواجهة التضخم أو ارتفاع الأسعار، كون رفع الفائدة على الودائع في البنوك يزيد إقبال الأشخاص على الإيداع، فيتم سحب السيولة من خارج القطاع المصرفي فيتراجع الإنفاق والطلب على الاستهلاك، وبالتالي ينخفض التضخم أو أسعار السلع والخدمات، كما يدعم ذلك سعر صرف العملة الوطنية.
أعلى المعدلات
وتصدرت زيمبابوي، الأرجنتين، فنزويلا، غانا، السودان، واليمن دول العالم، كأعلى معدلات لأسعار الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي لليلة واحدة، خلفها أوكرانيا 25 في المائة، مالاوي 22 في المائة، وباكستان 21 في المائة، لتكون تسع دول تطبق فائدة تتجاوز 20 في المائة.
وجاءت بعد ذلك سيراليون 18.75 في المائة، ثم مصر 18.25 في المائة، ونيجيريا وإيران 18 في المائة لكل منهما، وموزمبيق 17.25 في المائة، ثم أنجولا وهايتي 17 في المائة لكل منهما، وكازاخستان 16.75 في المائة، وسيريلانكا 15.5 في المائة، وليبيريا 15 في المائة، لتطبق 19 دولة أسعار فائدة تتجاوز 15 في المائة.
الفائدة عربيا
تصدرت اليمن والسودان ومصر أعلى معدلات الفائدة عربيا، تليها تونس وموريتانيا 8 في المائة لكل منهما، ثم لبنان 7.75 في المائة، بالتالي ست دول عربية تتجاوز الفائدة بها 7 في المائة.
أكبر اقتصادات العالم
فيما بلغ معدل الفائدة لدى أكبر اقتصادات العالم 5.25 في المائة في الولايات المتحدة و3.65 في المائة في الصين، واليابان - 0.1 في المائة، وألمانيا 3.5 في المائة، والهند 6.5 في المائة.
الفائدة في الخليج
بعد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة عشر مرات منذ مارس 2022 لتصل إلى نحو 5.25 في المائة منها أربع مرات متتالية بواقع 0.75 في المائة، تبع ذلك عدد من الدول الخليجية نتيجة لربط عملتها بالدولار أو سلة عملات بينها الدولار (في حالة الكويت).
وجاءت البحرين بأعلى أسعار فائدة بين دول الخليج بـ6 في المائة، ثم قطر وعمان والسعودية 5.75 في المائة لكل منها، ثم الإمارات 5.15 في المائة، وأخيرا الكويت 4 في المائة (علما بأن الكويت تربط عملتها بسلة عملات).
تاريخ الفائدة الأمريكية والتضخم
في الثالث من أيار (مايو) الجاري، رفع البنك المركزي الفيدرالي أسعار الفائدة 25 نقطة في عاشر رفع على التوالي منذ مارس 2022، لتصل أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى منذ عام 2006، لتبلغ نحو 5.25 في المائة لمواجهة التضخم الذي سجل 6.5 في المائة خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وكانت أدنى مستويات للفائدة الأمريكية سجلت في 2008 بالتزامن مع الأزمة المالية العالمية، وكذلك في 2020 مع أزمة كورونا، ما دفع الفيدرالي الأمريكي إلى خفضها لتراوح بين 0.0 و0.25 في المائة في المرتين لتحفيز النمو الاقتصادي المتضرر من الأزمتين.
أعلى أسعار فائدة أمريكية تاريخيا كان في 1980 و1981، عند 20 في المائة، وكان ذلك لمواجهة التضخم الذي بلغ مستوى تاريخيا أيضا عند 15 في المائة.
ونتج التضخم التاريخي في الولايات المتحدة عقب فك الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ربط الدولار بالذهب في 1970، ما رفع التضخم بسبب تقلبات العملة الأمريكية، ثم في 1973، حيث تم حظر إمدادات النفط من قبل دول "أوبك" عن الولايات المتحدة بعد حرب 1973، ما رفع أسعار السلع والمعادن بشكل كبير.
في الوقت ذاته، دخل الاقتصاد في ركود ما دفع الفيدرالي إلى خفض معدلات الفائدة، ما أدى بدوره إلى بلوغ التضخم 15 في المائة، وهنا اضطر "الفيدرالي" إلى رفع الفائدة لأعلى مستوياتها 20 في المائة لكبح جماح التضخم في 1980 وهو ما أدخل الاقتصاد في انكماش حينها.
الفائدة وكورونا
وخفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة مرتين في مارس 2020 من معدلها بين 1.5 في المائة و1.75 في المائة لتصل إلى بين 0.0 في المائة و0.25 في المائة لتحفيز الاقتصاد في مواجهة تداعيات كورونا.
لكن منذ مارس 2022 رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ثماني مرات لتصل مجددا إلى نطاق بين 4.5 و4.75 في المائة لمواجهة التضخم.
مفهوم الفائدة ولماذا يتم رفعها؟
سعر الفائدة هو السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات المصارف التجارية لمدة ليلة واحدة، ويترتب عليه سعر الفائدة على الودائع لدى البنوك العاملة في الدول.
وسعر الفائدة هو أداة رئيسة للبنوك المركزية لضبط السياسة النقدية للبلاد، حيث يرفع البنك المركزي الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد "زيادة أسعار السلع والخدمات".
وبالتالي ترتفع الفائدة على الودائع في البنوك فيزداد إقبال الأشخاص على الإيداع، فيتم سحب السيولة من خارج القطاع المصرفي فيتراجع الإنفاق والطلب على الاستهلاك، وبالتالي ينخفض التضخم، كما يدعم ذلك سعر صرف العملة الوطنية.
كذلك عندما يرتفع سعر الفائدة على القروض يرتفع سعر اقتراض الأموال فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم، والعكس في حالة الركود.
ومن سلبيات رفع سعر الفائدة، زيادة حركة الأموال الساخنة، التي تدخل في قطاعات غير إنتاجية كالبنوك، وتخوف المستثمرين من الدخول إلى السوق في ظل ارتفاع تكلفة الإقراض، ودفع كثير من الشركات إلى تأجيل توسعاتها وعدم القيام بمشاريع جديدة، وبالتالي تراجع معدلات الاقتراض من البنوك.
ومن السلبيات أيضا رفع العائد على أذون وسندات الخزينة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تفاقم الدين المحلي، إضافة إلى حجب أموال المستثمرين عن المساهمة في عمليات التنمية، بسبب زيادة أعباء تكلفة الإقراض على القطاع الخاص، فيتجه المستثمر المحلي إلى وضع الأموال في البنوك، لأنها أكثر جدوى وفائدة من استثمارها في أي شكل آخر، ما يضر بالنمو الاقتصادي.
وعادة ما تتأثر أسواق الأسهم سلبا برفع أسعار الفائدة، حيث تتسرب السيولة من الأسهم إلى الودائع البنكية بحثا عن الملاذ الآمن، إضافة إلى إحجام المستثمرين الذين يقترضون للمتاجرة في الأوراق المالية عن الاقتراض في ظل الفائدة المرتفعة.
وحدة التقارير الاقتصادية